بوخارست: نجا رئيس الوزراء الروماني سورين غريندينو الاربعاء بسهولة من تصويت على الثقة فيما تواجه حكومته اليسارية اضطرابات تعم البلاد لمحاولتها تخفيف قانون العقوبات بتهم الفساد مع دعوات الى استقالته.

ولم تتمكن مذكرة حجب الثقة التي قدمتها معارضة اليمين الوسط من الحصول على 233 صوتا مطلوبة في البرلمان الذي يحظى فيه حزب غريندينو الاشتراكي الديموقراطي باغلبية قوية بعد فوزه في الانتخابات قبل شهرين. 

وبدا رئيس الوزراء قويا قبل التصويت واكد انه لن يستقيل. وقال غريندينو (43 عاما) في كلمته عند بدء مناقشة المذكرة "علينا واجب تجاه الشعب الذي منحنا ثقته خلال الانتخابات، ومنحنا ثقته لمواصلة الحكم". 

وعلى مدى اكثر من اسبوع يشارك مئات الالاف في تظاهرات ضد مرسوم طوارئ تمت المصادقة عليه في 31 كانون الثاني/يناير يقول النقاد انه يحمي الفاسدين من المقاضاة. 

ورغم الغاء المرسوم في وقت متاخر من الاحد، الا ان التظاهرات استمرت، حيث تعهد بعض المحتجين بعدم التوقف الا حين تستقيل الحكومة. ورغم تقلص اعداد المتظاهرين بشكل كبير من نصف مليون شخص خرجوا في العديد من المدن والبلدات الاحد- في اكبر تظاهرات منذ انهيار الاتحاد السوفياتي في 1989 - الا انه يتوقع ان تزداد الاعداد مجددا خلال عطلة نهاية الاسبوع. 

وصرح احد المتظاهرين ويدعى دانشيريك ويعمل في مجال الاعلانات لوكالة فرانس برس في ساحة النصر في بوخارست التي تجمع فيها نحو 3000 شخص ليل الثلاثاء "كل عمل اتخذته الحكومة خلال الاسبوع الماضي اثبت انها ليست نزيهة مطلقا". 

مواجهة سياسية

جاء في المذكرة التي قدمها 123 من نواب المعارضة والذين ارتدى العشرات منهم عصبة على اذرعهم تحمل كلمة "استقل"، ان "الشعب الروماني لا يريد العفو عن سياسيين فاسدين وحمايتهم من القانون. ندعوكم الى التوقف عن التصرف ضد القانون". 

ويقول مراقبون ان الغضب الشعبي موجه في معظمه ضد المؤسسة السياسية التي تعاني من الفساد ومن ضمنها زعيم الحزب الاشتراكي الديموقراطي دراغنيا. وحظر على دراغنيا الترشح لرئاسة الوزراء بسبب ادانته بتزوير في الانتخابات، ويحاكم حاليا بتهمة استغلال السلطة رغم نفيه ذلك. 

وقال دراغنيا الاربعاء ان "الحكومة فهمت رسالة المتظاهرين. وسيتم اتخاذ اجراءات اخرى لانهاء هذا النزاع".

وتحولت التظاهرات الى مواجهة سياسية بين الحزب الاشتراكي الديموقراطي ورئيس الدولة المدعوم من المعارضة كلاوس يوانيس الذي كان وراء التظاهرات الشعبية. 

وفي كلمة امام البرلمان الثلاثاء، المح يوانيس الى ان على الحكومة الاستقالة، بقوله انه "لا يكفي الغاء المرسوم واحتمال اقالة وزير. كما ان اجراء انتخابات مبكرة امر مبالغ فيه". 

وقال انه بدلا من ذلك فان على الحزب الاشتراكي الديموقراطي ان يجد حلا. وحذر الرئيس انه "اذا فشل الحزب الاشتراكي الديموقراطي الذي خلق هذه الازمة في حلها فورا، ساستدعي جميع الاحزاب السياسية لاجراء محادثات". 

واضاف "لقد فزتم. الان احكموا وشرعوا، ولكن ليس باي ثمن". 

وفي رد فعل على ذلك تجمع نحو الفي شخص من مؤيدي الحكومة امام القصر الرئاسي واصفين الرئيس كلاوس يوانيس بانه "خائن" لتدبيره موجة الاحتجاجات.

وانتقد غريندينو الرئيس الاربعاء واتهمه بابداء "رغبة قوية في تنصيب حكومته بسرعة". 

"ماراثون صعب"

رغم تراجعها عن قانون الفساد، لا تزال الحكومة تهدف الى الافراج عن نحو 2500 شخص يقضون احكاما بالسجن تقل عن خمس سنوات من خلال مرسوم منفصل يعكف البرلمان على مراجعته. 

وقال غريندينو ان هذا المرسوم يهدف الى خلق التوافق بين القانون والدستور في الدولة العضو في الاتحاد الاوروبي، وخفض الاكتظاظ في السجون. 

الا ان الناقدين يرون ان هذه الخطوة هي محاولة جريئة للافراج عن العديد من المشرعين الذين ثبت تورطهم في الفساد خلال حملة مكافحة الفساد التي جرت في السنوات الاخيرة، والتي جاءت في اطار مساعي رومانيا الى التخلص من سمعتها على انها اكثر دول الاتحاد الاوروبي فسادا. 

وشهدت تلك الحملة ادانة نحو الفي شخص باساءة استغلال السلطة، ومحاكمة رئيس وزراء وعدد من الوزراء واعضاء البرلمان. واثارت مساعي الحكومة الاخيرة المخاوف في بروكسل وواشنطن.

وحذرت المفوضية الاوروبية من "تراجع" رومانيا عن جهودها لمكافحة الفساد، بعد ان كانت اشادت بتلك الجهود في السابق، وقالت ان التراجع في هذا "الماراثون الصعب للغاية" ضد الفساد "سيضر" برومانيا.

كما قالت واشنطن انها تشعر ب"قلق بالغ" حول "المحاسبة" على جرائم الفساد.