إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب يوم الأربعاء الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة من تل أبيب إليها، يستند إلى قرار تشريعي يراوح مكانه لـ17 عامًا، حيث كان الكونغرس تبناه يوم 8 نوفمبر 1995، وحمل اسم "تشريع سفارة القدس 1995".

إيلاف: دفع وضع القدس المتنازع عليه، وعدم التوصل إلى اتفاق سلام واضح بين إسرائيل والفلسطينيين، دفع الرؤساء الأميركيين جورج دبليو بوش وبيل كلينتون وباراك أوباما إلى توقيع وثائق، كل ستة أشهر، تقضي بتأجيل تنفيذ هذا القرار. 

ترمب يرفع القرار للصحافيين بعد توقيعه عليه

وكان كل رئيس من الرؤساء الثلاثة الأميركيين منذ ذلك الحين يستخدم صلاحياته لمنع تنفيذ هذا القرار، ملوّحًا بأن هذه المسألة تمسّ الأمن القومي للولايات المتحدة.

يذكر أنه قبل قرار 1995 كان مجلسا النواب والشيوخ تبنيا على التوالي عامي 1990 و1992 تشريع نقل السفارة بموافقة الكونغرس على أساس أن القدس يجب أن تبقى مدينة موحدة وهي غير قابلة للتقسيم. 

رسالة الـ93
وكان الكونغرس برر قراره بالتذكير باتفاق غزة وأريحا أولًا، وبدء مفاوضات الحل النهائي، وبالرسالة التي وجّهها 93 من أعضاء مجلس الشورى الأميركي في مارس 1995 والتي طالبوا فيها وزير الخارجية الأميركي وقتها وارن كريستوفر بالتخطيط لنقل سفارة الولايات المتحدة إلى المدينة المقدسة. 

كما استغرب التشريع كيف للولايات المتحدة أن تتخذ سفارات لها بكل عواصم العالم باستثناء إسرائيل "صديقتنا الديمقراطية وحليفتنا الإستراتيجية".

تشريع 1950
يذكّر تشريع الكونغرس بأن القانون الدولي يكفل لكل دولة تحديد عاصمتها، وفي هذا السياق أعلنت "دولة إسرائيل" منذ 1950 القدس عاصمة أبدية لها، وجعلتها مقرًا لكل مؤسساتها الوزارية والإدارية، وبينها مقر الرئيس والبرلمان والمحكمة العليا، كما إنها "مركز الديانة اليهودية"، وتعتبر مدينة مقدسة بالنسبة إلى "أعضاء ديانات أخرى"، على حد تعبير القرار. 

يقول التشريع إن "القدس كانت مدينة مقسمة"، وإن المواطنين الإسرائيليين ومعتقدي الديانة اليهودية ظلوا ممنوعين من دخولها منذ 1948 وحتى 1967 حيث تم "توحيدها مرة أخرى بعد حرب الأيام الستة". ويشير التقرير إلى أن إسرائيل عملت على توحيد القدس، وفسح المجال أمام معتقدي جميع الديانات، للوصول إلى كل الأماكن المقدسة في المدينة من دون تضييقات.

حرص المشرعون في البند الثالث من التشريع على التأكيد على أن سياسة الولايات المتحدة الأميركية تنبني على الاعتراف بالقدس مدينة موحدة غير قابلة للتقسيم، وأنه يجب الاعتراف بالقدس عاصمة لدولة إسرائيل، وبناء على ذلك يجب أن تكون سفارة الولايات المتحدة في عاصمة إسرائيل.

قرار يونيو 2017
إلى ذلك، كان مجلس الشيوخ الأميركي، تبنى يوم الاثنين 5 يونيو 2017 ، قرارًا يدعو إلى نقل السفارة الأميركية في إسرائيل من تل أبيب إلى القدس، وتسوية الصراع العربي الإسرائيلي على أساس حل الدولتين.

وأكدت الوثيقة أن "السياسة الأميركية القديمة التي انتهجها الحزبان (الديمقراطي والجمهوري)، إزاء الوضع النهائي للقدس أبقته مسألة يتعيّن على الطرفين (الفلسطيني والإسرائيلي) حلها عن طريق الحوار، في إطار الاتفاق على وجود دولتين".

يشار إلى أن القرار ليس إلزاميًا، إلا أنه يعكس موقف أعلى مؤسسة دستورية في الولايات المتحدة من نقل السفارة من تل أبيب إلى القدس.

وسبق أن عرض 3 أعضاء جمهوريين في مجلس الشيوخ مشروع قرار يقضي بنقل سفارة واشنطن من تل أبيب إلى القدس والاعتراف بهذه المدينة عاصمة للدولة الإسرائيلية.

وكشف تيد كروز، ودين هيلر، وماركو روبيو، الأعضاء الجمهوريون في مجلس الشيوخ عن ولايات تكساس ونيفادا وفلوريدا، يوم 3 يناير 2018، الستار عن مشروع القرار الذي أعدوه.

نجاح المبادرة
حينها، أشارت صحيفة "الغارديان" البريطانية إلى أن هذه المبادرة، بالرغم من أنها ليست الأولى من نوعها خلال العقدين الماضيين، قد تنجح هذه المرة، خلافًا لسابقاتها، علمًا بأن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب قد أكد أكثر من مرة اعتزامه نقل السفارة إلى القدس.

وشدد كروز، الذي تولى وصافة الانتخابات التمهيدية في الحزب الجمهوري متخلفًا عن ترمب، أن القدس هي عاصمة موحدة ودائمة للدولة الإسرائيلية، منددًا بالسياسة "الانتقامية"، على حد وصفه، التي تنتهجها إدارة الرئيس باراك أوباما تجاه إسرائيل.

وقال كروز: "في نهاية المطاف، حان الوقت لتجاوز التصريحات المزدوجة والوعود المنتهكة، وفعل ما قرره الكونغرس في عام 1995، وهو نقل سفارتنا رسميًا إلى عاصمة حليفتنا العظيمة إسرائيل".

تهديد
من جانبه، هدد دين هيلر وزارة الخارجية الأميركية باحتجاز جزء من الأموال المقدمة إليها من قبل الكونغرس، طالما لم تنقل السفارة إلى القدس.

بدوره، دعا ماركو روبيو إلى سد تلك الثغرة التي سمحت للرؤساء الأميركيين تجاهل القانون الأميركي وعرقلة نقل سفارة واشنطن من تل أبيب إلى القدس على مدى أكثر من عقدين.

يشار في الختام إلى أن الخارجية الأميركية كانت تعارض على مدى سنين نقل السفارة إلى القدس، مصرّة على أن وضع هذه المدينة يجب تحديده في إطار المفاوضات الختامية بين إسرائيل والفلسطينيين.