نصر المجالي: أكد مسؤول أردني كبير أهمية ومتانة العلاقات الاخوية الوثيقة بين المملكة الاردنية الهاشمية والامارات العربية المتحدة، مؤكدًا بلوغها مستويات متقدمة محافظة بذلك على زخمها التاريخي وفاتحة آفاقًا جديدة لمزيد من التعاون المثمر والبناء الذي يخدم مصلحة البلدين الشقيقين. 

وقال الدكتور محمد ابو حمور وزير المالية الأسبق ووزير الصناعة والتجارة الاسبق والأمين العام لمنتدى الفكر العربي خلال لقائه وفد كلية الدفاع الوطني الاماراتية برئاسة العميد الركن خالد القطان، يوم الأربعاء، إن العلاقات المبنية على المصالح المشتركة بين الاشقاء تشكل عامل استقرار في ظل الظروف التي يمر بها الاقليم. 

وأشار إلى أن هناك العديد من الاتفاقيات التي تربط بين البلدين الشقيقين وبتوجيهات قيادتي البلدين تتواصل الجهود لتطوير هذا التعاون ورفع مستواه واخر هذه الجهود تمثل في توقيع اثنتي عشرة مذكرة تفاهم واتفاقية في مختلف المجالات اواخر شهر اكتوبر الماضي اثناء اجتماعات اللجنة الوزارية الاردنية الاماراتية المشتركة.

وأشاد د.ابو حمور بالإنجازات التي استطاعت دولة الامارات ان تحققها خلال فترة زمنية قياسية، مما يؤكد حصافة القيادة وحسن ادارة المقومات وصولا الى تحقيق الانجازات، وعندما تحتفل الامارات بعيدها الوطني السادس والاربعين في الثاني من شهر يناير القادم يستطيع الابناء ان يطمئنوا الاباء المؤسسين بأنهم ساروا على الدرب وحققوا لشعب الامارات انجازات قل نظيرها، واصبحت مضربًا للأمثال ليس في المنطقة العربية فقط وانما على مستوى العالم أجمع.

الوفد الاماراتي وأمين منتدى الفكر العربي

منظومة الأمن

وبين د. ابو حمور ان الامن من اهم الاحتياجات البشرية وأشدها ضرورة بصفته مقومًا اساسيًا للحياة الانسانية، وقد شهد هذا المفهوم تطورا لافتا فقد توسع لتصبح هناك منظومة أمن وطني تشمل الامن السياسي والعسكري والاقتصادي والبيئي، اضافة الى الامن الاجتماعي والامن الثقافي. 

واشار الأمين العام لمنتدى الفكر العربي الى ان مفهوم الأمن الوطني بات يتصدر أجندات العديد من الدول ليس فقط بسبب التطورات الخارجية وانما ايضا بسبب الظروف الداخلية حيث بات هذا العنوان أكثر وضوحًا بعد الاحداث التي شهدتها المنطقة العربية، ولم يعد مفهوم الامن كما هو في السابق مقتصرًا على حماية الوطن عن طريق تطوير جيش قوي لحماية الحدود من التهديدات الخارجية وجهاز أمني للحفاظ على الأمن الداخلي ومكافحة التهديدات الخارجية. 

ونوه إلى أن التطورات المعاصرة أثبتت ان الجانب الاقتصادي يشكل جزءًا اساسيًا من الامن الوطني ، فالاقتصاد القوي هو ضمانة لاستقلالية القرار الوطني ، كما انه ضمانة ايضًا لمقدرة الحكومات على تزويد جيوشها واجهزتها الامنية بأحدث المعدات التكنولوجية التي اصبحت علامة فارقة بين اجهزة امنية وعسكرية كفوءة واخرى غير ذلك.

اضطرابات

وأوضح أبوحمور ان احداث السنوات الاخيرة في المنطقة العربية تؤكد بأن ما شهدناه من اضطرابات سياسية وعسكرية ما هو الا انعكاس لواقع اقتصادي لم يستطع ان يحقق طموحات وآمال الشعوب في الحياة الكريمة وفرص العمل المناسبة، فعادة ما يقال بأن الطبقة الوسطى في المجتمع هي ضمانة الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي. 

واشار إلى أنه كلما اتسعت الطبقة الوسطى في المجتمع، زاد الاستقرار في الاقتصاد إذ يكون قادرًا على النمو ومواجهة التحديات وعلى العكس كلما تقلصت الطبقة الوسطى هدد ذلك الأمن الاقتصادي والاجتماعي.

