مدينة كيبك: شارك آلاف الكنديين ورئيس وزراء بلادهم جاستن ترودو الجمعة في كيبك في تشييع القتلى الثلاثة الآخرين في الهجوم الذي استهدف مسجدًا في حي سانت فوا في مدينة كيبك مساء الاحد.

وفي مركز كيبك للمؤتمرات، الذي تم تحويله الى مسجد للمناسبة، شارك نحو خمسة آلاف شخص في مراسم تكريم ثلاثة كنديين قتلوا مساء الاحد برصاص اطلقه طالب كيبكي، يبلغ من العمر 27 عاما، وينتمي الى اليمين المتطرف.

احد القتلى هو عز الدين سفيان المغربي الاصل، الذي يعمل بقالًا، والاثنان الآخران من اصل غيني، وهما مامادو تانو باري، وهو محاسب، وابراهيم باري، الذي كان موظفا، ويحمل الجنسية الفرنسية ايضا. ووضعت ثلاثة اكاليل من الورود البيضاء على النعوش الثلاثة.

وقال الإمام حسين غيي ان "عدونا ليس الكسندر بيسونيه، عدونا هو الجهل"، في اشارة الى الطالب الذي اتهم بالقتل ومحاولة القتل.
وعبّر الإمام، الذي وصل من لبنان قبل اربعين عامًا، عن اسفه لـ"اننا نعيش جنبا الى جنب، ولا نعرف بعضنا"، داعيا الكنديين الى الوحدة.

وكان آلاف الكنديين وترودو شاركوا الخميس في تشييع القتلى الثلاثة الآخرين الذين سقطوا في الاعتداء على المسجد، وهم خالد بلقاسمي وحسان عبد الكريم الجزائريا الاصل والتونسي بوبكر الثابتي. وستنقل جثامين هؤلاء الثلاثة الى بلدانهم. 

وسيدفن في الجزائر بلقاسمي (60 عاما) الذي كان ابا لولدين واستاذا في كلية العلوم الزراعية في جامعة لافال في كيبك، وعبد الكريم (41 عاما) الذي كان يعمل مبرمجا معلوماتيا في الحكومة الكندية وابا لثلاث بنات تتراوح أعمارهن بين 15 شهرا وعشر سنوات.

اما الثابتي (44 عاما) الذي كان موظفا في شركة للصناعات الغذائية وابا لولدين (11 عاما وثلاثة اعوام)، فسيدفن بالقرب من تطاوين بجنوب تونس. 

كلمات مسمومة
قال الامام ان "الكسندر بيسونيت وقبل ان يصبح قاتلا كان ضحية (...) رصاص الكلمات المسمومة، ويجب ان يكون آخر هؤلاء الضحايا"، مما اثار تصفيقا حادا من قبل الحشد.

وعبّر الامام عن اسفه لان اشخاصًا يعيشون منذ اكثر من ثلاثين عاما في عاصمة مقاطعة كيبك يجب ان يدفنوا في مونتريال بسبب عدم وجود مقبرة للمسلمين في كيبك التي تضم اكثر من ستة آلاف مسلم. ويبدو ان هذه الدعوة لقيت اصداء. فقد صرح رئيس بلدية المدينة ريجيس لابوم امام الحشد الذي صفق له بحرارة "اقول لكم انه ستكون هناك مقبرة للمسلمين".

ودعا ترودو الكنديين الى "التفكير في التصريحات التي تستهدف بعض مواطنينا عبر استبعادها او تحقيرهم على اساس اصولهم او ديانتهم". وقال انه "حان الوقت ليدرك مطلقو هذه التصريحات من سياسيين ومقدمي برامج وشخصيات عامة اخرى، حجم المشكلة التي يمكن ان تسببها كلماتهم"، ملمّحًا بذلك الى وسائل اعلام شعبوية في كيبك متهمة بتأجيج التوتر حيال المسلمين.

من جهته، اكد رئيس وزراء كيبك فيليب كويار "لننتزع من مجتمعنا الكراهية والاحكام المسبقة والعنصرية". وعبّر عبد المالك القانة (42 عاما) وهو مغربي يقيم في كيبك منذ 12 عاما، عن تأييده لهذه التصريحات. وقال "يجب ان نعرف بعضنا اكثر واعتقد ان الجهل اكثر من الكراهية، هو الذي يسبب هذا النوع من المآسي".

بالنسبة الى كندا، تشكل هذه الماساة صدمة ثقافية. ولم يعد ميثاق الحريات الذي يتم الدفاع عنه بفخر، ينجح في اخفاء انقسامات مجتمع يتزايد فيه الظهور العلني لحركات عنصرية.

قبل ساعات من بدء المراسم الاولى الخميس، تعرض مسجد يقع في حي في وسط مونتريال للتخريب. وقال النائب مارك ميلر ان مجهولين حطموا زجاج نافذة وألقوا بيضًا على واجهة مسجد خديجة، مدينا هذا "العمل المقيت". وذكرت الشرطة في بيان انه في مونتريال وحدها ومنذ الهجوم على المسجد في كيبك، سجلت 11 جريمة و41 حادثا مرتبطا بالكراهية بما فيها تدنيس المسجد الخميس.