نصر المجالي: مع توارد المعلومات عن انهيار تنظيم (داعش) في كل من العراق وسوريا وتوجيه ضربات قاصمة له في ليبيا ومناطق إفريقية، يظل السؤال الذي يقلق الخبراء وصناع القرار في مختلف العواصم المعنية بالحرب على الإرهاب: هل ينتهي التشدد بانتهاء داعش كتنظيم دموي، أم أنه سيتمدد بذات الأيدولوجية العقائدية تحت مسمى آخر.

كان سؤال استفتاء (إيلاف) في الأسبوع الماضي، تناول هذه القضية التي تحير العالم، وكان مضمون السؤال: هل يبشر انهيار داعش في سوريا والعراق بنهاية التيارات المتشددة في المنطقة؟.

المشاركون في الاستفتاء حسموا الأمر لصالح استمرار التيارات المتشددة في الإقليم، إذ صوت ما نسبته 73 % من المشاركين (1176) بلا، بينما رأت نسبة قليلة 27 % (433) أن التشدد سينتهي. 

التشدد مستمر 

مراقبون وخبراء في الحركات الإرهابية من جانبهم يرون أن التشدد مستمر، مشيرين إلى إنه رغم اقتراب نهاية (داعش) كتنظيم مسلح، لكن (داعش) الفكرة التي لها الكثير من المؤيدين في الشرق الاوسط وخارجه، بل واكثر من ذلك، فإنه يتمدد عسكريا في مناطق مثل شبه صحراء سيناء وفي اعماق ليبيا وجنوب هضبة الجولان وفي اعماق الصحراء في سوريا والعراق، مؤكدين أن "داعش الفكرة سيبقى معنا لسنوات طويلة".

لكن من جانب آخر يرى خبراء، كما يكتب أيال زيسر في (إسرائيل اليوم)، إنه يمكن أيضا أن يكون هناك بديل لداعش، منظمة لا تقل راديكالية يتم تأسيسها على انقاض سابقتها وتحاول الصعود بحكمة وفظاعة، "لقد انتهت القصة لكنها لم تُستكمل".

ويقول مراقبون إنه مع سقوط داعش في الموصل، وانهياره في سوريا، بل وانتهاء مشروع الإرهاب في الشرق الأوسط، ستكون لذلك ارتدادات لما حدث شبيهة بما حصل بعد الانسحاب السوفياتي من أفغانستان، بعد أن عاد المجاهدون إلى بلدانهم وتنامت حالات التطرف حتى الوصول للقاعدة، وهذه نقطة ستتم مناقشتها بعد التطرف إلى الجانب التالي.

القاعدة وداعش

وينبه هؤلاء إلى أنه على غرار إنشاء القاعدة، في 8 أبريل 2013 ولد تنظيم الدولة الإسلامية بعد مراحل من التطوير الذي بدأ مسيرته في سبتمبر 2003 تحت اسم جماعة التوحيد والجهاد وتحت قيادة أبي مصعب الزرقاوي، لكن هذه المرة تطور تنظيميًا وعسكريًا وسياسيًا، ومقومات دولة استطاع في غضون أشهر مد نفوذه من سوريا والعراق إلى معظم أرجاء العالم المتمثلة في تلك الجماعات التي أعلنت مبايعتها لخليفتهم أبي بكر البغدادي.

وكان داعش أعلن في تاريخ 29 يونيو 2014 عن الخلافة الإسلامية ومبايعة أبي بكر البغدادي خليفة المسلمين، وقال الناطق الرسمي باسم الدولة أبو محمد العدناني - قتل في غارة جوية في أغسطس 2016 أثناء مشاركته في إحدى المعارك بحلب بحسب ما أعلنته وكالة أعماق التابعة لداعش - "إنه تم إلغاء اسمي العراق والشام من مسمى الدولة، وإن مقاتليها أزالوا الحدود التي وصفها بالصنم، وإن الاسم الحالي سيُلغى ليحل بدلاً منه اسم الدولة الإسلامية فقط".

كان حلم البغدادي وأتباعه المقدر عددهم وقت إعلان اسم "دولة الخلافة" أربعة آلاف مقاتل بالدولة الواحدة، لكن تشددهم وتطرفهم ألب العالم ضدهم، واتفقت دول العالم التي لم تتفق يومًا على رأي واحد (السعودية وإيران مثلاً) على أنهم إرهاب ولا يمتون للإسلام بصلة.

واستغل هذا التنظيم الحرب الأهلية التي اندلعت في سوريا عقب انتفاضة شعبية تطالب الرئيس السوري بشار الأسد بالرحيل، لكنها اتخذت فيما بعد طابعًا قمعيًا وسرعان ما تحولت من ثورة سلمية إلى مسلحة، ودخلت الجماعات الجهادية إلى سوريا من كل الدول التي وجدت في سوريا أرضًا خصبة لزرع نبتة الخلافة الإسلامية من الشام.