إيلاف من لندن: تحدث الكاتب السياسي الاميركي توماس فريدمان عن حواره الذي نال تغطية اعلامية واسعة مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان قائلا إنه سأله اولا عن الوضع الداخلي بالارتباط مع الحملة ضد الفساد، وثانيا عن الشؤون الدولية بما في ذلك اعلان رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري استقالته من الرياض ثم عدوله عن الاستقالة وتعهده بعدم توفير غطاء سياسي لحزب الله.

أول تغطية

أشار فريدمان الى انه كان مراسل وكالة "يو بي آي" في بيروت واول حدث غطاه كان سيطرة نحو 200 مسلح بقيادة جهيمان العتيبي على الحرم المكي اواخر عام 1979 متهمين القيادة السعودية بالعلمنة والغربنة والانحراف عن الاسلام.

وجاء هذا الحادث بعد الثورة الاسلامية في ايران والتدخل السوفيتي في افغانستان وكانت لهذه التطورات تداعيات تركت آثارها على السياسة السعودية والعالم الاسلامي من المغرب الى الحدود الهندية.

إصلاح القاعدة والقمة

وتذكر فريدمان ان الأمير محمد قال له خلال المقابلة "لا تقل لي اني أُريد اصلاح الاسلام بل أنا استعيد الاسلام، ولنعد الى زمن الرسول حين كنا نتعامل مع المسيحيين واليهود ونُشرك المرأة في الحياة العامة".

وما يفعله الأمير محمد هو تمكين كل من لديه هذا الشعور ان يتقدم ويقول ذلك.

واضاف فريدمان "انك تشعر عندما تكون في السعودية ان محمد بن سلمان لا يقود الاصلاح من القمة الى القاعدة فحسب بل ينسف من القاعدة الى القمة ايضاً".

التغيير يحتاج وقتًا

توقع فريدمان ان الحملة التي يقودها الأمير محمد ضد الفساد ستعزز موقعه إذا ادت الى شفافية وجرت في اطار حكم القانون.

ولفت فريدمان الى ان التغيير يحتاج الى وقت ولكنه رأى اشياء لم يرها من قبل في المملكة بما في ذلك وجود المغني توبي كيث ومغنية سوبرانو لبنانية لاحياء حفلات فنية ومنح المرأة حق قيادة السيارة.

واكد الصحفي الاميركي الفائز بجائزة بوليتزر في حواره مع ثلاثة صحافيين على قناة "سي ان بي سي ان" ما تأثر به في السعودية خلال حديثه مع شباب سعوديين هو ان الاصلاح يحدث من القاعدة الى اعلى وما يقوده الأمير محمد على مستوى القمة ينعكس على مستوى القاعدة.

إيران المنبوذة

تطرق فريدمان الى جهود السعودية لمواجهة النفوذ الايراني قائلا ان ايران دولة منبوذة لكنها تسيطر بصورة غير مباشرة على اربع عواصم عربية هي بيروت ودمشق وبغداد وصنعاء.

وقال فريدمان ان احد مساعدي الأمير محمد ذهب الى غرفة اخرى في منتصف المقابلة وأتى بهاتف عليه صور أخذ يريها له وهي لقطات من المملكة في 1950 و1960 حين كانت هناك دور سينما ونساء ورجال يمشون معاً.

وكان الأمير محمد قال في حواره مع فريدمان "انه لأمر مضحك ان يُقال ان حملة مكافحة الفساد هذه كانت وسيلةً لانتزاع السُلطة.

الحملة على الفساد

وأشار إلى أن الأعضاء البارزين من الأشخاص المُحتجزين في فندق الريتز، قد أعلنوا مُسبقًا بيعتهم له ودعمهم لإصلاحاته، وأن الغالبية العُظمى من أفراد العائلة الحاكمة" تقفُ في صفه".

وأضاف: «هذا ما حدث، فلطالما عانت دولتنا من الفساد منذ الثمانينات حتى يومنا هذا، وتقول تقديرات خُبرائنا بأن ما يُقارب 10% من الإنفاق الحكومي كان قد تعرض للاختلاس في العام الماضي بواسطة الفساد، من قبل كلتا الطبقتين: العُليا والكادحة. وعلى مر السنين، كانت الحكومة قد شنت أكثر من "حربٍ على الفساد" ولكنها فشلت جميعًا. لماذا؟ لأن جميع تلك الحملات بدأت عند الطبقة الكادحة صعودًا إلى غيرها من الطبقات المرموقة".

وأوضح الامير محمد، أن كل من اُشتبه به سواءً كان من أصحاب المليارات أو أميرًا فقد تم القبض عليه ووضعه أمام خيارين: "لقد أريناهم جميع الملفات التي بحوزتنا وبمُجرد أن أطلعوا عليها، وافق ما نسبته 95% منهم على التسويات"، الأمر الذي يعني أن عليهم دفع مبالغ مادية أو وضع أسهم من شركاتهم في وزارة المالية السعودية.

ولي العهد السعودي


وأضاف: "استطاع ما نسبته 1% من المُشتبه بهم اثبات براءتهم وقد تم اسقاط التهم الموجهة لهم في حينها. وقرابة 4% قالوا بأنهم لم يشاركوا في أعمال فساد ويُطالب مُحاميهم باللجوء إلى المحكمة. ويُعتبر النائب العام، بموجب القانون السعودي، مُستقلًا. فلا يمكننا التدخل في عمله – ولا أحد سوى الملك يستطيع إقصاءه، ولكنه هو من يقود العملية الآن... ولدينا خُبراءٍ من شأنهم ضمان عدم إفلاس أي شركة من جراء هذه العملية" – وذلك لتجنب إحداث أي عطالة".

مليارات وتسويات

وفي ما يخص كمية المال التي ستتم إعادتها، قال الأمير محمد بن سلمان “إن النائب العالم يقول بأنهُ من الممكن في نهاية المطاف "أن يكون المبلغ حوالي 100 مليار دولار أميركي من مردود التسويات".

لبنان واليمن

أما ما يخص جانب السياسة الخارجية، ففضل محمد بن سلمان عدم مناقشة الغرائب الحاصلة مع رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري؛ بمجيئه إلى السعودية وإعلانه عن استقالته – على ما يبدو أنها جاءت بسبب ضغوط سعودية – وعودته الآن إلى بيروت وتراجعه عن استقالته. إذ أصر ببساطة على أن خلاصة القضية تتمحور حول أن الحريري، وهو مسلمٌ سني، لن يستمر في توفير غطاء سياسي للحكومة اللبنانية التي تخضع بشكل رئيس لسيطرة مليشيا حزب الله الشيعية اللبنانية، والتي بدورها تخضع بشكل رئيس لسيطرة طهران.

كما شدد على أن الحرب المدعومة سعوديًا في اليمن، والتي تُعد كابوسًا إنسانيًا، تميل كفتها لصالح الحكومة الشرعية الموالية للسعودية هناك، والتي قال إنها تُسيطر الآن على 85% من البلاد، إلا أن قيام المتمردين الحوثيين الموالين لإيران – الذين يُسيطرون على بقية أراضي البلاد – بإطلاق صاروخ على مطار الرياض يعني أنه، إذ لم تتم السيطرة على كامل البلاد، فإن ذلك سيُمثل مشكلةً.