دعا قادة الدول الإسلامية في ختام قمتهم الطارئة في إسطنبول الأربعاء العالم إلى الاعتراف بالقدس الشرقية عاصمة لفلسطين، فيما أعلن الرئيس الفلسطيني محمود عباس أن الولايات المتحدة لم يعد لها أي دور في العملية السياسية.

إيلاف من إسطنبول: كان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان دعا إلى قمة طارئة لقادة منظمة التعاون الإسلامي في إسطنبول، سعيًا إلى الخروج بموقف إسلامي إزاء القرار الأميركي الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل.

يهدد الأمن الدولي
ومع انقسام العالم الإسلامي نفسه، عجزت القمة عن الاتفاق على أي عقوبات ملموسة ضد إسرائيل أو الولايات المتحدة. لكن القادة قالوا في بيانهم الختامي: "نعلن القدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطين، وندعو الدول إلى أن تعترف بدولة فلسطين وبالقدس الشرقية المحتلة عاصمة لها".

أضافوا "نرفض وندين بأشد العبارات القرار الأحادي غير القانوني وغير المسؤول لرئيس الولايات المتحدة الأميركية القاضي بالاعتراف بالقدس عاصمة مزعومة لإسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، ونعتبره لاغيًا وباطلًا". واعتبروا أن قرار ترمب "تقويض متعمد لجميع الجهود المبذولة لتحقيق السلام، ويصب في مصلحة التطرف والإرهاب، ويهدد السلم والأمن الدوليين".

وفي ختام القمة سعى أرودغان إلى الإضاءة على موقفه باستخدامه خارطة رقمية لشرح تآكل مساحة الأراضي الفلسطينية منذ 1948 تاريخ قيام دولة إسرائيل. وقال الرئيس التركي إن "فلسطين هي المالك الحقيقي لهذه الأراضي". أضاف أردوغان، الذي يتولى الرئاسة الدورية للمنظمة، إن "ترمب يريد أن يكون كل هذا إسرائيل. هذا نتاج عقلية صهيونية".

إسرائيل مع الحريات الدينية
وفي خطاب له في أعقاب قمة منظمة العالم الإسلامي، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو: "لسنا منبهرين بكل تلك التصريحات". أضاف نتانياهو "الأجدى بالفلسطينيين الاعتراف بالواقع، والعمل من أجل السلام، وليس التطرف".

تابع "عليهم الإقرار بحقيقة أخرى حول القدس: هي ليست فقط عاصمة إسرائيل، بل نحرص في القدس على احترام حرية العبادة لكل الأديان، ونحن الذين نفعل ذلك في الشرق الأوسط، ولا أحد غيرنا".

بمثابة انسحاب دور الوساطة
من جهته، حذر عباس بلهجة حادة أن "القدس كانت ولا تزال وستظل إلى الأبد عاصمة دولة فلسطين (...) لا سلام ولا استقرار بدون أن تكون كذلك". وندد بالقرار الأميركي قائلًا "إن الوعد الذي قدمه ترمب للحركة الصهيونية، وكأنه يهدي مدينة من المدن الأميركية، فهو الذي قرر ونفذ وفعل. إن الولايات المتحدة بذلك قد اختارت أن تفقد أهليتها كوسيط، وألا يكون لها دور في العملية السياسية". تابع أنه "لن يتم القبول بأن يكون للولايات المتحدة دور في العملية السياسية بسبب انحيازها إلى إسرائيل". 

وهو ما أكد عليه البيان الختامي لقادة الدول الإسلامية المجتمعين، إذ اعتبروا أن القرار "بمثابة إعلان انسحاب الإدارة الأميركية من ممارسة دورها كوسيط في رعاية السلام وتحقيقه بين الأطراف". ويعد وضع القدس بين أكثر المسائل حساسية في النزاع المستمر منذ عقود. 

وتعتبر إسرائيل القدس بشطريها عاصمتها الموحدة، في حين يطالب الفلسطينيون بأن تكون القدس الشرقية عاصمة لدولتهم المنشودة. وقال أرودغان "لم يعد من الوارد" أن تضطلع الولايات المتحدة بدور وسيط في النزاع الإسرائيلي-الفلسطيني.

وكانت الإدارات الأميركية المتعاقبة فشلت في لعب دور الوسيط من أجل التوصل إلى اتفاق سلام منذ اتفاقات أوسلو في تسعينيات القرن الماضي. ويسعى ترمب إلى إعادة إحياء محادثات السلام عبر صهره جاريد كوشنر.

مادورو مفاجأة القمة
ويأمل أردوغان توحيد العالم الإسلامي وراء موقفه الحازم إزاء قرار واشنطن. لكن العالم الإسلامي يعاني بالأساس من انقسامات عميقة.

ومن بين قادة الدول الـ20 الذين لبّوا دعوة أردوغان، الرئيس الإيراني حسن روحاني والعاهل الأردني عبدالله الثاني وأمير الكويت صباح الأحمد الجابر وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني والرئيس اللبناني ميشال عون ورئيسا أفغانستان وأندونيسيا.

وقال روحاني، الذي لا تعترف بلاده بإسرائيل، إن "بعض الدول في منطقتنا تتعاون مع الولايات المتحدة والكيان الصهيوني وتحدد مصير فلسطين". وحضر القمة الرئيس السوداني عمر البشير الصادرة بحقه مذكرة توقيف دولية، واستقبله أردوغان بحفاوة.

وكان حضور الرئيس الفنزويلي اليساري نيكولاس مادورو القمة لافتًا، إذ إن بلاده لا يوجد فيها عدد كبير من المسلمين، لكنه يبقى معارضًا قويًا للسياسات الأميركية. 

أثار قرار ترمب الأربعاء الماضي الاعتراف بمدينة القدس عاصمة لإسرائيل، موجة غضب في العالمين العربي والإسلامي مع نزول مئات الآلاف إلى الشوارع للتنديد بالقرار والتضامن مع الفلسطينيين.

وفي الأراضي الفلسطينية أسفرت الاحتجاجات عن مقتل أربعة أشخاص، وإصابة المئات في مواجهات أو غارات إسرائيلية ردًا على إطلاق صواريخ من غزة.