قامت نقابة المحامين في لبنان في سنّ قانون للزواج المدني الاختياري، ورغم أن الخطوة تعتبر ضروررية وجريئة، إلا أنها قد تحتاج رحلة طويلة كي تُقر في مجلسي النواب والوزراء.

إيلاف من بيروت: إتخذت نقابة المحامين إجراءّ متقدمًا، كخطوة جديدة على طريق إقرار الزواج المدني. الجديد هو أن النقابة قدمت قانونًا جديدًا لزواج مدني اختياري يحدث على الأراضي اللبنانية، وهذا هو الحدث المهم في بيت المحامي.

القانون ليس جديدًا تمامًا، وبدأ العمل على المشروع في عهد النقيب جورج جريج عام 2014، وأنجزته لجنة مؤلفة من مجموعة محامين شباب مهتمين بالمسألة، بعد عمل طويل، تقدمت اللجنة به إلى مجلس نقابة المحامين في يونيو 2017، فنال موافقتها.

يتألف مشروع القانون من 101 مادة، وهو مستوحى من تشريعات حديثة لأنظمة علمانية، وبالاعتماد على مشاريع القوانين التي تمت صياغتها سابقًا في لبنان، وهو يراعي متطلبات الحداثة والعدالة، ويؤمّن المساواة بين الرجل والمرأة. 

في القانون المزمع، تولى صلاحية عقد الزواج للكاتب العدل، كما هو النهج في التشريعات الحديثة، وهو ينظم مختلف جوانب الزواج المدني وآثاره، ليكون قانونًا كاملًا، ولكن يبقى أن القانون المقترح، لم يحز بعد إلا موافقة نقابة المحامين، وبناء عليه، تنتظره رحلة طويلة كي يتم العمل به.

مضامين
يتحدث رئيس اللجنة التي صاغت قانون الزواج المدني الاختياري المحامي إبراهيم طرابلسي لـ"إيلاف" عن أبرز مضامين القانون فيقول إن نقابة المحامين كانت منطقية مع نفسها، وهي منذ العام 1951 تطالب بقانون للزواج المدني في لبنان، لكنها المرة الأولى التي تتقدم بقانون كهذا، والمجتمع، وربما السياسيون، قد يقولون إن في لبنان مشاكل أخرى يجب حلها غير التفكير بقانون للزواج المدني الاختياري في لبنان، ولكن كل الأحزاب بمختلف فئاتها تدعم هذا المشروع.

ويلفت طرابلسي إلى أن ما يهمّه كمحام التأكيد على دور النقابة في تشريع قانون للزواج المدني الاختياري وتقديمه للرأي العام.

عقبات دينية
هل تتوقعون أن يواجه مشروع القانون الجديد عقبات من رجال الدين في لبنان رغم أنه يبقى اختياريًا؟، يجيب طرابلسي إن العقبات موجودة وسنواجهها، ويبقى القول إنه قانونًا اختياريًا، ولا يلغي ما هو قائم، ويبقى مبنيًا على حرية اختيار الفرد، وليس إجباريًا، كما في سائر البلدان.

ما هو أهم ما يؤمّنه مشروع القانون الجديد بالنسبة إلى الزواج المدني الاختياري في لبنان؟، يلفت طرابلسي إلى أن الأهم يبقى في حفاظه على الخصوصيات اللبنانية، وتم الأخذ بعين الإعتبار مشكلة ذهاب اللبنانيين إلى الخارج للزواج مدنيًا، في تركيا وقبرص، وبرأي طرابلسي يبقى هذا الأمر انتهاكًا للحرية الشخصية في لبنان، فكيف نعترف به إذا حصل في الخارج مع تطبيق قوانين أجنبية، غريبة عن عاداتنا وتقاليدنا، من هنا كان من الضروري أن نقوم بهذا القانون الاختياري للزواج المدني في لبنان.

عن الرحلة التي تنتظر القانون الجديد بين مجلس النواب والوزراء، وهل يكتب أن يكون للبنان قانون للزواج المدني اختياري؟ يجيب طرابلسي نحن في بلد يتغنى بالديموقراطية، على القانون الجديد أن يسلك طريقه إلى مجلس النواب، ومع النقاش قد يمر القانون أو قد يسقط.

ليس قضية آنية
موضوع الزواج المدني في لبنان ليس قضية آنية أو مستحدثة، فقد اعترف بشرعيته خلال العام 1936 خلال الانتداب الفرنسي ولكن لم تقره الدولة اللبنانية قانونًا رسميًا، ولا يزال يثير كلما عرض على بساط البحث عاصفة من المناقشات والاجتهادات المتضاربة، وهذا ما دفع بمئات اللبنانيين إلى اللجوء إلى دول مجاورة تقره لعقد زواج لا يخضع لموجبات الطوائف اللبنانية المتعددة المحتكرة لقوانين الأحوال الشخصية، لذا أصبح التوجه إلى قبرص الحل الأسهل لكل من يرغب من اللبنانيين في عقد زواج مدني سريع التنفيذ وقليل التكاليف.

لكن المطلعين على موجبات هذا الزواج قلة، خاصة بالنسبة إلى مفاعيله المستقبلية، والتي تتناول بشكل محدد شؤون الطلاق والإرث.

اختلاف 
من جهة أخرى تختلف قوانين الزواج المدني وفق كل بلد، فما يطبّق في قبرص، لا يطبّق في فرنسا أو تركيا أو إيطاليا أو الولايات المتحدة الأميركية. 

ومثلًا يمنع القانون بشكل عام الطلاق قبل ثلاث سنوات من تاريخ عقد الزواج، إلا في حالات خاصة واستثنائية، كالخيانة الزوجية وضبط الزوج أو الزوجة بجرم الزنى المشهود، بينما تسمح القوانين الفرنسية للزوجين بالطلاق ساعة يشاءان. أما في إيطاليا فعلى الطلاق أن تسبقه فترة زمنية من الهجر.