يبدو أن العالم مقبل على نقلة نوعية في تاريخه الحديث كتلك النقلة التي شهدها قبل ما يقرب من 100 عام، وقت أن لم يكن أمام سكان كوكب الأرض سوى عدد محدود من الأمور التي كانت تُسَهِّل عليهم حياتهم بعض الشيء في أكثر الدول تقدما وقتها وليس في كل دول العالم، ففي أميركا نفسها، على حسب ما أوضح روبرت غوردون في كتابه The Rise and Fall of American Growth، لم تكن خدمات مثل السباكة المنزلية، الكهرباء والسيارة متاحة سوى لعدد قليل من الأميركيين.

ولم تبدأ الأمور بعدها في التغير إلا بعد عام 1920، حيث بدأت تزداد الإنتاجية بمستويات لم يسبق أن حدثت من قبل أو منذ أن مهدت تحولات ثانوية (كما تصنيع الأجهزة الكهربية، تطوير البنية التحتية والتحول إلى العمل وفق نظام البيع بالتجزئة ) إلى حدوث تغييرات اجتماعية كدخول المرأة سوق العمل وظهور حياة الضواحي.

وتكهن تقرير نشره اليوم موقع inc الإلكتروني بهذا الصدد بأن العالم اليوم يوشك على دخول حقبة جديدة ستشهد مجموعة تحولات ثورية كتلك التي حدثت قبل 100 عام.

وأشار التقرير إلى أن العالم يقف بالفعل على أعتاب تغييرات ثورية في مجالات عدة من بينها هندسة الحوسبة، التصنيع وكذلك الطرق التي يمكن من خلالها دعم الاقتصاد.

وينتظر أن يلمس العالم تلك التغييرات الثورية، التي ما زالت في طور البداية اليوم، خلال مدة زمنية قصيرة بعد حلول عام 2020، ولهذا فإن كل من يود في خوض غمار المنافسة كما ينبغي خلال 10 أعوام، كل في مجاله، فله أن يبدأ التحول بدءً من الآن.

العالم في طريقه لحقبة ما بعد قانون مور

حيث تشير التوقعات إلى أنه وفي الوقت الذي يقترب فيه قانون مور من نهايته، فإن أساس المنافسة سيتحول من التطبيقات ويعود مرة أخرى لتحسين التكنولوجيا الأساسية. وستتمثل الخطوة الأولى في إيجاد طرق للخروج من التكنولوجيا الموجودة بين أيدينا بالفعل، حيث بدأت غوغل ومايكروسوفت على سبيل المثال في تصنيع الشرائح الخاصة بهما للاستفادة منها بأفضل شكل ممكن في مهام الذكاء الاصطناعي. 

كما سيتعين على العالم البدء في التحول للنواحي الهندسية الجديدة كليةً مثل الحوسبة العصبية والكمية. ونوه التقرير إلى أن مجموعة كبيرة من الشركات، سواء العملاقة مثل آي بي إم وانتل وكذلك الناشئة مثل ريغيتي ودي-ويف، قد أنفقت مليارات الدولارات لتطوير مثل هذه الأشياء خلال السنوات الأخيرة، وينتظر أن تتوافر أشكال الحوسبة العصبية والكمية من الناحية التجارية بحلول عام 2020.

ثورة في مجال الطاقة

فمنذ أن قام الرئيس جيمي كارتر بتثبيت ألواح شمسية فوق سقف البيت الأبيض عام 1979، والطاقة المتجددة هي مثار الأحاديث السياسية على نطاق واسع منذ ذلك الحين. ويتطلع الناشطون في مجال الحفاظ على البيئة إلى تطبيق تقنيات مثل طاقة الرياح والطاقة الشمسية لإنقاذ الكوكب، في حين ينظر المشككون إلى تلك التقنيات على أنها عبء اقتصادي لا يحبه سوى مناصري الحفاظ على البيئة غير العقلانيين.

ونوه الموقع إلى أن العالم يقف الآن عند منعطف، خصوصا مع العلم أن تكاليف مصادر الطاقة المتجددة تتراجع بمعدل لا يصدق وأنها ستكون أرخص بكثير من الوقود الحفري خلال العقد المقبل. وفي نفس الوقت، تسير عمليات تصنيع السيارات الكهربية على قدم وساق ويتوقع لها أن تصير أرخص من السيارات التي تعمل بالغاز بحلول عام 2022، فضلا عن إجراء بحوث واسعة النطاق على تقنيات جديدة متعلقة بتصنيع البطاريات، والرائع في الأمر هو حدوث تقدم كبير بهذا المجال.

الانتقال من البتات Bits إلى الذرات Atoms

فبعدما تسببت النهضة الإنتاجية التي بدأت في عشرينات القرن الماضي في تحويل كل جوانب الحياة، يتوقع أن يشهد العالم خلال الفترة المقبلة طفرة مماثلة، وربما يبدو المستقبل أكثر إشراقا بعد عام 2020 مع مضي مجموعة من التقنيات الناشئة في طريقها وتحول الابتكارات من البتات إلى الذرات. ويتوقع أن تساهم جوانب هندسة الحوسبة الجديدة الأكثر فعالية وكذلك تراجع تكاليف الطاقة والتطور الحاصل في مجال الذكاء الاصطناعي في تسريع وتعزيز تلك الاتجاهات بشكل كبير مستقبلاً.

الحفاظ على وتيرة التحول وهو ما يمكن اكتشافه بالنظر إلى طريقة عمل الشركات الكبرى منذ بداية القرن الحالي وما طرأ عليها من تغييرات مذهلة في واقع الأمر، وهو ما يبشر، وفق التوقعات، بظهور عشرات الشركات المميزة، كل في مجالها، خلال 10 أعوام من الآن، مع احتمال تعثر كثير من الشركات الكبرى الأخرى اليوم وتوقف مسيرة أعمالها. ولهذا فإنه وبدلاً من محاولة توقع المستقبل، فإنه من الأفضل استكشافه عبر التواصل مع الغير، تجربة تقنيات ونماذج أعمال جديدة والتزام اليقظة طوال الوقت، وذلك للتأكيد على أن كبرى الشركات لا تتكيف مع ما يحدث حولها وإنما تتحضر له.

أعدت "إيلاف" المادة نقلا عن موقع "inc.com" الإلكتروني، الرابط الأصلي أدناه:
https://www.inc.com/greg-satell/2018-year-to-shift-to-a-new-era-of-innovation.html