عبر الشيخ محمد بن راشد عن تفاؤله بعام 2018 سياسيًا واقتصاديًا، قائلًا إن الدول المصدرة للنفط تكيفت اقتصاديًا مع أسعاره، والإصلاحات الاقتصادية في العالم العربي مؤشرات إيجابية للمستقبل، وذلك في الدورة العاشرة من المنتدى الاستراتيجي العربي.


إيلاف من دبي: أكد الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، تفاؤله بالعام 2018 اقتصاديًا قائلًا إن متغيرات 2018 ستكون محصلتها إيجابية لدولة الإمارات لأنها الأكثر استعدادًا، سياسيًا واقتصاديًا وعلميًا، "فلدينا قاعدة اقتصادية متنوعة، وحركة تجارة دولية قوية، وخبرات كبيرة، تؤهلنا للتعامل مع كافة متغيرات 2018 الاقتصادية والاستفادة منها".

أضاف: "لدينا دول عربية كبرى ستشهد إصلاحات اقتصادية ضخمة العام القادم"، مشيرًا إلى أن الدول المصدرة للنفط تكيفت اقتصاديًا مع أسعاره، والإصلاحات الاقتصادية في العالم العربي مؤشرات إيجابية للمستقبل، وذلك خلال حضوره فاعليات وجلسات الدورة العاشرة من المنتدى الاستراتيجي العربي، آملًا أن يحمل عام 2018 عددًا من التغيرات الإيجابية على الصعيد السياسي في المنطقة. قال: "نأمل أن يكون عام 2018 عام انفراج لبعض الأزمات العربية الحادة"، لافتًا إلى أن العالم أصبح أكثر ترابطا من أي وقت مضى، وما يحدث في أي بقعة منه تنعكس آثاره على البلدان كافة، "والعالم العربي يمر بتغيرات متسارعة سياسيًا واقتصاديًا، والدول التي لا تواكب سرعة التغيرات تخاطر بالتأخر سنوات طويلة".

توتر دولي

وبحسب تقرير نشرته وكالة أنباء الإمارات" (وام)، تضمن برنامج المنتدى بدورته العاشرة ست جلسات تناولت في محاورها حالة العالم والعالم العربي اقتصاديًا وسياسيًا في 2018.

الشيخ محمد بن راشد مع رئيس فرنسا السابق فرنسوا هولاند الذي كان ضيفا للمنتدى الاستراتيجي العربي

وشملت قائمة المتحدثين الرئيس الفرنسي السابق فرانسوا هولاند الذي ناقش احتمالات تفكك الاتحاد الأوروبي، ووزير الدفاع الأميركي السابق روبرت غيتس الذي طرح إشكالية تحول العالم إلى ساحة لصراع نووي بين كوريا الشمالية والولايات المتحدة في 2018.

في حالة العالم سياسيًا في 2018، قال هولاند: "ستتأثر بريطانيا بخروجها من الاتحاد الأوروبي أكثر من تأثر دول الاتحاد الأوروبي خصوصًا بعد بقاء اسكتلندا وإيرلندا الشمالية بعد خروج بريطانيا في حين تبقى قيادة فرنسا قوية ولن تهتز مكانتها".

وقال غيتس: "هناك خشية من أن تستمر كوريا الشمالية في تطوير منظومة أسلحتها الباليستية العابرة للقارات، ما سيخلق توترًا في العلاقات الدولية، لكنني استبعد حدوث صدام عسكري، وأتوقع أن تستقر الأمور من خلال الحوار"، متوقعًا أن يستمر الإرهاب في استهداف مدن كبرى في العالم على الرغم من هزيمة داعش في العراق وسورية. وطالب بضرورة رفع منستوى التنسيق بين دول العالم للسيطرة على توسع الجماعات الإرهابية ومنعها من امتلاك أسلحة دمار شامل.

سياسات ترمب

في جلسة تناولت "الأحداث الرئيسية التي ستؤثر على العالم في 2018"، قال أيان بريمر، رئيس ومؤسس الجمعية الأوروبية الأسيوية "يوروآسيا"، إن الصين قادرة على قيادة الاقتصاد العالمي فيما يفتقر العالم إلى قيادات نموذجية قادرة على التأثير في توجهات الأحداث وبناء التحالفات الفعالة.

اعتبر بريمر أن سياسات الرئيس الأميركي دونالد ترمب أفقدت أميركا قدرتها على التأثير في ساحات الصراع مثل بحر الصين وسورية، كما أن انسحاب أميركا من اتفاقية المناخ وتصريحات ترمب الأخيرة قوبلت برفض دولي واسع يكاد يشمل مجمل السياسات الخارجية الأميركية.

