نصر المجالي: لخص وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون أمام مجلس العموم الموقف البريطاني من مجمل القضايا الراهنة في إقليم الشرق الأوسط، غداة عودته من جولة شملت سلطنة عمان وايران والإمارات، وجولة مماثلة لرئيسة الحكومة شملت السعودية والعراق والأردن. 

وتناول جونسون في تصريحه تحرير العراق من داعش، وزيارة رئيسة الوزراء إلى العراق والأردن، والوضع في اليمن، والخلافات بين قطر وجيرانها في الخليج، ونتائج زيارته إلى عمان وإيران والإمارات، وتدخلات إيران في المنطقة.

وقال جونسون أمام مجلس العموم، يوم الإثنين، إن منطقة الشرق الأوسط تمر بمرحلة مهمة "فمن جهة لدينا بريق أمل، حيث تكاتفت عشرات الدول لكسر قبضة داعش المهلكة في العراق وسوريا".

العراق

وأضاف إنه كان للقوات المسلحة البريطانية دور نفتخر به في الحملة العسكرية التي حررت ملايين الناس - ويوم السبت أعلنت الحكومة العراقية تحرير كامل أراضيها من داعش.

وإشار إلى أنه خلال الزيارة الناجحة لرئيسة الحكومة تيريزا ماي إلى العراق في الشهر الماضي، فإنها أعربت عن شكرها للجنود والجنديات البريطانيين الذين ساعدوا في هزيمة داعش على الأرض، وفي الأردن، أكدت التزام بريطانيا التام بسلام واستقرار واحد من أقوى حلفائنا في المنطقة.

ونبه وزير الخارجية البريطاني إلى أن الهزائم التي تكبدها داعش تتصادف مع تصعيد خطير في القتال في اليمن، حيث تتكشف أمامنا الآن واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم.

آفاق الجولة

وتابع: لقد عدت من أول زيارة لي كوزير للخارجية إلى سلطنة عمان والإمارات وإيران. وكان الغرض من جولتي هذه بحث استجابة بريطانيا - دبلوماسيا واقتصاديا - للأزمة في اليمن.

وأكد أن الحكومة البريطانية تؤمن تمامًا بأن السبيل الوحيد لإنهاء هذا الصراع المأساوي هو التوصل لحل سياسي. وقال: إن جلالة السلطان قابوس، الذي اجتمعت به يوم الجمعة، يتفق معي تماما في هذا الوضع. فقد بحثت مع جلالة السلطان تفاصيل المأساة في اليمن الذي تشترك معه السلطنة بحدود طولها 180 ميلاً.

كما اتفقت أنا وجلالة السلطان على أهمية تسوية الخلافات بين قطر وجيرانها، وأسعدني أن أرى المضي قدما في عقد قمة مجلس التعاون الخليجي في الكويت في الأسبوع الماضي.

واضاف جونسون: ومن مسقط توجهت إلى طهران، حيث اجتمعت بكبار المسؤولين، بمن فيهم الرئيس روحاني، ونائب الرئيس صالحي، ووزير الخارجية جواد ظريف.

الاتفاق النووي

وقد أثرت بصراحة المواضيع التي يختلف فيها بلدانا من حيث المصلحة والنهج، لكن مع ذلك محادثاتنا كانت بنّاءة. وقد كان آخر فصل في علاقات بريطانيا مع إيران قد فُتح بالتوصل للاتفاق النووي في يوليو 2015.

وقال: كما شددت في كل اجتماع حضرته على الأهمية الكبيرة التي تعلقها المملكة المتحدة على الحفاظ على هذا الاتفاق.

ونوه إلى أنه ِكي ينجو الاتفاق النووي، يجب على إيران مواصلة تقييد برنامجها النووي تماشيا مع ما ينص عليه الاتفاق - والوكالة الدولية للطاقة الذرية قد تحققت من التزام إيران حتى الآن - كما يجب على الأطراف الأخرى احترام جانبها من هذا الاتفاق عن طريق مساعدة الشعب الإيراني على التمتع بالفوائد الاقتصادية لمعاودة التواصل مع العالم.

