ناقشت صحف عربية الموقف في سوريا بعد اجتماع القمة الأخير في مدينة سوتشي الروسية الذي جمع بين الرئيس فلاديمير بوتين، ونظيريه الإيراني، حسن روحاني، والتركي، رجب طيب أردوغان.

"اللعبة انتهت"

يصف محمد البيرق، في تشرين السورية، قمة سوتشي بأنها "دعوة مكتملة الأركان من حيث الزمان والأطراف للإعلان عن ولادة مسار سياسي جديد تكون فيه مخرجات سوتشي الخطوط العريضة لمؤتمر جنيف، حيث الطاولة للسيادة السورية تجمع الأطراف السورية في حوار وطني يعتمد نجاحه على إدراك المنصات المعارضة أن اللعبة انتهت، والوقت قد حان لوقف العنف وإلقاء الأسلحة للانخراط في حوار وطني يؤدي لتسوية سورية شاملة وتحديد قدرة هذه المنصات على الرجوع إلى جادة الصواب بالانخراط في العملية السياسية الملتزمة بسيادة الدولة السورية".

ويضيف الكاتب أن "مؤتمر الحوار الوطني سيكون بمنزلة عملية عصف فكري سوري نحن مستعدون للمشاركة فيه لأننا نؤمن بالحلّ السوري، لكن يبقى الاختبار للمنصات المشاركة على طاولة الحوار كاختبار كريكيت (المقصود ولاء المهاجرين الأجانب الذين يدعمون بلدانهم الأم ضد بلدهم الذي يعيشون فيه).. فهل سيكون ولاء تلك المعارضات مطلقاً للوطن الأم، أم إنها ستبقى مطيّة لأجندات هزمتها الإرادة السورية وباتت «قاب قوسين ومؤتمر» لتحقيق النصر والعمل لإعادة الإعمار؟"

ويرى عبد المنعم علي عيسى في الوطن السورية أن "التسوية الروسية الإيرانية التركية المعلن عنها في سوتشي تبدو وكأنها تملك الكثير من مقومات الاستمرار والديمومة، أقله في الظروف الراهنة، إذ لطالما يمكن لحظ بضعة مؤشرات تؤكد أن أموراً عديدة سوف تتغير بمجرد دخول التسوية السياسية مرحلة الحسم النهائية".

ويضيف الكاتب: "ربما من الجائز أن نقول إن الثغرة الرخوة التي تعاني منها تلك التسوية، تتمثل في الجدار التركي الذي يمثل إحدى أضلعها الثلاث، فأنقرة اليوم ترى أن التسوية السورية تأتي على حسابها أو أنها لا تحقق المرجو منها تركياً، لكنها على الرغم من ذلك ترى نفسها مضطرة للقبول بها على خلفية التجاهل الغربي والأميركي تحديداً، لها، فهي ما انفكت ترسل في ذلك الاتجاه إيماءة تلو الأخرى دون أن تلقى رداً ولو سلبياً على أي منها".

استعرض بوتين ووزير دفاعه مع الأسد الوضع العسكري في سوريا.
EPA
استعرض بوتين ووزير دفاعه مع الأسد الوضع العسكري في سوريا.

أما فهد الفانك فيقول، في الرأي الأردنية، إن اجتماع سوتشي "يقصد به البحث في مستقبل سوريا، وتقديم الحل النهائي الذي ينهي حالة الصراع الراهنة، ولا يترك للأطراف الاخرى أية خيارات".

ويضيف الكاتب أن "هذا المؤتمر الثلاثي سيكون أهم من كل قرارات مجلس الأمن ومقررات مؤتمرات جنيف المتلاحقة والتي تحمل أرقاماً متسلسلة من واحد إلى ما لا نهاية، لأنه يضم القوى الفاعلة داخل سوريا وإن بنسب مختلفة أكبرها روسيا وأصغرها تركيا. وإذا صح أن بوتين أخذ موافقة الأسد سلفاً على ما سيتم الاتفاق عليه، فمعنى ذلك أن نتوقع قرارات نهائية تعيد رسم الخريطة، وتؤكد انتهاء دور المنظمات الإرهابية التي عملت في سوريا سنوات طويلة".

مستقبل الأسد في السلطة

ويقول هادي اليامي، في الوطن السعودية، إن "اللقاء السري والمفاجئ الذي جمع الرئيس الروسي بالأسد في سوتشي قبل بدء القمة الثلاثية، والذي لم يتم الإعلان عنه إلا بعد انتهائه، بدأت تتضح حقيقة الهدف منه، وتكشفت أسراره، وبات أن الهدف الرئيسي منه هو إبلاغ الطاغية بأن أيامه في الحكم باتت معدودة، وأن المستقبل القريب سوف يشهد انزواءه من المشهد السياسي، غير مأسوف عليه".

ويضيف الكاتب "وإن كان البعض قد أبدى تخوفه وتشاؤمه من تصريحات الرئيس بوتين بأهمية وجود الأسد في المرحلة المقبلة، وأن الشعب السوري هو الذي يقرر مصيره، فهي تصريحات من الواضح أن الهدف منها محاولة حفظ كرامة الدكتاتور، وتسهيل خروج مناسب له يحفظ ما تبقى من ماء وجهه، على أن يبقى في السلطة بدون صلاحيات حقيقية، وتنتقل السلطات إلى الشرع الذي ستتركز مهمته في قيادة حكومة تمهد إلى إجراء انتخابات حرة ونزيهة بإشراف الأمم المتحدة".

ويقول غازي دحمان، في الحياة اللندنية، إن "بوتين استطاع تحويل كل ما يتعلق ببقاء الأسد ووجود إيران ومصير المهجرين والمعتقلين ومصير مناطق خفض التصعيد، إلى قضايا إشكالية لا يفيد طرحها الأن، وما يستحق العمل والاهتمام فقط هو أجندة مواعيد المؤتمرات الروسية حول سورية لأن فيها يكمن الحل".

ويتابع الكاتب قائلاً "إن جزءاً من الحقيقة مغيب تماماً، أو لم يستطع الكثيرون رؤيته، وهو أن بوتين يريد التصرف بسرعة لاستغلال انتصار قواته على الأرض ووضع الآخرين أمام الأمر الواقع، أي تهميش الدور الغربي واستغلال ضعف المعارضة السورية، وأن الرجل يخفي من الخوف والقلق أكثر بكثير مما يعتقد خصومه، فهو الأدرى والأعلم بإمكانات دولته وظروفها وكيف وصلت الأمور الى هذا الحد".