بغداد: تشكل مدينة القائم وبلدة راوة ومناطق أخرى مجاورة لها وواقعة بمحاذاة الحدود مع سوريا، آخر معقل لتنظيم داعش في العراق. وبدأت القوات العراقية فجر الخميس عملياتها العسكرية على هذا الجزء من الصحراء الرملية.

قبائل سنية

ويسيطر تنظيم داعش على هذه المناطق الممتدة على نهر الفرات في محافظة الأنبار في غرب العراق.

ورغم استعادة القوات العراقية لأكبر مدينتين في المحافظة، الفلوجة والرمادي، يبقى الهدف الأكبر بإمساك الحدود ومنع تسلل الجهاديين، وهو ما اعتبره المحلل في معهد واشطن لسياسات الشرق الأدنى مايكل نايتس "تحديا خطيرا" للقوات العراقية.

وإلى جانب القوات العراقية، تقاتل فصائل الحشد الشعبي التي تضم مجموعات غالبيتها شيعية مدعومة من إيران، إضافة إلى ما يطلق عليه اسم "الحشد العشائري" المؤلف من مقاتلين سنة.

وتضم قوات "الحشد العشائري" مقاتلين من أبناء العشائر والعائلات السنية المحلية التي يفوق نفوذها إجمالا نفوذ القوات الاتحادية في تلك المناطق.

في العام 2005، اضطر الأميركيون لخوض ثلاث معارك في شوارع القائم من أجل هزم المتطرفين الذين قدموا الى المنطقة من دول عربية عدة بهدف مواجهة الغزو الأميركي.

والقائم هي آخر بلدة قبل الحدود السورية ومحافظة دير الزور حيث يتعرض تنظيم داعش لهجمات من الجيش السوري المدعوم من الطيران الروسي من جهة، ومن تحالف عربي كردي مدعوم من الولايات المتحدة من جهة أخرى.

وبحسب مسؤول عسكري عراقي، يوجد "أكثر من 1500 جهادي" في منطقة القائم.

تهريب وحدود متفلتة

وتعد منطقة القائم 150 ألف نسمة، منهم 50 ألفا في مركز المدينة، يتحدرون من نحو ست قبائل عراقية سنية مهمة. ولا يعرف بالتحديد عدد السكان الحالي بعد حركة نزوح كثيفة شهدتها المنطقة خلال الاسابيع الاخيرة.

ولطالما كانت هذه المنطقة التي تبعد عشرات الكيلومترات عن الحدود السورية والممتدة على 600 كيلومتر، نقطة أساسية في عمليات التهريب بين البلدين. بعيد الغزو الأميركي للعراق في العام 2003، كانت القائم نقطة عبور للجهاديين الأجانب الآتين من سوريا.

ولم تنجح الحكومات العراقية المتعاقبة في بغداد في التعامل مع عمليات تهريب الأسلحة والسجائر والسلع الأخرى. وفي العام 2014، سيطر الجهاديون على المعبر وطرق التهريب. وقبل أيام عدة، أعلن الجيش العراقي أنه دمر مئات من ناقلات الوقود التي ينقلها الجهاديون بين العراق وسوريا.

وفي عهد الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين، كانت القائم مركزا لمصنع كيميائي ضخم يعالج اليورانيوم الخام في خدمة البرنامج النووي العراقي. وحولت الضربات الأميركية في العام 1991 ومن ثم عمليات التفتيش التي قامت بها الأمم المتحدة، مصدر الدخل الوحيد للمدينة إلى خراب.

معركة الصحراء

بعد تسعة أشهر من المعارك الضارية في شوارع الموصل، ثاني أكبر مدن العراق التي استعادتها القوات العراقية في تموز/يوليو، يبدو أن القتال في القائم وراوة سيكون مختلفا، إذ بدأت القوات بتركيب مدافعها في منطقة صخرية، وأقامت سواتر ليتخذ منها الرماة مواقع لهم.