وقال جونسون: يعلم هذا المجلس (مجلس العموم) بالدور المعرقل الذي تلعبه إيران في أنحاء المنطقة، بما في ذلك في سوريا واليمن. ومحادثاتنا بهذا الشأن كانت صريحة وبنّاة، رغم أن ليس بإمكاني أو إمكان نظرائي الإيرانيين زعم أننا توصلنا لاتفاق بشأن كافة المواضيع.

صواريخ الحوثي

ولكي نتمكن من تسوية الصراع في اليمن، يجب على الحوثيين التوقف عن إطلاق صواريخ تجاه السعودية، وبالتأكيد يتذكر المجلس استهداف مطار الملك خالد الدولي في الرياض - وهو المطار السعودي المعادل لمطار هيثرو في لندن - بصاروخ باليستي أُطلق من اليمن في 4 نوفمبر.

وقال وزير الخارجية البريطاني: وقد ضغطت على نظرائي الإيرانيين لأجل ممارسة نفوذهم لضمان إنهاء هذه الاعتداءات العشوائية الخطيرة.

معتقلون

ومن حيث القضايا الثنائية، بحثت خلال زيارتي الأولى إلى إيران محنة مزدوجي الجنسية المعتقلين خلف القضبان. وقد حثثت على الإفراج عنهم حيثما هناك أسباب إنسانية تستدعي ذلك. هذه قضية معقدة تتعلق بأشخاص تعتبرهم إيران من مواطنيها - وإنني لا أرغب في إعطاء آمال زائفة.

وتابع جونسون: لكن اجتماعاتي في طهران كانت مجدية. وبينما أنني لا أعتقد بأن من مصلحة الأشخاص المعنيين أو أحبائهم أن أدلي بتصريحات مستمرة بهذا الشأن، يمكن للمجلس أن يطمئن بأننا سوف نبذل كل الجهود الممكنة لتأمين الإفراج عنهم.

كما أثرت مع السيد ظريف المضايقات التي يتعرض لها الصحافيون العاملون مع القسم الفارسي في هيئة بي بي سي، وعائلاتهم داخل إيران. وأثرت كذلك موضوع سجل إيران عموما بمجال حقوق الإنسان، بما في ذلك كون عدد من يعدمهم النظام بالنسبة لتعداد سكان إيران يتجاوز تقريبا النسبة في أي بلد آخر في العالم.

لكن علينا أن نكون مستعدين لأن تكون لنا علاقات إيجابية مع إيران حيثما يكون ذلك ممكنا - مثلا بتشجيع التبادلات العلمية والتعليمية والثقافية.

في أبوظبي

وقال وزير الخارجية: بعد ذلك توجهت إلى أبو ظبي لعقد محادثات يوم أمس مع قيادات الإمارات، مع التركيز على الحرب في اليمن. وقد اتفقنا على ضرورة فتح ميناء الحديدة بالكامل أمام المساعدات الإنسانية والسلع التجارية، حيث هذا الميناء يستقبل أكثر من 80 بالمئة من واردات اليمن.

واتفقنا كذلك على ضرورة إحياء العملية السياسية، مع إدراكنا إلى أن اغتيال الرئيس السابق، علي عبد الله صالح، على يد الحوثيين قد يتسبب في أن يصبح القتال أكثر انقساما.

وبحثنا أفضل السبل للتصدي لخطر إطلاق صواريخ من اليمن، ورحبنا بالتحقيق الذي تجريه الأمم المتحدة بشأن منشأ الصواريخ التي تم إطلاقها.

معاناة

وأكد وزير الخارجية البريطاني أن قلقنا حيال المعاناة التي لا توصف في اليمن يجب ألا تعمي أبصارنا عن واقع أن تسوية قتال بهذا الحجم والتعقيد سوف يستغرق وقتاً ويتطلب صبراً - والنجاح في ذلك غير مضمون - لكن فرصة تحقيق تقدم ممكنة فقط بالتواصل مع كافة القوى في المنطقة، بما فيها إيران، وفقط بتحريك المجموعة الفريدة من صداقات بريطانيا في الشرق الأوسط.

وخلص جونسون إلى القول أمام مجلس العموم: إنني عازم على المضي قدمًا في هذه المهمة، مع إدراكي للمأساة الإنسانية في اليمن، وسوف أجتمع مع زملائي الخليجيين والأميركيين مجددا في أوائل السنة الجديدة.