إيلاف من دبي: يلقب بعاشق الخليج واللغة العربية والحياة البدوية بشكل خاص عاش فترات طويلة من حياته في منطقة الخليج العربي، وتدرج في دوائر الحكومة البريطانية المهتمة بمنطقة الشرق الأوسط حتى أصبح المتحدث الرسمي باسم الحكومة البريطانية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.. هو "ادوين سموأل" الذي كشف لـ"إيلاف" في لقاء خاص معها تفاصيل زيارة وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون الاخيرة الى منطقة الخليج العربي، والتي زار فيها ايران وسلطنة عمان والإمارات، وكيف تتعامل السياسة البريطانية في المنطقة وأوضح حقيقة كثير من المواقف البريطانية في الآونة الأخيرة، وخصوصا فيما يتعلق بالعلاقات البريطانية مع كل من إيران وقطر.

ودعا القطريين إلى تقديم تنازلات لتحقيق المصالحة الخليجية والعمل بفعالية لمحاربة الإرهاب، كما دعا إيران إلى استخدام نفوذها بشكل جيد في المنطقة ووقف تدخلها العسكري في شؤون الدول المجاورة ووقف تمويل الجماعات المتطرفة في لبنان وسوريا واليمن.

الوساطة الكويتية لم تفشل بعد

بداية تحدث سموأل عن زيارة بوريس جونسون وزير الخارجية البريطاني الأخيرة للمنطقة وإيران. قائلا: "نحن كبريطانيون يهمنا كثيرًا تحقيق الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط وخصوصًا في منطقة الخليج. وطرحنا انه يجب على كل أطراف الأزمة الخليجية القائمة بين السعودية والإمارات والبحرين من جهة وقطر من جهة أخرى أن تناقش الاختلافات بينها بشكل سلمي تحت رعاية الوساطة الكويتية، وفي اعتقادي أن تلك الوساطة لم تفشل بعد ولكن يجب الاستمرار في محاولة الصلح".

أضاف: "نحن نريد أن تكون مطالب الدول من قطر معقولة وأن بعض المطالب تحتاج إلى مراجعة. هذا لا يعني أن قلق الدول الأربع لا أساس له من الصحة، وهذا يعني أن القطريين بحاجة إلى أن يكونوا مستعدين لتقديم بعض التنازلات للاعتراف بالقلق المشروع لجيرانهم حول مكافحة التطرف، وان يقتنعوا بأنه إذا لم يطمئن جيرانها الخليجيين بأن الجهود القطرية لمكافحة الإرهاب ليست كافية فعلى القطريين أن يكون لهم رد مناسب لهذا بأن يقوموا بتفعيل جهودهم لمحاربة الإرهاب وذلك حتى تتم المصالحة الخليجية".

وأشار سموأل إلى أن "بريطانيا مقتنعة بأن الجميع في منطقة الخليج في حارة واحدة ولا بد أن نحمي حارتنا لان هذه الانقسامات الخليجية في العائلة الخليجية تضر بالمصالح البريطانية في المنطقة". وتابع: "نحن لدينا تاريخ عريق مع البيت الخليجي ونعتمد على تعزيز التحالف مع دول الخليج وتجديد العلاقات معها خاصة بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.. ولذا يهمنا أن تكون دول الخليج متحدة بعيدًا عن الانقسام والتشرذم".

مقاتلات تايفون

وفي رده على سؤال حول بيع بريطانيا طائرات تايفون لقطر ولماذا اشترت قطر هذه الصفقة رغم عدم وجود الخبرة والطيارين لقيادة تلك الطائرات لديها، قال إن هذه الصفقة التي وقعتها قطر مع بريطانيا لشراء 24 طائرة مقاتلة من طراز "تايفون" بقيمة ثمانية مليارات دولار، لا يؤثر على الموقف البريطاني بخصوص تحقيق الصلح الخليجي ورأب الصدع والانقسامات في مجلس التعاون الخليجي، لافتا إلى أن "المملكة العربية السعودية قامت بتوقيع صفقتين العام الماضي مع بريطانيا للحصول على طائرات مقاتلة. وأن وهذا ليس له علاقة بالموقف البريطاني تجاه الأزمة الخليجية.. فقطر تشتري أيضا مقاتلات وأسلحة من الروس والصينيين".

جونسون والرسائل الثلاث لطهران

وذكر سموأل أن زيارة بوريس جونسون وزير الخارجية البريطانية لعدد من دول المنطقة مؤخرا وهي إيران وسلطنة عمان والإمارات لها عدد من الأهداف تصب في صالح المنطقة ومستقبلها. مبينا أن "بريطانيا افتتحت منذ عامين سفارتها في طهران بعد إغلاقها عقب الهجوم الذي تعرضت له السفارة من قبل الإيرانيين، وقد وقع مثل هذا الهجوم على السفارة السعودية في طهران أيضا، لذا نحن نتعاطف مع السعودية جراء ذلك الهجوم على سفارتها.. ونهدف من التقارب مع إيران إلى فتح قنوات حوار مع عبر السفارات والدبلوماسية بشكل عام من أجل تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة.

وأكد أن "الوزير جونسون زار طهران ومعه 3 رسائل، كانت صعبة وصريحة، أولها هو أنه لو ترغب إيران في دخول الأسرة الدولية و المجتمع الدولي بشكل كامل فلا بد عليها أن تحترم كل الدول في المجتمع الدولي وأن توقف التدخل العسكري في شؤون الدول المجاورة، وثانيها ضرورة أن تلتزم طهران بإيقاف تمويل الجماعات المتطرفة في لبنان وسوريا واليمن، وثالثها ضرورة أن تستخدم إيران تأثيرها ودورها في المنطقة بشكل إيجابي".

