نصر المجالي: على خلفية تداعيات اعلان الرئيس الأميركي عن اعتراف الولايات المتحدة بالقدس عاصمة لإسرائيل، وهو ما أثار ضجة وردات فعل غاضبة عبر العالم العربي والعالم، تعيد (إيلاف) نشر بعض المعلومات عن واقع الخلاف في شأن القدس منذ محاولات الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون التوصل إلى تسويات نهائية. 

حاول الرئيس كلينتون في الأشهر الأخيرة لولايته الثانية في البيت الأبيض العام 2000 التوصل إلى حل الصراع بين اسرائيل والفلسطينيين "حلا نهائيا" كان يعتقد أنه سيدخله التاريخ إذا نجح، لكنه لم ينجح. 

آنذاك جمع كلينتون في المصيف الرئاسي في كامب ديفيد بولاية ميريلاند، الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، ورئيس وزراء اسرائيل، ايهود باراك، لمدة اسبوعين كاملين. لكن المفاوضات فشلت بسبب مسألتي القدس الشرقية -وخصوصًا الأماكن المقدسة فيها- واعتراف إسرائيل بحق عودة اللاجئين الفلسطينيين وسبل تطبيقها.

وكانت المقترحات الأميركية التي قدمها كلينتون لطاولة التفاوض تنص على قيام دولة فلسطينية فوق 95% من الضفة الغربية وكامل قطاع غزة وعلى منح الفلسطينيين سيادة على الأحياء العربية في القدس الشرقية والحرم القدسي. وتطالب هذه المقترحات عرفات في المقابل بالتخلي عن حق أكثر من أربعة ملايين لاجئ فلسطيني في العودة إلى ديارهم.

فشل المفاوضات

ومع فشل تلك المفاوضات، كشف الرئيس الأميركي الأسبق في وقت لاحق، خلال تصريحات ومحاضرات، أن "الرئيس ياسر عرفات فوّت فرصة ذهبية عام 2000، ولم يكن من الممكن تجنب العنف والإرهاب، اللذين أعقبا ذلك وشكلا خطأ فادحًا".

وحينها، تفرّق مؤتمر كامب ديفيد دون التوصل إلى اتفاق. وبعد أشهر من ذلك اندلعت الانتفاضة الثانية، وهي التي حملت اسم "انتفاضة الدماء" حيث قُتل فيها أكثر من ألف مواطن إسرائيلي، وأكثر من 3,000 فلسطيني. 

كما انهار معسكر السلام الأكبر والأقوى في إسرائيل وتفكّك، وهو لم يتعافَ حتى الآن من الصدمة. كما تحطمت الثقة الهشة بين الجانبين، وتجمدت عملية أوسلو. ولا تزال شظاياها متناثرة لسنوات على السطح، إلى أن فجرها ثانية الرئيس الأميركي ترمب الذي نفذ ما لم ينفذه أسلافه السابقون في موضوع نقل السفارة الأميركية إلى القدس والاعتراف بالمدينة عاصمة لإسرائيل. 

قائمة ما قدمه ايهود باراك ورد الفلسطينيين

 

محاضرة كلينتون

ومع تداعيات التطورات الخطيرة، فإنه للتذكير، كان الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون كشف في محاضرة له في جامعة جورجتاون بولاية فرجينيا في أبريل 2014 أنه عرض على الفلسطينيين الحرم الشريف في قمة كامب ديفيد عام 2000، ولكن فشل الاتفاق بسبب الأرض بالقرب من الحائط الغربي.

وفي المحاضرة، تناول كلينتون الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني ومؤتمر قمة كامب ديفيد العام 2000 الذي توسط به بين رئيس الوزراء آنذاك إيهود باراك ورئيس السلطة الفلسطينية الراحل ياسر عرفات.

وكشفت اقوال كلينتون في المحاضرة، حسب ما نشرت فقرات منها صحيفة (إسرائيل اليوم)، عن انفراج في المحادثات بين إسرائيل والفلسطينيين، لا سيما بشأن المسألة الخلافية المتعلقة بتقسيم القدس، وهي كانت اقرب لمتناول اليد في قمة كامب ديفيد. 

وقال إن إسرائيل، وافقت على تسليم الفلسطينيين السيطرة على الحرم الشريف، والمجمع حيث يقع المسجد الأقصى، بشرط أن تبقى المنطقة المحيطة بحائط المبكى الغربي تحت سيطرة إسرائيل.

وأضاف كلينتون أن عرفات وافق على ترك السيطرة على حائط المبكى لإسرائيل، وكذلك على الأحياء اليهودية في القدس الشرقية، ولكن أصر على إبقاء 16 مترًا، أو 50 قدمًا، من الانفاق المؤدية إلى مدخل الحائط الغربي تحت السيطرة الفلسطينية.

رفض اسرائيلي 

واشار إلى أن إسرائيل رفضت اقتراح عرفات على أساس أن النفق يدمر، هو ما تبقى، المعابد اليهودية. وقال كلينتون، ربما كان رفض إسرائيل مبرراً، لانك "إذا دخلت، يمكنك أن تقوم بتخريب أنقاض المعابد".

وقال كلينتون لقد فشلت الأطراف في نهاية المطاف بالتوصل إلى اتفاق بشأن القدس والحرم الشريف، جنباً إلى جنب مع عدد كبير من القضايا الحيوية الأخرى.

وأشار إلى أنه خلال التفكير في جهود التفاوض الخاصة به في الشرق الأوسط كرئيس، التي سبقت انطلاقة (الانتفاضة الثانية)، فإنه تساءل: "هل فشلنا؟ أنت قل لي، في السنوات الأربع بعد أن غادرت المكتب، ثلاثة اضعاف من الفلسطينيين والإسرائيليين لاقوا مصرعهم في أعمال العنف مما كان في الثماني سنوات التي كنت بها هناك. اننا بحاجة دائماً لمواصلة المحاولة – عدد أقل من الناس سيموتون". 

شروط الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني

الثقة 

وقال كلينتون عن مؤتمر القمة عام 2000 "على نحو ما عليك ان تجد وسيلة لإقامة الثقة بين الخصوم. أن الاتفاق ليس مهماً كالثقة".

وتحدث كلينتون أيضا عن مشاركته في التوقيع على اتفاقات أوسلو الثاني عام 1995، التي قسمت الضفة الغربية إلى ثلاثة أقسام إدارية. وقال إن التجربة يمكن أن تعتبر كمثال للمفاوضين والوسطاء. في حالة صراع، على الجانبين تعلم العمل معًا، والوثوق ببعضهم البعض بدلاً من الاعتماد على وساطة خارجية.

وختم كلينتون في محاضرته (2014) لقد مضى ثلاثة عشر عاماً، منذ حثه عرفات على ابرام اتفاق سلام مع إسرائيل حيث حدثت تغييرات سياسية في كل من إسرائيل والسلطة الفلسطينية، وكان الأمل هو تحقيق تفصيل صفقة سلام محتملة - بما في ذلك ترتيبات امنية في الضفة الغربية، وتقسيم مدينة القدس القديمة - تمت مناقشتها في "تفاصيل كثيرة"، واتفق على الجزء الأكبر إلى حد كبير.