أمر النائب العام المصري بحبس ليبي الجنسية لمدة 15 يوما على ذمة تحقيقات تجرى معه، بعد اتهامه بالاشتراك في الهجوم على قوات الشرطة المصرية، الذي شهدته منطقة الواحات في الصحراء الغربية في أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

وكان ستة عشر من رجال الشرطة المصرية قد قتلوا وأصيب آخرون إثر اشتباكات وقعت مع مسلحين في منطقة الكيلو 135 بطريق الواحات استمرت لساعات، وأسفرت أيضا عن مقتل وإصابة خمسة عشر مسلحا، حسب الداخلية المصرية.

ويواجه الشاب الليبي ويدعى، عبد الرحيم محمد المسماري، اتهامات بالقتل العمد مع سبق الإصرار بحق ضباط وأفراد الشرطة في طريق الواحات تنفيذا لـ"غرض إرهابي"، والشروع في القتل العمد تنفيذا لذات الغرض، وحيازة وإحراز أسلحة نارية وذخائر والانضمام إلى جماعة أسست على خلاف أحكام القانون والدستور تستهدف الاعتداء على أفراد القوات المسلحة والشرطة.

كما أمر النائب العام بحبس 14 متهما آخرين من المرتبطين بالتنظيم الذي قام بالهجوم في 20 أكتوبر الماضي، لمدة 15 يوما احتياطيا على ذمة التحقيقات ذاتها.

الهروب إلى ليبيا

وكانت السلطات المصرية قد كشفت الخميس عن هوية الشاب البالغ من العمر 25 عاما، والتي قالت إنه يتحدر من مدينة درنة الليبية.

وأشار بيان صادر عن وزارة الداخلية المصرية أن "المسماري تمكن من الفرار في أعقاب هجوم شنته قوات الأمن المصرية على مواقع لتمركز المجموعة المسلحة التي شاركت في هجوم الواحات بالصحراء الغربية، مما أسفر عن مقتل جميع أفراد المجموعة بمن فيهم قائدهم، وأنه كان يعتزم الهرب إلى ليبيا".

وأوضح البيان أن "المجموعة التي شاركت في الهجوم تم تشكيلها داخل الأراضي الليبية بقيادة ضابط سابق في الجيش المصري يدعى عماد الدين عبد الحميد، وأنها تسللت عبر الحدود لتؤسس معسكرا تدريبيا في الصحراء الغربية المصرية تمهيداً لتنفيذ سلسلة من العمليات العدائية الوشيكة تجاه دور العبادة المسيحية وبعض المنشآت الحيوية".

كما ألقت السلطات المصرية القبض على 29 شخصا قالت إن "المجموعة تمكنت من استقطابهم لتقديم الدعم اللوجستي لهم داخل مصر".

حوار تلفزيوني أم تحقيق

وكانت إحدى القنوات التلفزيونية المصرية المعروفة بقربها من السلطات قد بثت، مساء الخميس، لقاء مسجلا مع المسماري تحدث فيه عن تفاصيل هجوم الواحات، وقال إن جماعته تهدف لتكوين "خلافة إسلامية" في مصر.

وقال المسماري في المقابلة إنه انضم في عام 2014 إلى ما يعرف بـ"مجلس شورى المجاهدين" في مدينة درنة والمتأثر بفكر تنظيم القاعدة.

وفي عام 2015 التقى المسماري بعماد الدين عبد الحميد، المكنى بأبي حاتم، الذي أقنعه بالانضمام إلى مجموعته والتوجه إلى مصر بهدف "رفع الظلم عن المصريين"، على حد وصفه.

ولم يتضح مكان أو ظروف إجراء المقابلة التي أجراها الإعلامي المصري، عماد الدين أديب، المعروف بعلاقاته القوية مع السلطات في مصر.

وأثارت المقابلة في أعقاب بثها موجة من الانتقادات، حيث قال البعض إنها خالفت القواعد المهنية الإعلامية، وبدت أقرب للاستجواب من الحوار، نظرا لأنها أجريت أثناء احتجاز المسماري من قبل أجهزة الأمن المصرية.

فيما اعتبر آخرون أن المقابلة منحت المسماري منصة إعلامية للترويج لأفكار متطرفة.

سيارة محترقة في سيناء
Reuters

الكاتب الصحفي المصري، خالد البلشي، انتقد المقابلة وقال إنها بدت كنوع من الدعاية الإعلامية من جانب جهة "تتحكم بالأمور وتريد إرسال رسائل بعينها".

ويرى البلشي أن الرسالة المقصود توجيهها من خلال المقابلة هي انتصار الدولة المصرية على الإرهاب، غير أنها ربما تكون جلبت بغير قصد قدرا من التعاطف مع المسامري لدى عدد كبير من المشاهدين.

وأضاف أن المقابلة لم تلتزم بالمعايير المهنية. "هناك حقوق للمتهمين حتى وإن كانوا مجرمين أو إرهابيين، وأنت اعتديت على هذه الحقوق".

غير أن ياسر عبد العزيز، الباحث في مجال الإعلام، لم يتفق مع هذا الرأي. ويرى عبد العزيز أن الضوابط الإعلامية تقبل بوجود استثناءات في الأحداث ذات الأهمية الكبرى مثل حادث الواحات.

"القواعد التحريرية الصارمة توضع لغاية التعلم والاسترشاد، لكن كثيرا ما تكون هناك رخص أو مسوغات تسمح بتجاوز هذه القواعد".

ويعتبر عبد العزيز أن إجراء المقابلة كان خطوة إيجابية، حيث "ساعدت في تسليط الضوء على تكوين الجماعات المسلحة في مصر ومعرفة من يقف خلفها ويمولها".