تستضيف رئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماي، نظيرها الإسرائيلي في سياق ذكرى مئوية الوعد البريطاني الذي مهد الطريق لإنشاء إسرائيل.

وتأتي زيارة بنيامين نتنياهو في الذكرى المئوية لصدور وعد بلفور لدعم وطن قومي لليهود في فلسطين.

وينظر اليهود وإسرائيل إلى الوعد باعتباره خطوة مهمة جدا، بينما يراه الفلسطينيون ظلما تاريخيا حل بهم.

ورفضت بريطانيا مطالب دعتها إلى الاعتذار عما حدث، قائلة إنها فخورة بالدور الذي أدته.

ورفض زعيم حزب العمال، جيرمي كوربن، الذي ينتقد منذ فترة سياسة إسرائيل تجاه الفلسطينيين، دعوة لحضور حفل عشاء لرئيس الوزراء الإسرائيلي الخميس مع ماي، وتحضره نيابة عنه وزيرة الخارجية في حكومة الظل، إميلي ثورنبيري.

وتظاهر الفلسطينيون في الضفة الغربية المحتلة محتجين وقد لوح مئات منهم برايات سوداء، وهم يسيرون إلى المركز الثقافي البريطاني في مدينة رام الله.

وبينما تحتفي إسرائيل بصاحب الوعد، آرثر بلفور، إذ أطلقت اسمه على بعض الشوارع وعلى مدرسة في تل أبيب، يصف الفلسطينيون الوعد بأنه وعد من لا يملك.

وستحذر ماي خلال الحفل من استخدام انتقاد إسرائيل كغطاء لمعاداة السامية، بحسب الأجزاء التي كشف عنها من الخطاب.

وستقول "يوجد اليوم شكل جديد وخبيث من معاداة السامية، يستخدم انتقاد تصرفات الحكومة الإسرائيلية كتبرير مهين لرفض حق إسرائيل في الوجود. هذا أمر مقيت، ولن نقبل به".

وسيلتقي نتنياهو مع وزير الخارجية، بوريس جونسون، لإجراء محادثات منفصلة معه.

ويعد وعد بلفور مثيرا للخلاف بالنسبة إلى الفلسطينيين، الذين ينظرون إليه باعتباره سببا لمعاناتهم على مدى عقود، وحرمانهم من دولتهم على الأراضي التي أسست إسرائيل عليها.

لكن الحكومة البريطانية تقول إن هذا الانتقاد في غير محله.

مئة عام من الصراع بعد صدور وعد بلفور
BBC
مئة عام من الصراع بعد صدور وعد بلفور

وقال جونسون في وقت مبكر من هذا الأسبوع "إنني فخور بدور بريطانيا في إنشاء إسرائيل، وسوف تحيي حكومة جلالة الملكة مئوية وعد بلفور الخميس بهذه الروح".

وأضاف "لا أرى أي تناقض في أن أكون صديقا لإسرائيل، ومؤمنا بقدرها، وأن أكون في الوقت نفسه متأثرا جدا بمعاناة من تأثروا بميلادها وطردوا بسببه".

وقال مشيرا إلى مأساة الفلسطينيين إن "التحفظ القانوني الأساسي في وعد بلفور - الذي صيغ لحماية الطوائف الأخرى (غير اليهودية) - لم يلتفت بالكامل إليه".

وشكر نتنياهو - وهو يغادر إسرائيل الأربعاء متوجها إلى بريطانيا - الحكومة البريطانية، وقال إنه قد حان الوقت بالنسبة إلى الفلسطينيين ليتعايشوا مع الماضي.

وأضاف أن "الفلسطينيين يقولون إن وعد بلفور كان مأساة. وهو لم يكن مأساة. لأن المأساة هي رفضهم قبول هذا بعد 100 عام. آمل أن يغيروا موقفهم، لإنهم إن فعلوا ذلك فسيسيرون قُدما تجاه إحلال السلام بين شعبينا".

احتجاجات

وكان وعد الحكومة البريطانية - في 2 نوفمبر/تشرين الثاني 1917 - قد ورد في رسالة كتبها وزير خارجية بريطانيا آنذاك، آرثر بلفور، إلى اللورد والتر روثتشيلد، زعيم الجالية اليهودية في بريطانيا.

وقالت الرسالة إن الحكومة تنظر "بعين العطف إلى تأسيس وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين"، مادام لم يؤد ذلك إلى الإجحاف بالحقوق المدنية والدينية للجاليات غير اليهودية الموجودة".

وكان وعد بلفور أول اعتراف دولي تصدره قوة عالمية بحق الشعب اليهودي في وطن قومي في أرض أجدادهم، وشكّل أساس الانتداب البريطاني في فلسطين في عام 1920.

احتجاجات فلسطينية في مئوية الوعد
EPA
الفلسطينيون يقولون إن الوعد حرمهم من دولة لهم

لكن الاحتفال كان عامل انقسام، إذ خرج فلسطينيون في احتجاجات الخميس في القدس الشرقية، والضفة الغربية المحتلة، وغزة، ودعا نشطاء مناصرون للفلسطينيين إلى مسيرة كبيرة في لندن خلال نهاية الأسبوع.

وقالت القيادة الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة العام الماضي إنها تنوي رفع دعوى على الحكومة البريطانية لأن وعدها أدى إلى هجرة يهودية حاشدة "إلى فلسطين تضرر منها الفلسطينيون".

وقد زادت الهجرة اليهودية إلى فلسطين زيادة كبيرة في فترة ما بين الحربين العالميتين، بالرغم من فرض بريطانيا حدودا لها فيما بعد، عقب العنف الذي نشب بين اليهود والفلسطينيين.

وانتهى الانتداب البريطاني في 14 مايو/أيار 1948، وأعلن قادة اليهود في فلسطين استقلال دولة إسرائيل. وفر مئات الآلاف من الفلسطينيين، أو أجبروا على الفرار، من منازلهم بسبب الحرب بينهما.