«إيلاف» من القاهرة: بسبب تورطهم في الاحتجاجات التي اندلعت نهاية العام الماضي ضد الرئيس عمر البشير، اتخذت السلطات السودانية قرارًا بطرد نحو 54 قيادياً وعنصرًا من المنتمين الى جماعة الإخوان المسلمين الفارين من مصر، وهاجرت القيادات الإخوانية إلى عدة مدن منها تشاد وليبيا وماليزيا وتركيا.

وحصلت «إيلاف» على معلومات تفيد بأن نظام حكم الرئيس السوداني عمر البشير، اتخذ قرارًا بطرد العشرات من قيادات جماعة الإخوان المسلمين، الذين هربوا إلى بلاده من مصر في أعقاب اسقاط حكم الرئيس الأسبق محمد مرسي في 3 يوليو 2013.

وحسب المعلومات المتوافرة، فإن الرئيس عمر البشير قرر طرد نحو 54 من قيادات وشباب الإخوان الذين لجأوا إلى السودان، فرارًا من الاعتقالات في مصر، بعد فض اعتصام أنصار الرئيس المصري الأسبق محمد مرسي في 14 أغسطس 2013.

وتأتي قرارات السلطات السودانية بعد إجراء تحريات وتحقيقات واسعة، ثبت خلالها مشاركة بعضهم على الانتفاضة التي اندلعت ضد البشير في شهر نوفمبر الماضي، وشملت تظاهرات وإضرابا عن العمل.

وشنّت السلطات الأمنية حملة اعتقالات في صفوف الإخوان المصريين في السودان في نهاية شهر نوفمبر الماضي، شملت نحو 23 شابًا وقياديا في الجماعة، ثم أفرجت عن بعضهم لاحقًا.

وأبرمت قيادات الإخوان في تركيا صفقة سياسية مع السلطات السودانية، تقضي بالإفراج عن المحتجزين، وترحيلهم خارج البلاد، وبموجب الاتفاق، أخطرت السلطات السودانية نحو 54 قيادياً بأنهم غير مرغوب فيهم في السودان، وعليهم الرحيل، وأمهلتهم شهرًا للرحيل إلى وجهة أخرى.

الفرار الى السودان

وفرّ نحو 500 من عناصر وقيادات الإخوان المسلمين إلى السودان، بعد فضّ اعتصام رابعة في 14 أغسطس 2013، واستقرّ بعضهم هناك، بينما رحل آخرون منه إلى تركيا وقطر، وكان من بينهم القيادي عمرو دراج، وزير التنمية المحلية الأسبق، وصلاح عبد المقصود، وزير الإعلام الأسبق، وفشل رئيس الوزراء الأسبق هشام قنديل في الهروب عبر السودان، وتعرض للاعتقال، وأفرج عنه لاحقًا.

وطبقًا لمعلومات «إيلاف» فإن فرع الجماعة في السودان، بقيادة المراقب العام للجماعة الحبر يوسف نور الدايم، رفض التدخل لدى السلطات السودانية، من أجل الإبقاء عليهم، مع التزامهم بعدم الانخراط في أية أنشطة سياسية سواء تخص مصر أو السودان.

ويرجع رفض المراقب العام التدخل لدى السلطات السودانية، إلى أن غالبية المطرودين ينتمون إلى جناح القيادي الإخوان الراحل محمد كمال، الذي أعلن انشقاقه عن الجماعة، في شهر مايو الماضي، ويؤيده غالبية شباب الجماعة في مصر.

وأعلن كمال تشكيل مكتب جديد للإرشاد، لا يضم القيادات القديمة، وهو ما أثار غضبها، وعلى رأسهم المرشد العام الموقت محمود عزت، ورفض المراقب العام لإخوان السودان طلب كمال مبايعته، وإجراء انتخابات داخلية في السودان، لاختيار مكتب جديد.

وبدأ الإخوان المصريون في الرحيل فرادى وجماعات من السودان، وتوجه بعضهم إلى دولة تشاد المجاورة، ورحل آخرون إلى ليبيا، وفضلت مجموعة أخرى اللجوء إلى ماليزيا وتركيا.

