إيلاف من الرياض: كشفت ورقة بحث إستراتيجية أعدها معهد دول الخليج العربية بواشنطن، أن هناك توافقًا بين وزراء حكومة الرئيس الأميركي دونالد ترامب&ودول الخليج العربي&تجاه ضرورة اتخاذ موقف صارم تجاه إيران، وأوضحت الورقة، التي اعتمدت في استشفاف سياسات الإدارة الجديدة على تحليل شهادات وزراء ترامب خلال جلسات المصادقة على تعيينهم &أمام الكونغرس الأميركي، أن رؤية وزراء ترامب ورؤية دول الخليج&تطابقت حيال قضايا الاتفاق النووي ودور إيران &في زعزعة الاستقرار بمنطقة الشرق الأوسط.
&
وشأنها شأن أي إدارة أميركية جديدة، يخضع وزراؤها ومسؤولوها&إلى جلسات استماع من قبل &الكونغرس، فيما تحظى هذه الجلسات باهتمام كبير، حيث &تتضمن رسائل مهمة لمواقف هؤلاء المسؤولين تجاه مختلف القضايا، هذا واعتمدت الورقة &البحثية على تحليل شهادات كل من جيمس ماتيس وزير الدفاع، ومايك بومبيو رئيس وكالة الاستخبارات المركزية، وجون كيلي وزير الأمن الداخلي، وريكس تيلرسون وزير الخارجية، وهم يمثلون أركان السياسة الخارجية الأميركية.

جون كيلي وزير الأمن الداخلي الاميركي

تهديد مشترك
&
الورقة البحثية، التي&حصلت "إيلاف" على نسخة منها،&أوضحت أن "جيمس ماتيس" وزير الدفاع الأميركي، اتخذ في شهادته موقفًا متشددًا حيال إيران، مشيرًا إلى أنها أكبر قوة مزعزعة للاستقرار في الشرق الأوسط، وان سياساتها تتعارض مع مصالح أميركا، كما اوضح أن إستراتيجية واشنطن يجب أن تقوم على محاربة الإرهاب وتقديم الدعم للحكومات المتجاوبة والتصدي لهدف إيران بالهيمنة الإقليمية، مؤكدًا أن إيران أثبتت دورها كمصدر للاضطرابات الأساسية في الشرق الأوسط، وأنها &تشكّل تهديدًا مشتركًا للولايات المتحدة&والعرب.
&
و لم يتفاجأ مراقبون من هذا الموقف المتشدّد &لـ "ماتيس" تجاه إيران، حيث كان أثناء ترؤسه للقيادة المركزية الأميركية، وهي محور الوجود العسكري الأميركي في الشرق الأوسط، ذا موقف حازم تجاه سوء سلوك إيران، وهو الموقف الذي لم يتماشَ حينها مع المفاوضات النووية، وبالتالي أُنهيت خدماته قبل أوانها، كما يذكر عن جيمس ماتيس انه اقترح في عام 2011 &ردًا عسكريًا أميركيًا مباشرًا ضد أهداف إيرانية بسبب الهجمات المنتظمة التي تنفَّذ بتوجيه من إيران ضد القوات الأميركية في العراق، &لكن البيت الأبيض رفض الخطة حينها.
&
وبدا جيمس ماتيس &خلال شهادته من مؤيدي التطبيق الصارم للاتفاق النووي، حيث قال إن خطة العمل الشاملة المشتركة ليست مثالية، ولكن عندما تقطع الولايات المتحدة وعدًا علينا أن نسعى للوفاء به والعمل مع حلفائنا، وهو التوجّه الذي يتطابق - بحسب الورقة- &إلى حدّ كبير مع موقف دول الخليج، التي سبق وطالبت بتنفيذ الاتفاق بصرامة بدلًا من إبطاله من جانب واحد، وبينت الورقة انه نادرًا ما نجد تصوّر وزير دفاع أميركي يتناغم تفكيره بهذا القدر مع التفكير المسيطر في بلدان الخليج العربية.

