إيلاف من لندن: حذر تقرير جديد من أن تضافر هبوط مبيعات الصحف مع انخفاض عائدات الاعلان، حطم النموذج التجاري التقليدي في هذا القطاع، وترك الصحف ضعيفة ومكشوفة لضغوط سياسية ومالية تهدد مبدأ الصحافة المستقلة.

وتبين الأرقام التي نشرتها الرابطة العالمية للصحف في تقريرها أن عائدات الصحف عالمياً هبطت بنسبة 7.8 في المئة خلال السنوات الخمس الماضية.

ولكنها لفتت الى أن هذه الأرقام مشوهة نظراً لارتفاع توزيع الصحف في الصين واندونيسيا بأكثر من 25 في المئة وفي الهند بنسبة 71 في المئة، والواقع الفعلي أن الصورة قاتمة في غالبية مناطق العالم الأخرى. إذ هبط توزيع الصحف في اسبانيا بنسبة 34 في المئة وفي البرازيل بنسبة 19 في المئة وفي استراليا بنسبة 32 في المئة وفي جنوب افريقيا بنسبة 22 في المئة وفي ايطاليا بنسبة 39 في المئة على سبيل المثال لا الحصر، كما أكد تقرير الرابطة العالمية للصحف.

ومع انخفاض مبيعات الصحف الورقية، انخفضت عائدات الاعلان فيها عالمياً من 79 مليار دولار في عام 2012 الى 58 مليار دولار في عام 2017.

من جهة اخرى، يزداد الاعلان الرقمي مرتفعاً بنسبة 5 في المئة خلال الفترة الممتدة من 2015 الى 2016 ولكن غالبية هذا النمو كان من نصيب عملاقي الانترنت غوغل وفايسبوك.

وقالت تارا سوزمان بينيا من هيئة الأبحاث والمبادلات الدولية "إيركس"، التي تتابع اوضاع الاعلام في العالم منذ عام 2001، "إن النموذج التجاري الاميركي لتسويق الصحف اخذ ينهار خلال السنوات العشر الماضية، وهناك ازمة هائلة في النموذج الاعلاني، في حين ان النموذج الاعلامي القديم بلا مستقبل وهذا يزيد المشكلة تفاقماً".

وبحسب البروفيسور روزنتال آلفيز مؤسسة مركز نايت للصحافة في الاميركيتين، فإن "الاعلام ضعيف الآن وفي الديمقراطية الغربية كان الاعلام مربحاً جداً ونتيجة لذلك أُعطي قوة متزايدة أكثر فأكثر ليصبح مستقلاً ومحصناً ضد ضغط الشركات والحكومات، ولكن حين تغيّر الوضع المالي ازداد انكشافه وضعفه".

وبسبب نضوب الموارد المالية، تضطر صحف كثيرة الى الاعتماد على مصادر دخل تأتي بشروط من شأنها ان تؤدي الى رقابة ناعمة ورقابة ذاتية كارثيّتين، بحسب التقرير، مشيراً الى ان الاعلانات الرسمية تُستخدم في احيان كثيرة أدوات بيد الحكومات التي لا تنشر اعلاناتها إلا في الصحف الصديقة والمؤيدة.

وتوصلت دراسة عالمية أجرتها الرابط العالمية للصحف الى أن الصحافة في بلدان عديدة تعتمد اعتماداً يثير القلق على الاعلانات الحكومية.

وعلى سبيل المثال ان الاعلام في كمبوديا "يكافح للحفاظ على نزاهته التحريرية مستسلماً في احيان كثيرة الى نفوذ الحكومة (أو شركات القطاع الخاص) التي تكافئه باعلانات. ويُقدر ان 90 في المئة من عائدات الاعلان المحلي تستأثر بها حفنة من الصحف".

وفي بولندا تقول منافذ اعلامية ليبرالية إن حكومة يمين الوسط تعاملها معاملة مجحفة وتستخدم وسائل اقتصادية، مثل الاعلانات، لغايات سياسية.

ويقول بيوتر ستاسينسكي، نائب رئيس تحرير صحيفة غازيتا فيبورتشا البولندية، إن شركات قطاع الدولة سحبت كل اعلاناتها من وسائل الاعلام التي تنتقد الحكومة ونقلتها الى العديد من المنافذ الاعلامية المؤيدة للحكومة. "وأدى هذا الى خسارة في عائدات الاعلان والتوزيع".

واعطت الحاجة الى موارد مالية سطوة متزايدة للمصالح التجارية. وفي كثير من البلدان التي شملتها دراسة اجرتها منظمة "عوالم الصحافة" قال صحافيون إن "هموم الاعلان وضغوط الربح" ازدادت في غرف الأخبار التي يعملون فيها خلال السنوات الخمس الماضية.

ويقول ممثل فرنسا لحرية الاعلام في منظمة الأمن والتعاون الاوروبي هارلم ديسار، "إن الوضع الاقتصادي الهش للاعلام يشكل تحدياً كبيراً للصحافة. إذ من الأصعب الآن ايجاد موارد لتمويل صحافة مستقلة ونوعية، والأكثر من ذلك ان تركيز ملكية الاعلام يتسارع، وهذا يهدد التعددية ويعني ايضاً ان الاعلام المحلي يختفي بكل بساطة في بعض الحالات".

وبدأ موقع "الديمقراطية المفتوحة" في بريطانيا بالتعاون مع "مؤشر الرقابة" والاتحاد الاوروبي للصحافيين دراسة تشمل 47 بلداً عن الضغوط الاقتصادية التي تواجه الاعلام. وقالت الجهات الثلاث إن النتائج حتى الآن "مثيرة للقلق".

أعدّت "إيلاف" هذا التقرير بتصرف عن "الغارديان". الأصل منشور هنا:

https://www.theguardian.com/media/2017/nov/30/closure-of-nepszabadsag-hungarian-daily-highlights-threat-to-independent-media