تغييرات تجتاح المنطقة

وفي تعقيبه على سؤال: هل تعتقد بريطانيا أن إيران ستنفذ هذه الإجراءات الثلاثة بدون مراوغة؟ أجاب سموأل بنعم، لافتا إلى أن "70 % من المجتمع الإيراني هم في سن أقل من الثلاثين وبالمثل الطرف الآخر من العالم العربي، كما أن النخبة السياسية في إيران ترى أن مستقبل بلدهم يعتمد على رضى هذا الجيل الجديد، وهذا يعني أنهم إن شاءوا أم أبوا فإن التحديث قادم لا محالة، وسيكون لديهم قدرات جديدة ووظائف جديدة وستضطر النخبة السياسية الإيرانية لتوفير الإمكانية للجيل الجديد مع التغييرات نحو التحديث التي تجتاح المنطقة وهذا لا يحدث إلا بالتعاون مع الغرب وبريطانيا.. وبالتالي فإن بريطانيا تريد أن تفتح حوارا مع الإيرانيين حتى يكون لهم دور ايجابي في سوريا وفي إزالة التدخل الإيراني في اليمن ولذلك نحتاج أن نفتح معهم هذه الملفات وأطر الحوار".

وكشف أن هناك ضغوطات تمارسها الحكومتان البريطانية والأميركية على صفقة الاتفاق النووي الإيراني، وان الحكومة البريطانية وخاصة وزير خارجيتها بوريس جونسون مقتنعان تماما أن سباق التسلح النووي في منطقة الشرق الأوسط قد يسلك نفس المسار مع حالة كوريا الشمالية، مما يسبب حالة اكبر خطرا على العالم وتحقيق الأمن والاستقرار فيه.

ميناء الدقم

وذكر سموأل "لدينا تعاطف عميق وتاريخ عريق مع سلطنة عمان، فالسلطان قابوس بن سعيد سلطان عمان من الزعماء العرب المعروفين جليا لدى الحكومات البريطانية المتعاقبة وهو صديقا مقربا منها، ولديه رؤية مشتركة وأكثر قربا مع من الرؤى البريطانية، والعمانيون شعب محافظ ولديهم تحديات مستقبلية وهم يمثلون الاندماج بين المحافظة والانفتاح، ولابد أن ندعم هذه الرؤية العمانية، ولهذا فإن بريطانيا ستؤسس قريبا وجود عسكري دائم في سلطنة عمان في مجال التدريب لندرب القياديين العسكريين في السلطنة حتى نشرف على مستقبل النظام القادم فيها". المملكة المتحدة لديها تشابه كبير مع النسخة العمانية من الوسطية. 

وأوضح أن ميناء الدقم في سلطنة عمان سيكون له دور فعال ومؤثر وحيوي في تحويل الاقتصاد العماني وسيكون مركزا رئيسيا لحركة الشركات البريطانية بالتعاون مع السلطنة مستقبلا. وأنه يرى أهمية وعمق هذا الميناء في خدمة مستقبل البلدين وانفتاح التجارة ليست فقط لعمان بل ستعم الفائدة على كل دول الجزيرة العربية حسب قوله.

وأصبح ميناء الدقم الواقع على الساحل الجنوبي الشرقي من سلطنة عمان والواقع بعيدا عن مضيق هرمز والخليج العربي، والمطل على بحر العرب والمحيط الهندي، واقعاً مهماً في منطقة الشرق الأوسط وأحدث نقلة نوعية وسريعة في مشهد الصناعة البحرية. فبحوضه العميق الواسع، وجدران رصيفه الطويلة لديه المقومات التي تجعل منه بابا تجاريا متعدد الأغراض بمستوى عالمي. وبكونه مرتكزاً أساسياً للمنطقة الاقتصادية الضخمة التي من المخطط إقامتها في الدقم، فإن لديه الإمكان ليتطور ويصبح من أكبر الموانئ في الشرق الأوسط على المدى الطويل.

جونسون في الإمارات

وأكد سموأل أن "دولة الإمارات تتمتع بأهمية كبيرة وتعد من الدول الأساسية لدى بريطانيا، وتمثل نقطة تمركز مهمة في زيارة أي وزير بريطاني للمنطقة. فلدينا 100 ألف بريطاني يعيشون في دولة الإمارات وفضلوا العيش فيها عن بريطانيا، والإمارات تعد الدولة العربية الأولى التي يقطن فيها هذا العدد الكبير من البريطانيين..وهذا بسبب البيئة الملائمة الحاضنة للأجانب والمتسامحة، ويرجع هذا إلى الدور الكبير وسياسة الانفتاح والتسامح وتحقيق الرفاهية والسعادة لكل المواطنين والمقيمين على أرض الإمارات التي تتبعها القيادة الإماراتية برئاسة الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات وبتوجيهات الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي والشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية.. فقيادة دولة الإمارات لديها رؤية استثنائية متميزة سمحت لكل الطموحات الشابة في العالم، بأن يأتوا إلى الإمارات أرض الأحلام والطموحات لتحقيق أحلامهم وطموحهم وبناء ذاتهم على أرض خصبة مؤهلة للنجاح والتميز والتقدم في جميع المجالات.. كما يرغب كل مقيم على أرض الإمارات أن ينقل التجارب الناجحة فيها لبلده في شتى نواحي الحياة".