بانغي: يزور الامين العام للامم المتحدة انطونيو غوتيريش الثلاثاء جمهورية افريقيا الوسطى حيث تضاعفت اعمال العنف في الاشهر الاخيرة في بعض المناطق وفي وقت توشك ان تجدد فيه مهمة قوة الامم المتحدة البالغ قوامها 12500 عنصر.

وقال غوتيريش في مقابلة مع وكالة فرانس برس واذاعة فرنسا الدولية "ان في وجودي في هذا اليوم مع قوات حفظ السلام في بيئة خطرة، بادرة تضامن".

وهذه الزيارة لجمهورية افريقيا الوسطى "الازمة المأساوية لكن منسية"، ستكون اول زيارة له لمهمة حفظ سلام منذ توليه مهامه في الاول من يناير 2017.

وتأتي في ظرف مالي دقيق للامم المتحدة مع ضغط كبير من الرئيس الاميركي دونالد ترامب من اجل اقتطاعات في ميزانية الامم المتحدة وبعض مهام حفظ السلام.

كما ستتزامن الزيارة مع "يوم الامم المتحدة" المعلن في 1947 والذي يؤرخ لبداية سريان ميثاق الامم المتحدة.

وبالنسبة لغوتيريش فان "مستوى معاناة الشعب (في جمهورية افريقيا الوسطى) ولكن ايضا المآسي التي يعانيها العاملون الانسانيون وقوات حفظ السلام، تستحق التضامن واهتماما اكبر".

ومن المقرر ان يصل الامين العام الى بانغي في ظرف أمني متوتر. ومع ان العاصمة لا يشملها الامر فان مجموعات مسلحة ومليشيات "دفاع ذاتي" استأنفت مواجهاتها في وسط البلاد وشمال غربها ما اوقع مئات القتلى بين السكان المدنيين الذين يستهدفون باستمرار.

زيارة بانغاسو

قتل 12 عنصرا من قوة الامم المتحدة منذ بداية 2017 (ستة منهم في مايو) خصوصا في بانغاسو التي يريد غوتيريش زيارتها لتكريمهم، بحسب ما علم من الامم المتحدة في بانغي.

وشهدت هذه المنطقة وخصوصا محور الينداو-بانغاسو، مواجهات ومجازر متكررة في الاسابيع الاخيرة اوقعت عشرات القتلى، بحسب ارقام لا تزال مؤقتة.

وزيارة غوتيريش لجمهورية افريقيا الوسطى قبل اسابيع من التمديد المرجح جدا لمهمة الامم المتحدة فيها المستمرة منذ 2014، تشكل رسالة سياسية قوية في وقت تتهاطل فيه الانتقادات لمهمة الامم المتحدة.

وتتهم مهام الامم المتحدة من مناوئيها ب "السلبية" واحيانا حتى ب "التواطؤ" في مواجهة المجموعات المسلحة، كما تتعرض لسيل من الاتهامات بالتورط في اعتداءات جنسية.

ففي يونيو 2017 اعيد اكثر من 600 جندي من الكونغو-برازافيل الى بلادهم اثر اتهامات بارتكاب اعتداءات جنسية واعمال تهريب مختلفة.

وفي 2016 اعيد 120 عنصرا كونغوليا الى بلادهم للسبب ذاته.

وقال غوتيريش الذي ترافقه في الزيارة جاين كونورس محامية حقوق الضحايا في الامم المتحدة، انه يريد ان يلتقي بضحايا الانتهاكات واسرهم.

وغوتيريش الذي كان تولى مهمة المفوض الاعلى لشؤون اللاجئين، يعرف جيدا جمهورية افريقيا الوسطى التي كان زارها مرارا.

عدم الافلات من العقاب؟

وسيطلب من الامين العام بالتأكيد ان يعلن موقفه من "علامات التحذير من ابادة جماعية" التي كان اشار اليها في نهاية آب/اغسطس 2017 مساعده للشؤون الاجتماعية ستيفان اوبريان لكن نفاها لاحقا اداما ديينغ المستشار الخاص للامم المتحدة للتوقي من الابادة. واشار هذا الاخير الى "مؤشرات" يمكن "ان تؤدي (..) اذا لم تتم السيطرة عليها الى جرائم ابادة".

وفي بانغي تبدو هذه الزيارة مرتقبة كثيرا. ويقول ريجيس النازح من شرق البلاد "يجب على القبعات الزرق ان يساعدونا اكثر وان يكونوا حاضرين اكثر، يجب ان يخبرهم الامين العام" بذلك.

ولم يتمكن الرئيس فوستين ارشاجنغي تواديرا الذي يحكم البلاد منذ عام وكان انتخابه في 2016 موضع دعم كامل من الامم المتحدة وفرنسا اثار موجة امل، من بسط سلطة الدولة.

واثار قراره بدمج ممثلي المجموعات المسلحة ضمن الحكومة رغم وعد ب "عدالة صارمة"، شكوكا في وقت يتفق فيه الجميع على ان هذه المجموعات هي ابرز المسؤولين عن اعمال العنف.

وتدعو الامم المتحدة الى عدم التسامح التام او الافلات من العقاب، بالنسبة لمرتكبي الجرائم في جمهورية افريقيا الوسطى. وتحاول مهمة الامم المتحدة تطبيق برنامج نزع اسلحة عناصر المجموعات المسلحة.

وفي تقرير قدم للامم المتحدة طلب الامين العام ارسال 900 عنصر اضافي الى جمهورية افريقيا الوسطى.

لكن جنديا في القوة الافريقية في مهمة الامم المتحدة راى انه "ليس الكمية التي يجب زيادتها بل النوعية".

في الاثناء رفض ثلاثة من الرموز الدينية في البلاد هم الكاردينال ديودوني نزابالاينغا والامام عمر كوبين لياما والقس نيكولا غيركوياميني-غبانغو في مقابلة مع فرانس برس ان يكون النزاع القائم في جمهورية افريقيا الوسطى منذ 2013، دينيا.

وقال الامام عمر انه تم استخدام العامل الديني "فقط لغايات سياسية ومن اجل النهب وللاستيلاء على الثروات الباطنية (..) النزاع ليس دينيا".

واضاف "المسيحيون والمسلمون يتواجدون معا في مخيم النازحين .. اذا كانت حقا حربا دينية، كيف يكونون معا في المكان ذاته؟".

 من جهته قال نزابالاينغا "ان مستوى التعليم له دور مهم" في اعمال العنف مضيفا "هناك مواطنون مسلمون لكن بعض الناس يقولون انه عليهم ان يعودوا الى السودان وتشاد لانهم اجانب" بسبب ديانتهم. والمسلحون الذين يستخدمون هذا التبرير "تم التغرير بهم".