سلا : في جو روحي بهيج، احتفل سكان مدينة سلا مساء الخميس بذكرى المولد النبوي الشريف من خلال"موكب الشموع"الذي يطوف العديد من أزقة وشوارع المدينة القديمة.

"دور الشمع" كما يسميه السلاويون هو تقليد مغربي، دأبوا على إحيائه منذعقود و تتولى تنظيمه الزاوية الحسونية (نسبة الولي الصالح مولاي عبدالله بن حسون) بسلا.

على إيقاع موسيقى تراثية مغربية، و وسط حضور كثيف لسكان المدينة و زوارها ممن اعتادوا التجمع سنويا على طول المسار الذي يمر منه الموكب، يبدو المشاركون بلباسهم التقليدي في غاية الحماس و الانشراح، وهم يحملون هياكل من الشموع الكبيرة،توضع في قوالب من الخشب السميك مغلف بالورق الأبيض،وملون بأزهار متعددة في إطار هندسي مستوحى من لمساتالزخرفة الإسلامية.

"دور الشمع" يطوف المدينة

لوحة فنية

تتحول شوارع المدينة إلى لوحة فنية مليئة بالبهجة والألوان التي تضفي عليها جمالية و رونقا خاصا بهذه المناسبة، ثؤثته استعراضات فرق المديح النبوي والأذكار الدينية، و الأهازيجالشعبية الصوفية ممثلة المدينة و العديد من المدن المغربية الأخرى، إضافة إلى مشاركة العديد من الأطفال حاملين ألواحًا خشبيةكتبت عليها آيات قرآنية.

ينطلق الموكب من زاوية مولاي عبد الله بن حسون بالمدينةالعتيقة لسلا، يتقدمه الحسونيون، مرورًا بوسط المدينة القديمة،ووصولًا إلى ساحة الشهداء (المعروفة بباب بوحاجة)، حيث يتم تقديم الشموع و فرق المديح النبوي و استعراضات مستمدة من الفلكلور والتراث المغربي أمام المنصة الرسمية، المقابلة لمقر الجماعة الحضرية للمدينة، بحضور عامل (محافظ) المدينة وعمدةالمدينة، و مسؤولين آخرين، ليعود الموكب من مسار آخر، عبرأسوار المدينة القديمة إلى مقر الزاوية، حيث تعلق هذه الشموع بجنباتها.

