لندن: منذ الخمسينات سجل المصور الفوتوغرافي هاري بينسون البعض من أهم اللحظات والشخصيات في تاريخ العالم الحديث. ومن فرقة البيتلز الى المغنية ايمي واينهاوس وتصوير كل رئيس اميركي منذ دوايت آيزنهاور يُلاحظ ان صور بينسون دائماً حميمة وقريبة من مواضيعها بطريقة جريئة.

وكان المصور احياناً قريباً من موضوعه الى درجة الخطر. فالمعروف ان بينسون كان يقف بجانب روبرت كندي حين أُطلق النار عليه وأُردي قتيلا في 5 يونيو 1968. وبلا خوف سجل بينسون المشهد بدقة ومهارة اصبحت مرادفاً لاسمه. ويجمع كتابه الجديد "هاري بينسون: اشخاص موضع اهتمام" زمن حياة من التاريخ ، ينتقل فيه من صوره الأولى حين كان مصوراً شاباً في اسكتلندا الى عمله الأخير على الانتخابات الرئاسية الاميركية.

تحدث بينسون لموقع بازفيد عن اشهر لقطاته وبعض الدروس التي تعلمها خلال مسيرته الطويلة قائلا انه كان دائماً يريد ان يكون مصوراً فوتوغرافياً. ويتذكر انه حين بدأ لم تكن هناك دروس لتعليم هذا الفن. وقال انه نظر الى كل خطوة في رحلته هذه على انها لا تقل أهمية عن الأخيرة سواء خلال عمله في لندن أو مع صحف محلية في اسكتلندا. ولم يكن يهتم بما يصوره طالما انه يصور.

تصوير الرؤساء الاميركيين

وشدد بينسون على ضرورة احترام المطبوع الذي يعمل له والشخص الذي يصوره. وقال انه ما زال ملتزماً بهذه القاعدة.

وأكد بينسون انه غطى بعدسة كاميرته كل شيء في حياته والتقط صوراً من كل صنف بما في ذلك تصوير الرؤساء الاميركيين الاثني عشر الأخيرين وحركة الحقوق المدنية والاضطرابات العرقية في الستينات وحتى روبرت كندي حين أُطلقت عليه النار ولكنه لم يندم قط على صورة التقطها في حياته المهنية.

وقال بينسون انه يُسأل ان كانت خبرته تسبب له كوابيس في اشارة الى اغتيال روبرت كندي. ورده ان الكوابيس كانت ستلاحقه لو لم يسجل الواقعة بعدسته.

واعترف بينسون بأنه مرت اوقات شعر فيها ان حياته مهددة ولكن طموحه كان يحثه على الاستمرار. وكان دائماً يبتعد عن المصورين الآخرين خلال العمل في مناطق خطيرة لأن المصورين حين يتعرضون للأذى أو يُقتلون يكونون عادة متجمعين مع بعضهم البعض ، ثلاثة أو اربعة مصورين معاً. وقال بينسون انه حين يعمل بمفرده لا يكون هدفاً كبيراً ويستطيع ان يلتقط اللحظات التي يريد ان يسجلها. 

واكد بينسون ان ما ابقاه في المهنة طيلة هذه السنوات هو ضمان لقمة العيش ، ولم يتغير شيء في هذه السنوات. واضاف ان المصور حين يتقاضى اجوراً من جهة ما يكون محترفاً مهما كانت الأجور متواضعة.

الابتعاد عن المشاهير

وينصح بينسون بعدم الاقتراب من المشاهير قائلا ان هذا ليس هدفه حين يبدأ العمل ـ "أنا لستُ هنا لأكون جزء من دعايتهم بل لأداء عمل ، هو تصويرهم ثم المغادرة" ، على حد تعبيره.

ولاحظ ان المشاهير يريدون من المصور ان يُبقي صورتهم حية ولكن هذا يأتي بثمن. وعليهم ان يعرفوا انهم يجب ان يفعلوا شيئاً لابقاء صورتهم حية فلا احد يريد ستة صفحات من الصور في مجلة محترمة لمجرد النظر الى هيئتهم بل يريد ان يرى حركة في هذه الصور.

