دعا وزير الخارجية الاميركي ريكس تيلرسون في الرياض الاحد "الميليشيات الايرانية" الى مغادرة العراق مع اقتراب حسم المعركة مع تنظيم داعش، في دعوة تعكس سعي الولايات المتحدة الحثيث الى الحد من نفوذ طهران في الشرق الاوسط.

إيلاف - متابعة: جاءت الدعوة خلال مؤتمر صحافي مع نظيره السعودي عادل الجبير في ختام زيارة للرياض حضر خلالها حفل اطلاق مجلس تنسيقي بين السعودية والعراق الذي ينظر اليه على انه أحد أبرز حلفاء ايران في المنطقة.

توجه تيلرسون بعيد انتهاء زيارته الى الدوحة حيث ناقش مع المسؤولين القطريين الازمة الكبرى التي تعصف بالخليج، آملا في ان يعيد اطراف النزاع الدبلوماسي الى طاولة الحوار.

وقال تيلرسون "بالطبع هناك ميليشيات ايرانية. والان، بما ان المعركة ضد تنظيم داعش شارفت على نهايتها، فإن على تلك الميليشيات العودة الى موطنها. على جميع المقاتلين الاجانب العودة الى بلادهم". لكن تصريحات تيلرسون كانت موجهة أيضا إلى الحرس الثوري الإيراني وفيلق القدس، بحسب مسؤول أميركي رفيع.

وقال المسؤول الذي طلب عدم كشف اسمه ان "موقف الحكومة العراقية وموقف حكومتنا هو ان تكون هناك قوة امن عراقية واحدة مسؤولة امام الدولة العراقية". واضاف ان "ما سيحدث لقوات الحشد الشعبي هو اما العودة الى منازلهم او دمجهم في قوات الأمن العراقية".

وطالب وزير الخارجية الاميركي أيضا الدول والشركات الاوروبية التي تقيم "علاقات تجارية مع الحرس الثوري الايراني" بوقف هذه الاعمال، معتبرا ان هذه الدول والشركات "تواجه مخاطر كبيرة".

سرعان ما رد وزير خارجية ايران محمد جواد ظريف الذي يزور جنوب افريقيا قائلا "لسوء الحظ بعد سنوات عدة" فإنّ الولايات المتحدة "لا تريد (...) الاعتراف بأن إيران هي بالضبط مصدر الاستقرار والسلام ومكافحة الإرهاب في المنطقة".

تتمتع ايران، الخصم الاكبر للسعودية، بنفوذ كبير في بغداد منذ سقوط نظام الرئيس السابق صدام حسين على ايدي القوات الاميركية عام 2003. وتسعى الرياض الى مقارعة هذا النفوذ. كما كان اليمن، حيث تدعم طهران المتمردين الحوثيين ضد القوات الحكومية التي تدعمها الرياض، في صلب محادثات تيلرسون.

وتعمل السعودية ومن خلفها الولايات المتحدة على الحد من نفوذ ايران في المنطقة، خصوصا في ظل السياسة المتشددة التي يتبعها الرئيس الاميركي دونالد ترمب في مواجهة الجمهورية الاسلامية.

وكان ترمب أعلن قبل نحو عشرة ايام عقوبات "قاسية" جديدة ضد الحرس الثوري الايراني المتهم بـ "دعم الارهاب"، لكن لم يقرر رغم ذلك تصنيف هذه المجموعة ضمن "المنظمات الإرهابية".

آمال ضعيفة
وقبيل دعوته هذه، شارك تيلرسون في الاجتماع الاول لمجلس التنسيق السعودي العراقي الذي تأتي ولادته تتويجا لتقارب سعودي عراقي سياسي ودبلوماسي واقتصادي بدأ قبل أشهر بزيارات متبادلة رفيعة المستوى بعد قطيعة دامت نحو 27 عاما.

وقطعت السعودية علاقاتها مع العراق عقب اجتياح الرئيس العراقي السابق صدام حسين للكويت عام 1990. واستمر التوتر بين البلدين خصوصا خلال تولي نوري المالكي رئاسة الحكومة العراقية على مدى ثماني سنوات.

وسعى تيلرسون من خلال مشاركته في حفل التوقيع، الى اظهار قدرة الولايات المتحدة على التأثير في سياسات المنطقة في مواجهة نفوذ ايران.

والعلاقة مع طهران من بين أبرز اسباب مقاطعة السعودية ومعها دولة الامارات والبحرين ومصر لقطر منذ الخامس من يونيو الماضي، اضافة الى الاتهامات التي توجهها الدول الاربع للامارة الصغيرة بدعم "الارهاب"، وهو ما تنفيه الدوحة.

والتقى تيلرسون في الرياض موظفي السفارة الاميركية، ثم عقد اجتماعا مع العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز والتقى ولي العهد الامير محمد بن سلمان لمناقشة الازمة والعمل على اعادتها الى طاولة الحوار.

لكن تيلرسون اكد في مؤتمر صحافي في الدوحة انه "اثناء مقابلتي ولي العهد السعودي" في وقت سابق اليوم بالرياض "طلبت منه ان يبدا حوارا". واضاف "ليس هناك مؤشر قوي إلى استعداد الاطراف للحوار (...) ولا يمكن اجبار الناس على ان يتحادثوا ان كانوا غير مستعدين لذلك".

وتقيم قطر علاقات عسكرية وسياسية واقتصادية وثيقة مع الولايات المتحدة، كما انها تستضيف أكبر قاعدة جوية اميركية في المنطقة تنطلق منها الحملات ضد مواقع جماعات اسلامية متطرفة. وقال تيلرسون ايضا ان ايران باتت "المجال الجوي الوحيد المتاح لقطر" بسبب المقاطعة "وهذا مثال بسيط عما يثير قلقنا".

وكان تيلرسون الذي يعرف المنطقة بشكل جيد منذ ان كان رئيسا لمجلس ادارة المجموعة النفطية "اكسون-موبيل"، اخفق في يوليو الماضي في مهمة دبلوماسية اولى تخللها توقيع اتفاق لمكافحة "الارهاب" بين واشنطن والدوحة. 

بعيد جولته الخليجية، سيتوجه تيلرسون الى باكستان والهند في اول زيارة له الى جنوب آسيا منذ توليه مهامه في ادارة ترمب التي عرضت في اغسطس استراتيجيتها للنزاع في افغانستان.

وأفادت وزارة الخارجية الاميركية ان تيلرسون سيبحث في اسلام اباد مع عدد من القادة "الدور الاساسي لباكستان في إنجاح" هذه الاستراتيجية. وفي نيودلهي، سيحاول بحث "الشراكة الاستراتيجية" المعززة التي تريد الولايات المتحدة اقامتها مع الهند "للقرن المقبل".