 فرق عيساوة

تصنيع الشموع

و تعد ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺷﻤﻮﻉ اﻟﻤﻮﻛﺐ ﺇﺭﺛﺎ ﻋﺎﺋﻠﻴﺎ ﺑﺎﻣﺘﻴﺎﺯ ﺣﻴﺚ ﺗﺨﺘﺺ ﻋﺎﺋﻠتاﺑﻠﻜﺒﻴﺮ و شقرون بالمدينة ﺑﺮﺟﺎﻟﻬﺎ ﻭﻧﺴﺎﺋﻬﺎ ﺑﺘﺰﻳﻴﻦ ﻫﻴﺎﻛﻞ اﻟﺸﻤﻊﺑﺄﺷﻜﺎﻝ ﻣﺴﺘﻮﺣﺎﺓ ﻣﻦ اﻟﻬﻨﺪﺳﺔ اﻟﻤﻌﻤﺎﺭﻳﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ، ﻭﻳﻐﺪﻭ اﻟﻤﺸﺘﻐﻠﻮﻥ في ﺻﻨﺎﻋﺔ ﻗﻮاﻟﺐ اﻟﺸﻤﻊ اﻟﺘﻲ ﻳﺒﻠﻎ ﻣﺘﻮﺳﻂ ﻭﺯﻧﻬﺎ 45 ﻛﻴﻠﻮﻏﺮاﻣﺎ، ﺑﻤﺜﺎﺑﺔ ﺧﻠﻴﺔ ﻧﺤﻞ ﺗﺠﺘﻬﺪ ﻓﻲ ﺗﺮﺻﻴﻊ ﺷﻤﻮﻉ اﻟﻤﻮﻛﺐ ﺑﺄﻟﻮاﻥ ﺯاﻫﻴﺔ.
ﺗﻤﺮ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺗﺼﻨﻴﻊ اﻟﺸﻤﻊ ﺑﻤﺮاﺣﻞ ﻣﺘﻌﺪﺩﺓ، فبمجرد ﺣﻠﻮﻝ ﺫﻛﺮﻯﻋﺎﺷﻮﺭاء، ﺃﻱ ﻗﺒﻞ ﺃﺯﻳﺪ ﻣﻦ ﺷﻬﺮ ﻣﻦ ﻋﻴﺪ اﻟﻤﻮﻟﺪ اﻟﻨﺒﻮﻱ، يتم ﺎﻻﺳﺘﻌﺪاﺩﻟﻤﻮﻛﺐ اﻟﺸﻤﻮﻉ، ﻣﻦ ﺧﻼﻝ اﻗﺘﻨﺎء اﻟﺸﻤﻊ اﻟﺤﺮ اﻟﺨﺎﻡ ﻭﻫﻮ ﻣﺎﺩﺓ ﺑﻨﻴﺔاﻟﻠﻮﻥ ﺗﺸﺒﻪ ﻗﻄﻌﺔ اﻟﺼﺎﺑﻮﻥ، ﻟﻴﺘﻢ ﺗﺬﻭﻳﺒﻪ ﻭﺗﺠﻔﻴﻔﻪ ﻋﻠﻰ ﺃﺳﻄﺢ اﻟﻤﻨﺎﺯﻝ،ﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ ﺗﺘﻢ ﺗﺼﻔﻴﺘﻪ ﻭﻃﻬﻴﻪ في أوان تضم قوالب جاهزة ﺛﻢ ﺇﺿﺎﻓﺔﺻﺒﺎﻏﺔ ﻣﺨﺼﺼﺔ ﻟﻠﻨﺴﻴﺞ، ليتم رصها ﻋﻠﻰ "اﻟﺸﻬﺪﺓ" أي اﻟﻬﻴﻜﻞاﻟﻜﺒﻴﺮ اﻟﺬﻱ ﻳﺘﻢ اﻟﻄﻮاﻑ ﺑﻪ ﺧﻼﻝ ﺩﻭﺭ اﻟﺸﻤﻮﻉ، ﺑﺄﺷﻜﺎﻝ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔﻭﺑﺄﺳﻤﺎء ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻛﺎﻟﺸﻤﺎﻋﺔ ﻭاﻟﻘﺒﺔ، ﻳﺨﺘﺎﺭ ﻛﻞ ﺻﺎﻧﻊ اﻟﺸﻜﻞ اﻟﻬﻨﺪﺳﻲاﻟﺬﻱ ﻳﻼﺋﻤﻪ، ﻭﺗﺤﻤﻞ ﺃﺳﻤﺎء ﻣﺘﻌﺪﺩﺓ، ﻣﻦ ﺑﻴﻨﻬﺎ اﻟﺘﺎﺝ ﻭ اﻟﻤﻠﻚ ﻣﺤﻤﺪاﻟﺴﺎﺩﺱ و ﻭﻟﻲ اﻟﻌﻬﺪ اﻷﻣﻴﺮ ﻣﻮﻻﻱ اﻟﺤﺴﻦ واﻷﻣﻴﺮ ﻣﻮﻻﻱ ﺭﺷﻴﺪ، ﺗﻌﺒﻴﺮا ﻋﻦ ﻃﻘﻮﺱاﺣﺘﻔﺎﻟﻴﺔ ﺗﺆﻛﺪ اﻻﻟﺘﺤﺎﻡ اﻟشعب بملك المغرب. 

أهازيج كناوية

أصل الاحتفال

يعود أصل هذا التقليد للسلطان السعدي أحمد المنصور الذهبيبعدما أعجب بالأجواء الاحتفالية التي كانت تقام بمدينة إسطنبولالتركية، حيث كانت تنظم مواكب شعبية بالشموع، فقام باستدعاءصناع الشموع المهرة من مراكش وسلا وفاس لصناعة هياكل شمعية كبيرة شبيهة بتلك التي شاهدها في تركيا. ومنذ ذلك الوقت دأبت مدينة سلا على تنظيم هذا التقليد الديني والشعبي السنوي مع طقوسها الثقافية الخاصة.
وحرص الولي مولاي عبد الله بن حسون على مواصلة الاحتفال بذكرى مولد الرسول ، حيث كان يرأس الاحتفالات التي كانت تقام بزاويته طيلة أسبوع تخليدا لها، بحضور علماء وأولياء وأهل السماع من مختلف جهات المملكة.

أطفال يحملون ألواحا قرآنية