وتأتي التطورات الأخيرة للإخوان المصريين في السودان، على خلفية الصراعات بين قيادات الجماعة، ولاسيما بين جناحيها القديم والشباب. فالجناح القديم يقوده محمود عزت، المرشد العام المؤقت، والذي يتحكم في كل مصادر تمويل الجماعة، ويحظى بدعم المرشد وقيادات الجماعة في السجون.

بينما جناح الشباب الذي أسسه القيادي محمد كمال، قبل تعرضه للقتل على أيدي القوات الأمنية في نهاية العام الماضي، يحظى بتأييد غالبية الشباب في مصر. وأدت الصراعات بين قيادات الجماعة إلى تشرذمها وانقسام الشباب، ووصل الأمر إلى حد الوشاية ببعضهم البعض.

وتفجّرت الصراعات بشكل واضح في الجماعة عندما أعلن القيادي الراحل محمد كمال انشقاقه عن الجماعة وتشكيل مكتب شورى جديد، كما أعلن أنه أجرى انتخابات في مصر بين أعضاء الجماعة، وذلك في شهر مايو الماضي.

وفي 3 أكتوبر الماضي، أعلنت السلطات الأمنية المصرية مقتل كمال، ونسبت إليه قيادة اللجان النوعية للعمل المسلح في الجماعة، ونسبت إليه أيضًا التخطيط لارتكاب العديد من العمليات الإرهابية.

وفي شهر ديسمبر الماضي، أعلن جناح محمد كمال في الجماعة، تشكيل مكتب جديد للإرشاد، وأرسل إلى الإخوان في السودان، وطالبهم بضرورة إجراء انتخابات داخلية، وتشكيل مكتب للإرشاد، إلا أن المراقب العام للإخوان في السودان رفض تلك التوجيهات، لاسيما أنه يدين بالولاء للقيادات القديمة، وخاصة المرشد العام الموقت محمود عزت أو المرشد العام المسجون محمد بديع، والرئيس الأسبق محمد مرسي.

الإضطهاد

وتعرض شباب الإخوان المنتمين إلى جناح محمد كمال للإضطهاد من قبل القيادات المصرية والسودانية، ووصل الأمر إلى حد قطع الإعانات وطردهم من الوحدات السكنية التي يقيمون فيها في مدينة الخرطوم، وطردهم من الأعمال والوظائف التي وفرتها لهم الجماعة في السودان.

وأطلق شباب الإخوان الهاربون&في السودان حملة تحت مسمى "قيادات الخارج تذبحنا". وقالوا إنهم يتعرضون للإهانة و"أعمال وحشية تمارس ضد الشباب الهارب من مصر، والذي يُجبر على القيام بأعمال العبيد أو أن يتم تسليمه إلى الشرطة هناك". على حد قولهم.

وأضاف شباب الجماعة في حملتهم، التي دشنوها على مواقع التواصل الاجتماعي، ولاسيما فيسبوك، أنهم "يتعرضون لعنف ممنهج ومستمر بشكلٍ يومي، وهو الأمر الذي يضطرهم إلى مغادرة السودان ليُلاقي العديد منهم حتفه في الطريق أو أن يتم القبض عليه وترحيله إلى مصر حيث السجون في انتظارهم".

وكشف شباب الجماعة أن "المهاجر إلى قيادات الإخوان بالسودان، إما أن يُنفذ ما يملى له حرفيًا وكأنه قرآن، أو أن يتم معايرته بالإنفاق عليه وإطعامه، وتعذيبه وجلده كأنه عبد، ثم يتم طرده في الصحراء ليُلاقي مصيره".

كما كشف الشباب أن ما يتعرضون&له يأتي في سياق الصراعات بين قيادات الجماعة، وقالوا إن "قيادات التنظيم بالسودان لديهم أوامر بتصفية الشباب وتسريحهم، بأوامر جاءت من مكتب محمود عزت".

وكان الجيش المصري تدخل بقيادة وزير الدفاع آنذاك عبد الفتاح السيسي، وعزل الرئيس محمد مرسي، المنتمي إلى جماعة الإخوان في 3 يوليو 2013، وتعرض المئات من عناصر الجماعة للقتل في 14 أغسطس من العام نفسه أثناء فض اعتصامهم في ميداني رابعة العدوية ونهضة مصر، وفر المئات آخرون إلى الخارج، لاسيما السودان وقطر وتركيا وليبيا.

&