أوضح أن حال أوروبا شبيه بالوضع في أميركا من حيث التفاوت وهيمنة الاحتكارات الاقتصادية الكبرى، "وهذا أدى بدوره إلى انتشار النزعات الشعبوية في هذه البلدان وتراجع الأنموذج الاقتصادي الغربي لصالح دول مثل الصين واليابان اللتين تمتلكان اقتصادهما وتوظفان الجزء الأكبر من الناتج الإجمالي المحلي لرعاية المواطنين واستيعابهم في وظائف تتناسب مع كفاءتهم".

أربعة تحديات

في جلسة المنتدى حول حالة العالم العربي اقتصاديًا في 2018، اعتبر جهاد أزعور، المدير الإقليمي لصندوق النقد الدولي لمنطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى، أن عام 2018 سيكون عام التحولات، والعالم العربي على مفترق طرق. وتوقع أن يشهد العالم العربي نموًا اقتصاديًا بنسبة 3.7 في المئة، مشددًا على أن السياسات الانغلاقية تشكل عائقًا أمام أي فرصة لتحقيق الاستقرار والنمو.

اختصر أزعور التحديات الأساسية التي تواجه العالم العربي اقتصاديًا في عام 2018 بأربعة هي:

- التكيف مع مرحلة ما بعد النفط لبناء اقتصاد جديد
- إجراء إصلاحات بنيوية
- العمل على تخفيض أثر الصراعات والوضع الجيوسياسي الذي يؤثر سلبًا على النمو الاقتصادي
- دعم المؤسسات ومحاربة الهدر والفساد

عولمة غير عادلة

حول حالة العالم اقتصاديًا، قال الدكتور جوزيف ستيغليتز، الحائز على جائزة نوبل في علوم الاقتصاد، إن العولمة أصبحت واقعًا مفروضًا على دول العالمـ ويتوقع استمرارها في السنوات المقبلة نظرًا لإيجابياتها العديدة مثل زيادة حجم التجارة الدولية والاستثمارات الأجنبية، والنمو الاقتصادي، ونشر العديد من المفاهيم والأفكار الحديثة.

أوضح ستيغليتز، بحسب تقرير وام، أن العولمة لا تزال غير عادلة بالنسبة للعديد من الأطراف، فهناك الكثير من الدول التي تضررت جرائها، ولا تزال تعاني آثار أزماتها الاقتصادية، مشيرًا إلى أن الدول المتقدمة لم تسلم من سلبيات العولمة، "فسياسات فرض الضرائب التي ينتهجها ترامب على سبيل المثال أدت إلى تأجيج السخط وعدم الرضا على أثر اتساع الفجوة بين الأغنياء والفقراء في الولايات المتحدة الأميركية".

حول حالة العالم العربي سياسيًا في العام 2018 توقع فواز جرجس، استاذ في العلاقات الدولية في كلية لندن للاقتصاد والعلوم السياسية، أن التخبط الأميركي مستمر خاصة بعد الإعلان الأميركي بشأن القدس، واعتبر جرجس أن الرئيس الأميركي لن يستثمر في الصراع المباشر مع إيران، مشددًا على أن غياب أي استراتيجية أو رؤية للسياسة الخارجية لدى الرئيس الأميركي، وكل القرارات التي اتخذها ترمب خلال 2017، سوف تضر بالمصالح الأميركية في المستقبل ويقوض فائض القوة الناعمة الذي بنته أميركا على مدى سنوات وعقود.

في الملف السوري، اعتبر جرجس أن لا تغيير على الوضع الراهن، فيما سيواجه اليمن وضعًا يتسم بتنامي النزاعات القبلية وعمليات الثأر، في حين يتجه العراق إلى استقرار نسبي.

تحولات سعودية

حول الوضع الجيوسياسي الخليجي في 2018، قال الكاتب والإعلامي عبد الرحمن الراشد: "الخلاف في طريقه إلى الحل، ونتوقع أن تعود قطر إلى مجلس التعاون الخليجي قبل نهاية عام 2018".

عن حالة المملكة العربية السعودية، قال الراشد: " تشهد المملكة تحولات جذرية في كافة مفاصل الحياة فيها، مقارنة بما كانت عليه خلال العقود الثلاثة الماضية، فعلى مستوى السياسية الخارجية، نراها اليوم أصبحت نشطة جدًا ومختلفة في نمطها عما كانت عليه في السابق، وداخليًا نرى اليوم تغييرات اجتماعية كبيرة جدًا ومشروعات طموحة وقيادات شابة تضع بصمتها في تسيير الدولة نحو اتجاهات جديدة تتلاءم مع طبيعة المرحلة والعصر".