طوكيو: تعهد رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي الاثنين العمل مع الولايات المتحدة والصين وروسيا لكبح التهديد النووي لكوريا الشمالية باعتماد "دبلوماسية قوية وحازمة" بعد تحقيقه فوزا ساحقا في الانتخابات التشريعية المبكرة التي جرت الاحد.

وبعيد الاعلان عن فوزه بغالبية الثلثين التي تخوله اعادة النظر بالدستور السلمي لليابان، المشروع الذي كان يحلم به منذ زمن، تعهد آبي بناء "توافق وطني" حول هذه المسألة التي تثير الانقسام بين اليابانيين.

وقال آبي في خطاب امام مناصريه، انه "سيعزز التعاون الوثيق" مع الرئيس الاميركي دونالد ترامب حول كوريا الشمالية لدى زيارة الاخير لليابان الشهر المقبل على ان يناقش هذه المسألة مع قادة الصين وروسيا.

وقال آبي الذي يبلغ 63 عاما "اجدد التزامي حماية ارواح الشعب والعيش بسلام، مهما حصل".

وهيمنت الأزمة الدولية المرتبطة بكوريا الشمالية، التي هددت بـ"إغراق" اليابان على الحملة الانتخابية القصيرة التي استمرت 12 يوما فقط، والتي انتهت بفوز كبير لرئيس الوزراء.

وقال آبي "سنحل (ازمة) كوريا الشمالية، في مسائل الصواريخ والنووي والخطف بدبلوماسية قوية وحازمة"، في اشارة الى اعمال خطف ليابانيين نفذتها يبونغ يانغ في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي.

ويتجه التحالف الذي يتألف من الحزب الليبرالي الديموقراطي اليميني بقيادة آبي وحزب كوميتو (يمين الوسط) الى الفوز بـ 313 مقعدا في مجلس النواب بحسب محطة التلفزيون الرسمية "ان اتش كيه" ما يمنحه غالبية الثلثين في البرلمان.

وبذلك سيتمكن آبي من البقاء في السلطة لاطول فترة في رئاسة الحكومة اليابانية، بعد فوزه بولاية جديدة على رأس حكومة ثالث اكبر اقتصاد في العالم، واحد الحلفاء الرئيسيين للولايات المتحدة.

وقال جيرالد كورتيس البروفسور في العلوم السياسية في جامعة كولومبيا الاميركية ان التهديدات الكورية الشمالية ساعدت التحالف الحاكم على الفوز لان "الناس خائفون" وصوتوا لمصلحة الموقف المتشدد لآبي.

بدوره قال لفرانس برس المتقاعد تسويوشي اوشيجيما الذي يبلغ 66 عاما "اصب تركيزي على مسألة الدفاع الوطني، لانني قلق حيال كوريا الشمالية. لذا اخترت الحزب الذي سيتعامل بحزم مع هذه المسألة".

بعض القلق من آبي

وفيما اقرت وسائل الاعلام المحلية بما وصفته فوزا ساحقا، عزا العديد من اليابانيين فوز آبي الى ضعف المعارضة وعدم فاعليتها داعين الى توخي الحذر.

وقالت صيحفة "نيكاي" اليومية "لم يعتقد الناخبون ان احزاب المعارضة قادرة على تشكيل حكومة... لقد اختاروا رئيس الوزراء آبي، الذي هو على الاقل افضل، حتى وان كانت لديهم بعض القلق حيال التحالف الحاكم".

بدورها كتبت صحيفة "أساهي" ان "آبي لم يعد قويا كما في السابق، هناك مؤشرات الى ان الناخبين يسعون الى تغيير في اوضاع، آبي هو الخيار الوحيد المقبول فيها".

وبحسب استطلاع الخروج من مراكز الاقتراع اجرته الاحد وكالة "كيودو" الاخبارية فان 51 بالمئة من الناخبين لا يثقون بآبي، مقابل 44 بالمئة منهم يعارضونهم الرأي.

وتحدى المقترعون في طوكيو الامطار الغزيرة والرياح العاتية للمشاركة في الانتخابات، الا ان التوقعات تشير الى ان معدل نسبة الاقتراع في مختلف انحاء البلاد سيتخطى بشكل طفيف ادنى نسبة مسجلة في تاريخ الانتخابات اليابانية، بفضل توجه المقترعين للادلاء باصواتهم باكرا لتفادي الاعصار "لان" الذي ضرب اليابان يوم الانتخابات.

وتلاشى الدعم لحزب "الأمل" الذي أسسته رئيسة بلدية طوكيو يوريكو كويكي قبل اسابيع فقط من اجراء الانتخابات، بعد دعاية واسعة حظي بها في البداية. وفاز الحزب بـ 49 مقعدا في مجلس النواب بحسب تقديرات "ان اتش كيه".

ومن باريس حيث تشارك في مؤتمر بيئي بصفتها ممثلة لاحدى اكبر مدن العالم قالت كويكي إن "النتيجة قاسية جدا" وانها تتحمل كامل المسؤولية عنها.

وتخطى الحزب الديموقراطي الدستوري (وسط-يسار) حزب كويكي بفوزه بـ55 مقعدا في مجلس النواب، بعيدا جدا عن تحالف آبي.

وقال لفرانس برس ناوتو نوناكا البروفسور في جامعة غاكوشوين في طوكيو "الناس مترددون حيال رئيس الوزراء آبي، ولكن الى من سيتجهون؟ ما من احد (سواه)".

نقاش دستوري معمق

وتعهد آبي الذي تعرض في السابق لانتقادات واتهامات بعدم احترام الناخبين، بمواجهة التحدي الذي فرضه فوزه الكاسح "بتواضع".

واعتمد آبي خطابا حذرا عقب صدور نتائج الانتخابات التشريعية، متعهدا عدم الاسراع لاستخدام غالبية الثلثين في البرلمان لطرح تعديل الدستور، في اشارة الى سعيه لحشد أكبر تاييد ممكن لهذا التعديل، والاستفاضة في النقاش حوله.

ويجب ان ينال اقتراح تعديل الدستور موافقة ثلثي الاعضاء في كل من المجلسين قبل ان يتم طرحه في استفتاء وطني. ويصبح التعديل نافذا اذا فاز باغلبية بسيطة في الاستفتاء.

وقال كورتيس "آبي يريد اعادة النظر بالدستور ولكننا نعلم انه صاحب فكر يميني وبراغماتي جدا في الوقت نفسه. واعتقد ان الواقعية البراغماتية ستمنعه من الدفع بقوة في هذه المسألة".

ويشدد العديد من الناخبين على ان الاقتصاد هو مصدر القلق الاكبر بالنسبة لهم. ولم تنجح السياسة الاقتصادية التي انتهجها آبي والتي تعتمد على سياسة نقدية شديدة المرونة وحجم انفاق كبير في اعادة اليابان الى رأس قائمة اكبر اقتصادات آسيا.

الا ان المستثمرون رحبوا بفوز آبي وارتفع مؤشر طوكيو 1,11 بالمئة، محققا ارتفاعه السادس عشر على التوالي في انجاز يسجل للمرة الاولى في تاريخه.