إثر مطالبات قوى سنية عراقية بتأجيل الانتخابات البرلمانية العامة في البلاد بسبب تعرّض مناطقهم لخراب الحرب ضد داعش ونزوح أكثر من أربعة ملايين شخص منها، نصفهم يعيشون حاليًا في مخيمات، ما يعوق إجراءها في ظروف صالحة، فقد أكد كبار السياسيين العراقيين خلال الساعات الأخيرة تصميمهم على تنظيمها في موعدها المحدد في منتصف مايو 2018.

إيلاف: خلال تسلمه بطاقته الانتخابية، فقد أكد رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي أن "الانتخابات ستجري في موعدها الدستوري بخلاف ما يتحدث عنه عدد من السياسيين".. موضحًا أن مجلس الوزراء قد حدد موعد إجرائها، وأن البلد يسير بالطريق الصحيح.

وتسلم العبادي بطاقة الناخب من أحد مراكز الناخبين في بغداد، واستمع إلى شرح عن طبيعة التسجيل والإقبال من قبل المواطنين الذين حثهم على المشاركة في الانتخابات، كما قال مكتبه الإعلامي في بيان تابعته "إيلاف". ودعا المواطنين إلى مراجعة المراكز الانتخابية لتسلّم بطاقاتهم الانتخابية والمشاركة في الانتخابات. وأشار إلى أنه "بعد الانتهاء من داعش، هناك حملة لمحاربة الفساد الذي تتطلب تضافر جهود الجميع للقضاء عليه، مثلما قضينا على عصابات داعش الإرهابية".

وكان مجلس الوزراء العراقي قد صوّت في 31 من الشهر الماضي على إجراء الانتخابات البرلمانية في الخامس عشر من مايو عام 2018.

على الصعيد عينه، فقد شدد الرئيس العراقي فؤاد معصوم ونائبه نوري المالكي على ضرورة إجراء الانتخابات التشريعية المقبلة في موعدها المقرر. وخلال اجتماع في القصر الرئاسي في بغداد، فقد أشار الجانبان إلى ضرورة تعزيز الوحدة الوطنية ودعوة بغداد وأربيل إلى بدء حوار لإنهاء الأزمة الراهنة.. مؤكدين على ضرورة إجراء الانتخابات التشريعية المقبلة في موعدها المقرر، وأهمية تعزيز الثقة بين أطراف العملية السياسية على أساس التفاهم والمصارحة البناءة والتمسك بالدستور.

العبادي خلال إجراءات تسليمه بطاقته الانتخابية

من جانيه، دعا رئيس التحالف الشيعي عمّار الحكيم إلى جبهة وطنية داعمة لوحدة العراق، مشددًا على إجراء الانتخابات في موعدها المحدد، مبيّنًا حاجة العراق إلى قيادات وطنية ضمن قوائم انتخابية عابرة للمكونات تنتج منها حكومة غالبية وطنية.

مواقف سنية من الانتخابات 
يؤكد تحالف القوى الوطنية العراقية السنية أنه "لا اقتراع قبل عودة النازحين". وقال القيادي في التحالف أحمد المساري في بيان إن مجلس رئاسة تحالف القوى الوطنية يؤكد ضرورة عودة النازحين والمهجرين في المحافظات المحررة من دنس عصابات داعش إلى ديارهم، وتأمين الظروف الحياتية المناسبة قبل إجراء الانتخابات.

وأوضح أنه في حالة عدم تحقق تلك الشروط، فإن المحافظات المعنية لن تكون مؤهلة لخوض عملية انتخابية ديمقراطية صحيحة تؤدي إلى نتائج حقيقية في اختيار ممثليها. وتساءل قائلًا: "كيف نشارك في الانتخابات، وحواضننا الانتخابية في الخيام؟".