ونبّه إلى أن تآكل الطبقة الوسطى يعني تراجع الاستثمار وتراجع الانتاج وفرص العمل إذ إن هذه الطبقة هي التي تشكل النسبة الأكبر في الانتاج كما يعني تآكلها تراجع الطلب نتيجة تراجع الاستهلاك، ما يعني في النهاية تراجع النمو الاقتصادي بشكل عام. ولا يخفى بأن الفقر والبطالة بيئة ملائمة ومحفزة للجريمة وللفساد الاجتماعي والاقتصادي وبث روح الفرقة وشعور التهميش في المجتمع، لذلك فإن مكافحة البطالة التي هي اساس الفقر تعتبر مساهمة اساسية في الحفاظ على الامن الوطني. 

التجربة الأردنية

ونوه وزير المالية الأردني الأسبق إلى نجاح الأردن في المحافظة على استقراره وبناء قواعد متينة للنمو الاقتصادي على الرغم من الاضطرابات والنزاعات الاقليمية، حيث تعامل مع هذه الأزمات بحكمة وروية مكنتاه من بناء علاقات متوازنة مع كافة دول الجوار، و أصبح مركزاً إقليميًا يحظى بثقة المستثمرين و أصحاب الأعمال. 

ولا شك بأن الأردن وفي ظل قيادته الهاشمية الحكيمة قد استطاع بناء سياسات خارجية ثابتة ومواكبة لمتغيرات العصر، وبناء المقومات الأساسية لأنظمة داخلية ترتكز على المشاركة الواسعة لسائر القطاعات. ومنذ اعتلاء جلالة الملك عبد الله الثاني سدة الحكم، خطا الأردن خطوات كبيرة؛ حيث ازدهر الاقتصاد واتجه نحو الإنتاجية العالية والابتكار والتطوير المعرفي، واجتذب مناخ الثقة والاستقرار السياسي والمناخ الاقتصادي المنافس والعلاقات الدولية المميزة والاستثمارات المتنوعة من كل العالم.

الأمن والتنمية

وتوضيحًا للعلاقة بين الامن والتنمية، قال د.ابو حمور إن هذه العلاقة هي علاقة تبادلية جدلية إذ لا تنمية بلا أمن ولا أمن بلا تنمية ولا يمكن أن تنجح مشاريع تنموية في ظل الصراعات والنزاعات والحروب ، كما لا يعقل أن يعم الأمن في ظل غياب تنمية تلبي حاجات وطموحات المواطنين وترفع مستوى معيشتهم ويمكن القول إن الأمن والتنمية عنصران متلازمان، أي خلل في أحدهما ينعكس سلبًا على الآخر، وأي استقرار أو تطور فيهما ينعكس إيجابًا عليهما، فالأمن شرط أساسي للبناء الاقتصادي ومن دونه لا يمكن تأسيس اقتصاد مزدهر، ومن جانب آخر فإن الاقتصاد الذي ينمو بنسب جيدة ويخلق فرص عمل للمواطنين يعد وسيلة للحفاظ على الاستقرار وحافزًا لتعزيز الأمن.

وأكد أبو حمور ان التوزيع العادل لمكتسبات التنمية وسيادة القانون والبيئة التشريعية الملائمة، كل ذلك يولد شعورًا بالاطمئنان، وفي المقابل فإن ارتفاع معدلات الفقر والبطالة وما يصاحبها من احباطات نفسية تشكل بيئة خصبة للعنف والتطرف، ومن الصعب ان نعتبر الإجراءات الأمنية المحضة كافية لتحقيق الأهداف المتوخاة في ما يتعلق بالأمن الوطني، بل لابد من أن يرافقها أمن اقتصادي واجتماعي.

الأمن العسكري الاقتصادي

وقال: ونستطيع القول إن العلاقة بين الأمن بمفهومه العسكري وبين المفهوم الاقتصادي هي علاقة تبادلية بمعنى ان كل منهما يؤثر في الاخر، فتوفر الاستقرار السياسي والامني يجذب الاستثمارات ويساعد على نموها تمامًا، كما ان الازدهار الاقتصادي ينعكس في ترسيخ مفاهيم الامن الشامل بما في ذلك الامن الاجتماعي.

وفي الأخير، قال الأمين العام لمنتدى الفكر العربي من المفهوم أن تعزيز دور الاقتصاد في الحفاظ على الامن الوطني يتطلب ليس فقط بناء استراتيجيات ملائمة لمكافحة الفقر والبطالة، وانما ايضًا تشريعات ملائمة لمكافحة الفساد والمحسوبية، وضمان توزيع عادل للدخل يشمل كافة المناطق الجغرافية ، ويوفر الخدمات الاساسية للمواطنين بشكل كافٍ وملائم.

وفي نهاية اللقاء دار حوار موسع حول المواضيع المطروحة، وأجاب د.ابوحمور على اسئلة واستفسارات أعضاء الوفد الضيف.