لندن: بوجود دونالد ترمب في البيت الابيض، كانت بريطانيا تعتقد ان لديها حليفا لبناء مستقبلها بعد الخروج من الاتحاد الاوروبي، لكن تدخلاته في الشؤون العامة البريطانية وفي السياسة الخارجية للمملكة المتحدة ادت الى توتر "العلاقة المميزة" بين واشنطن ولندن.

وحملت دونالد ترمب الى السلطة موجة شعبوية طالت بريطانيا ايضا خلال التصويت على بريكست، ووعد الرئيس الاميركي بابرام اتفاق تجاري مع البريطانيين عند خروج بلدهم من التكتل الاوروبي.

وشكل هذا الوعد المناقض تماما لموقف سلفه باراك اوباما الذي حذر المملكة المتحدة من العواقب التجارية السلبية في حال خروجها من الاتحاد، مصدر ارتياح لمؤيدي بريكست.

غير أن انفصال الرئيس الاميركي في هذه الأثناء عن الاسرة الدولية في قضية الاتفاق النووي الايراني وحربه الكلامية مع كوريا الشمالية ورفضه لاتفاق باريس حول المناخ، كل ذلك أدى الى تراجع الآمال.

وقال براين كلاس من جامعة "لندن سكول اوف ايكونوميكس اند بوليتيكال ساينسز" (ال اس اي) ان "فكرة ان دونالد ترمب سيصل على حصان ابيض ويحل كل المشاكل التجارية البريطانية هي خرافة".

واضاف ان "المفاوضات التجارية ستستغرق سنوات وترمب يمضي وقته في قول اشياء ليس مقتنعا بها ولن تفضي الى اي نتيجة ابدا".

زيارة دولة مثيرة للجدل

وتابع كلاس ان "ترمب قد لا يفوز في الانتخابات الرئاسية في 2020 ويمكن الا يكون الشخص الذي ستتعامل معه المملكة المتحدة".

من جهة اخرى، سادت اجواء من التشنج العلاقات بين البلدين في ايلول/سبتمبر بعد القرار الاميركي فرض رسوم مضادة للإغراق مرتفعة على طائرات المجموعة الكندية بومباردييه بعد شكوى تقدمت بها منافستها بوينغ.

وبومباردييه هي واحدة من اكبر المجموعات التي تؤمن وظائف في ايرلندا الشمالية حيث يعمل فيها حوالى ثمانية آلاف موظف، اكثر من اربعة آلاف منهم في الصناعات الجوية.

وقال وزير الدفاع البريطاني السابق مايكل فالون ان هذا القرار "يمكن ان يضر بالعلاقات المستقبلية مع بوينغ" وينذر بالسوء في المفاوضات التجارية المقبلة.

ورأى راسل فوستر الخبير في السياسة الخارجية في جامعة "كينغز كوليدج" في لندن، في تصريح لوكالة فرانس برس انه "ما زال من الممكن التوصل الى اتفاق تجاري لكن لا يمكننا التكهن بما سيكون عليه".

واضاف ان "المؤشر الوحيد المتوفر لدينا هو ما حدث في ايرلندا الشمالية مع بوينغ وبومباردييه حيث يهدد موقف ترمب الذي لا يمكن التكهن به اربعة آلاف وظيفة".

وكانت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي اول زعيم اجنبي يستقبله ترمب في البيت الابيض في نهاية يناير الماضي، ودعته خلال ذلك اللقاء الى القيام بزيارة دولة، ما يتطلب تنظيم عدد كبير من المراسم التشريفية بينها استقباله من قبل الملكة اليزابيث الثانية في قصر باكنغهام.

لكن في يوم اللقاء بين ماي وترمب، احدث الرئيس الاميركي مفاجأة باعلانه منع مواطني سبع دول مسلمة من دخول الاراضي الاميركية في اجراء كان بين ضحاياه مواطنون بريطانيون مزدوجو الجنسية.

علاقة "أحادية الجانب"

بعد عريضة واحتجاجات عديدة ارجئت الزيارة الى 2018.

واثار دونالد ترمب أيضا استياء السلطات البريطانية بتغريداته حول الارهاب في بريطانيا. واثارت هجماته على رئيس بلدية لندن صديق خان، اول مسلم يشغل هذا المنصب في العاصمة البريطانية، استياء كبيرا إذ اتهمه بالتقليل من خطورة الهجمات.

لكن راسل فوستر رأى انه "بقدر ما يعتبر جزء كبير من النخبة ترمب مهرجا، يرى فيه الاشخاص المستاؤون والذين يشعرون بان النخبة تخلت عنهم، شخصية تتمتع بنفوذ كبير".

واشار فوستر الى ان "الامتيازات الاقتصادية والعسكرية التي تقدمها لنا الولايات المتحدة تتجاوز الى حد كبير الفوائد التي نقدمها للاميركيين". واضاف ان "العلاقة المميزة كانت دائما احادية الجانب".