يحترفون الغش
&
أما مايك بومبيو رئيس وكالة الاستخبارات المركزية، فكانت شهاداته أكثر تشددًا حيال موضوع الاتفاق النووي الإيراني، حيث قال صراحة انه يتطلّع للتراجع عن هذا الاتفاق الكارثي مع أكبر دولة راعية للإرهاب في العالم، وأوضح انه عندما كان عضوًا في الكونغرس عارض الاتفاق النووي الإيراني، مؤكدًا أن مهمّته ستقوم على الإشراف على عمل المحلّلين المحترفين وتقديم التقييمات لواضعي السياسات، كما أصرّ في شهادته التمسّك بانتقاد الاتفاق، مؤكدًا أن إيران تشكّل تهديدًا خطيرًا لمصالح الولايات المتحدة وحلفائها، وهي من أبرز الدول الراعية للإرهاب”.
&
وأفاد مايك بومبيو&في شهادته أن الإيرانيين يحترفون الغش، وقال انه سيشرف على نهج قائم على التشكيك للتحقّق من ادّعاءات إيران بالتقيّد بشروط خطة العمل الشاملة المشتركة، وهو ما يمثل بالنسبة لدول الخليج – وفقا للورقة - عنصرًا &ثمينًا، إذ إنها لطالما عبرّت عن &تحفظات شديدة بشأن المفاوضات الدولية النووية مع إيران، كما عبّرت عن مخاوف كبيرة من &التداعيات الواسعة النطاق لخطة العمل الشاملة المشتركة، واعتبرت ان واشنطن لا تعمل بما فيه الكفاية للحد من انتشار النفوذ الإيراني في سوريا والعراق ودول عربية أخرى.
&
إلى ذلك، قال زير الخارجية ريكس تيلرسون في شهادته إن إيران وكوريا الشمالية تشكلان خطرًا كبيرًا على العالم بسبب رفضهما التقيّد بالمعايير الدولية، مؤكدًا&أنه ينبغي تجديد الدور القيادي الأميركي وترسيخه في المنطقة، اذ إن حلفاءنا يتطلّعون لعودة قيادتنا، لافتًا انه لا يمكن ان نتجاهل انتهاكات الاتفاقيات الدولية كما فعلنا مع إيران، فيما قال جون كيلي وزير الأمن الداخلي في شهادته إن إيران وحزب الله يسعيان لتوسيع نطاق نفوذهما في أميركا اللاتينية، وأن تدخّل إيران في المنطقة عبر المراكز الثقافية يشكّل مصدر قلق، بما أنها الدولة الأولى الراعية للإرهاب.

وزير الخارجية &الاميركي ريكس تيلرسون&

موقف صارم
&
وخلصت الورقة أن شهادات الوزراء تعزز الشعور بأن إدارة ترامب قد تتّخذ موقفًا صارمًا بشأن إيران، وانه في حين كانت الدول العربية تحتل مرتبة ثانوية في البنتاغون فهذا لن يحصل في عهد جيمس ماتيس بحسب شهاداته امام الكونغرس، فضلاً عن تاريخه في التعامل مع سوء سلوك إيران، وهو الأمر الذي قد يمنح دول الخليج&آمالًا جديدة، لاسيما وأنها شعرت بأن&واشنطن &قد تخلّت عنها، خاصة خلال ولاية الرئيس أوباما الثانية، والذي لم تفلح جهوده في الطمأنة، حيث ظل شعور خيبة الأمل حياله قائمًا حتى رحيله وفريقه عن الساحة الدولية.
&
تجدر الإشارة الى&أن معهد دول الخليج العربية في واشنطن&هو مؤسسة مستقلة غير ربحية تهدف من خلال أبحاث وأوراق وتحليلات الخبراء إلى تشجيع النقاش البنّاء وتوجيه صناع القرار الذين يعدّون السياسات الأميركية بشأن هذه منطقة الخليج الجيوستراتيجية والحساسة، كما يقوم المعهد باستضافة نقاشات وجلسات إحاطة مع صناع السياسات من الولايات المتحدة ومنطقة الخليج، بهدف تعزيز التفاعل مع صناع السياسات على نطاق أوسع.