وخلال محاضرة ألقاها في معهد السلام في واشنطن الأربعاء الماضي، فقد أكد رئيس البرلمان العراقي القيادي في تحالف القوى السنية سليم الجبوري أنه "‏لا يمكن إجراء الانتخابات في وقتها، ما لم يتم توفير المستلزمات الضرورية لإنجاحها، مع أننا مع إجرائها في توقيتها الدستوري والقانوني".. مضيفًا أن "من أهم هذه المستلزمات هو إعادة النازحين وتحقيق الاستقرار لهم لضمان مشاركة أوسع لمكونات الشعب الذي عانى الكثير وقدم الكثير، ويستحق حياة أفضل توازي تلك التضحيات". 

من جهتها، أقرّت النائبة عن تحالف القوى السنية لقاء وردي بوجود حراك سياسي سني لتأجيل الانتخابات. وقالت في تصريح صحافي اليوم: "لدينا أسباب لتأجيل الانتخابات التشريعية المقبلة، وهي منطقية تنطلق من فلسفة الديمقراطية في العراق، وبالتالي عندما نطالب بالتأجيل فهذا ليس حزبيًا ولا مناطقيًا".

وأشارت إلى أن هناك آراء بدأت تعي ضرورة تأجيل الانتخابات.. وطالبت من أسمتهم بالشركاء السياسيين، في إشارة إلى الشيعة والأكراد، بأن يفهموا بأن الظروف الحالية في المحافظات المحررة خاصة الغربية السنية منها تختلف عن بقية محافظات البلاد، كاشفة عن وجود حراك سياسي سني كبير في اتجاه تأجيل الانتخابات، موضحة أن طلب التأجيل مقرّون بضرورة عودة النازحين من هذه المناطق، والذين بلغ عددهم 4 ملايين شخص، عاد منهم مليونان، وتوفير بيئة معيشية مطمئنة لهم.. وتساءلت قائلة "كيف أعطي النازح برنامجًا انتخابيًا، وهو في الخيمة يعيش ظروفًا نفسية لا تؤهله لخوض الانتخابات؟". 

مفوضية الانتخابات تبدأ باستقبال طلبات تسجيل التحالفات والاندماج 
تبدأ المفوضية العراقية العليا للانتخابات اليوم الأحد باستقبال طلبات تسجيل التحالفات والاندماج بين الأحزاب لخوض الانتخابات المقبلة.

وأوضح المدير العام لدائرة الأحزاب والتنظيمات السياسية في مفوضية الانتخابات سعد العبدلي في بيان صحافي أمس السبت أن دائرة الأحزاب والتنظيمات السياسية ستستقبل اعتبارًا من اليوم الأحد طلبات تسجيل التحالفات والاندماج للأحزاب السياسية، طبقًا لإجراءات التحالف رقم (2) لسنة 2017 وأحكام قانون الأحزاب والتنظيمات السياسية رقم (36) لسنة 2015".

وقد تم لحد الآن تسجيل 121 حزبًا لدى المفوضية لخوض الانتخابات المنتظرة، فيما أشار الخبير القانوني طارق حرب إلى أنه لا توجد دولة في العالم يبلغ عدد أحزابها 3% من عدد الأحزاب العراقية . 

ولفت إلى أن "سبب ذلك يكمن في أن قانون الأحزاب السياسية رقم (36) لسنة 2015 تساهل كثيرًا في تأسيس الأحزاب، كما إنه منح الأحزاب امتيازات كبيرة، إضافة إلى المنافع غير المنظورة التي يجنيها الحزب السياسي، والتي تصل أحيانًا إلى حد الابتزاز، خاصة بالنسبة إلى الأحزاب الأخرى، ولموقع الحزب إعلاميًا وشخصيًا، حيث يقدم فلان على أنه رئيس الحزب الفلاني، ويقدم أيضًا اعلان على أنه أمين عام الحزب، في حين أنه لا يساوي هو وحزبه "شروى نقير" في الواقع الشعبي"، حسب تعبيره.

وشدد على ضرورة أن "يتولى البرلمان وضع شروط وقيود أمام تأسيس الأحزاب، ذلك أن عدد الأحزاب لدينا لا مثيل له في جميع العالم، بشرقه وغربه وشماله، وكان لا بد من وضع أحكام وقواعد تتضمن جدية تأسيس الأحزاب وجدية المشاركة في الانتخابات وجدية العمل السياسي".