وما يجعل الصورة الفوتوغرافية ناجحة هو انها تجعل الناس يريدون النظر اليها. فهي لحظة ، لمحة ، وتزول. شيء لا يمكن ان يحدث مرة أخرى ابداً ، كما يقول المصور بينسون. 

ويروي بينسون ان من بين جميع الرؤساء الاميركيين الذين صورهم كان ريغان أسهلهم. ويتذكر ان ريغان كان سلسلا ويفعل اشياء لطيفة خلال التصوير. وعلى سبيل المثال انه أبعد المصور الرسمي للبيت الأبيض ذات مرة ، الأمر الذي يعني ان صور بينسون للرئيس كانت الوحيدة المتاحة لوسائل الاعلام.

اوباما أصعب الرؤساء

من جهة اخرى كان اوباما اصعب الرؤساء. وقال بينسون انه لم يعمل مع اوباما كثيراً ولكن مشكلته كانت المصور الرسمي للبيت الأبيض الذي كان اوباما يسمح له بتوزيع الصور ، وكانت هناك قلة من الصور التي التقطها مصورون مستقلون عن البيت الأبيض. ولاحظ بينسون ان لا احد من المصورين التقط افراد عائلة اوباما خلال حياتهم الخاصة. وإذا كان اوباما يلعب الغولف فان المصورين يلتقطون صورة واحدة وتكون عادة صورة لا يُعتد بها.

دونالد ترمب ايضاً ليس من الذين يحب بينسون تصويرهم. ويتذكر قائلا انه كان مع ترامب في كازينو في مدينة اتلانتا حين قال له "هاري ، استطيع ان ادخل هذا المكان واحصل على مليون دولار إذا شئتُ". فرد بينسون متعجباً انه لم ير مليون دولار قط في حياته. فذهب ترامب وجمع اكداساً من النقود تأكد انها مليون دولار. وقال بينسون انه صور ترمب قبل عام لمجلة تايم واعاد ترمب تذكيره بتلك الصورة قائلا "انت التقطتَ تلك الصورة مع النقود ، ها؟"

وأكد بينسون انه يصور ترمب منذ 40 عاماً ويعرفه "لكنه لا يحبني الآن".

نصائح للشباب

قال المصور هاري بينسون لموقع بازفيد انه حين يلقي محاضرة أو يشارك في ندوة يكون دائماً هناك مصور شاب ينهض ويسأل ما هي النصيحة التي يعطيها لمصور ناشيء يريد السير على خطاه. وقال بينسون انه ينصح هذا الشاب بأن يشتري غيتاراً بدلا من كاميرا لأنه ليست هناك مجلة مصورة مثل مجلة لايف الآن وفرص العمل المتاحة للمصور محدودة جداً.

وقال بينسون ان حُسن الهندام قام بدور كبير في تمكينه من الاقتراب من مواضيعه. وقال انه لا يستطيع الوصول الى الطابق الثاني في البيت الأبيض إذا كان يرتدي ملابس يبدو فيها وكأنه عامل صيانة. والمصورون عادة غير مهندمين على الاطلاق.

كما ينصح بينسون المصور بعدم تعليق عدة كاميرات على رقبته مشيراً الى ان البعض يحملون ثلاث او اربع كاميرات في آن واحد وهذا يثير اعصاب الأشخاص موضع التصوير ويوحي بأن المصور يسجل كل شيء في المكان وهذا ليس صحيحاً.

قال بينسون انه يحمل كاميرتين، واحدة صغيرة في حقيبة والأخرى بجانبه بحيث يعرف الشخص موضع التصوير سبب وجوده دون ان يثير مخاوفه. والأهم ان على المصور الشاب ان يعمل بمثابرة ، أي ان يكون أول الحاضرين وآخر المغادرين. فالعمل الكدود مهم ، نعم الحظ يقوم بدور ولكن الكاميرا يجب ان تكون دائماً جاهزة حين يأتي الحظ.

 

اعدت "ايلاف" هذا التقرير بتصرف عن "بازفيد". الأصل منشور على الرابط التالي

https://www.buzzfeed.com/gabrielsanchez/harry-benson?utm_term=.ehJjjYzXy#.biZWWKz9g