«إيلاف» من بغداد : رأى عراقيون ان حال بغداد اليوم مؤسف كونها لم تعد جميلة ولا تعرف النظافة، متهمين من يعتقد غير ذلك بأنه ينظر الى واقعها المزري بعيون عاطفته التي ما زالت تتخيل ان بغداد هي تلك التي تغنى بجمالها الشعراء ويحاول ان يغمض عينيه عما يراه فيها من تلوث بصري صارخ.

واعرب عراقيون عن حزنهم لما وصلت اليه حال مدينة بغداد التي تحول كل شيء فيها الى القبح وازدادت كميات النفايات في كل امكنتها وتعتاش عليها الكلاب والقطط والناس الفقراء الذين يحاولون ان يجدوا شيئا يأكلونه او يبيعونه، فيما ارصفة المدينة غابت فضلا عن الزحامات التي اصبحت دائمية وصارت تأكل من وقت الناس ساعات وساعات كما ابلغوا «إيلاف»&في لقاءات معهم.

صورة قلمية لبغداد

فبغداد الان ليست التي يراها المغتربون بعيون باذخة في الجمال والنظافة والمتعة ولا كما يراها العراقيون الذين يرتبطون بقصص حب كبيرة معها بحيث لا يرون منها سوى ملامح الجمال العالقة في اذهانهم ، لكنها في الواقع افقر مدينة خدميا واحتراما لحقوق الانسان لان المتسولين فيها يملأون الشوارع والساحات ولان الباعة الجوالين يكتظون في الشوارع العامة ويدورون بين السيارات وفي الاحياء السكنية ولان المشي فيها من اصعب ممارسات الانسان الاعتيادية ، والنظر في وجهها لا يحظى منه الناظر سوى بالتلوث البصري الذي اصبح العلامة الاكثر وضوحا فيها لان القبح صار لازمة لا تفارقها ، والكتابات الاعلانية والشخصية والملصقات الفوضوية على حيطانها واسيجتها أبنيتها ومدارسها ما يسيح دمع العين ويوجعها .. والصخب هو الاكثر سماعا في نهاراتها اما الازبال فهي تتكدس عند اطراف الطرقات وقرب المدارس وليس هنالك شارع يخلو من مفردات الزبالة .

اتهامات للاهالي

الارصفة انتهكت من قبل الاهالي في الاحياء السكنية&وقد بنى الناس عليها جزءا من بيوتهم وفي الشوارع العامة انتشرت عليها اكشاك الباعة و(بسطاتهم) وعرباتهم مثلما اخرج اصحاب المطاعم والمقاهي كراسيهم ومناضدهم لتسد طريق السابلة، حتى اكل ذلك من جرف الشارع ايضا ، اما الحواجز الكونكريتية والاسلاك الشائكة فما زالت تمتد موصدة الطرقات ومانحة الامكنة بعدا قبيحا خانقا ، اما الشوارع التي ينام الزحام في انهارها فهي عبارة عن حفر ومطبات فلا (الكرادة) نظيفة ولا (المنصور) جميلة ولا (الاعظمية) انيقة ولا (الكاظمية) جميلة ، فالباب الشرقي صخب ووسخ والباب المعظم فوضى ونفايات، فلا (شارع السعدون) يمتلك قلبا نابضا بل تحول لممر بائس ولا شارع (ابو نؤاس) يمتلك روحا مرحة واقفر من عشاقه وصارت حدائقه مأوى للعابرين الذين يفترشون عشبه لاحتساء الخمرة ،ولا شارع (الرشيد) يزهو بتاريخه وقد اصبح خربا وتتنافس اكوام النفايات على مساحاته ، وما شارع (الخلفاء) الا سوق كبيرة مزدحمة بالناس والنفايات والحواجز وصخب يصدع الرأس، ناهيك عن (العشوائيات) التي شيّدها الفقراء في كل الامكنة من بغداد .

اهمال ما بعده اهمال

وهذا كله وأسوأ لأن القائمين على بغداد أهملوها تماما وما عادوا ينظرون اليها الا كمومس يمنعهم دينهم من ان ينظروا اليها بعين الاهتمام بل انهم يحرمون تنظيفها واعمارها وحمايتها وصارت سياراتهم المظللة (الجكسارات) اضعاف عدد سيارات جمع النفايات، لذلك اغلبهم يعتقد ان المنطقة الخضراء التي يسكنونها ليست من بغداد.

سألت رجلا في الستين من عمره (عبد صالح/ موظف) يجلس بالقرب من تمثال الرصافي في شارع الرشيد عن رأيه في بغداد الجميلة ، فقال : لا جميلة ولا يحزنون .. من اين يأتيها الجمال والاوساخ ترمى كيفما اتفق ولا احد يسأل نفسه لماذا .

واضاف: انظر امامك وقل لي هل هذه المناظر الفوضوية جميلة ؟&اوساخ واكوام من عربات وبعد ان ينتهي السوق كل يذهب الى بيته تاركا اكواما من الزبالة حتى لا ترى من الشارع الا هذه الاكوام .

وتابع: بغداد تكسر الخاطر ومسكينة لان كل السياسيين لا يحبونها واهلها المساكين ليس لديهم غير الالم والحسرة .. وتبا للاسلام السياسي ..

طالب جامعي (امير عزيز) قال :: صحيح.. انها جميلة في عيون الذين لا يرونها والذين يتفاءلون بالمستقبل على عكس حالي المتشائم ،فأنا تزعجني هذه الفوضى وهذه الاوساخ والاتربة ولا احد يحترم الشارع ولا الرصيف .

واضاف: انا احب بغداد ولكن احزن عليها لان ملامح الجمال غابت عنها واذا حال اهم مناطقها بهذا الشكل التعبان فكلما تنزل الى المناطق الشعبية ترى الاسوأ والناس اشكو من تكدس الازبال وسيارة الامانة لا تمرّ الا بمزاج سائق السيارة الذين علينا ان نعطيه اكرامية حتى يتفضل عليها برفع الازبال .

مسالخ الاغنام في شوارع بغداد

&

الاموال المسروقة&

من جانبه اكد الاعلامي علي السومري ان حال بغداد&يبعث على الاسى، وقال: ساعات طويلة قضيتها اليوم متسكعاً في بغداد وشوارعها القديمة، بدأت من الصالحية وصولاً& الى باب المعظم مروراً بشارعي الرشيد والمتنبي، والشورجة.ساعات طويلة قضيتها لم أشعر خلالها سوى بالقهر وكيف لا، وأنا أرى بنايات بغداد المحاطة بالنفايات، نفايات ساسة لصوص.

اما الصحافي محمود المفرجي فقال ان نظام صدام حسين لم ينصف بغداد رغم جثومه على كرسي الحكم اربعين عاما ، وكنا نتصور ان الحكومات التي تعاقبت بعد سقوطه سوف تنصفها وتعيد لها بريقها التاريخي الشاخص في اذهان كل العالم لما لهذه المدينة من سحر خاص لا تملكه اي مدينة غيرها.

واضاف : ان هذه الحكومات المتعاقبة بعد 2003 لطالما اعترفت بوجود الفساد في جميع قطاعات الدولة ومؤسساتها ، وكأن الفساد اصبح شيئا مفروضا لا يمكن السيطرة عليه، لذا لا يمكن ان يثق المواطن العراقي بأي وعود بخصوص بغداد التي اصبحت مدينة متهرئة البنايات وشوارعها لا تصلح ان تسير بها السيارات بصورة طبيعية ، لان امانة بغداد اساسا لا تعتني الا ببعض الشوارع المعدودة في بعض المناطق الراقية.

وختم بالقول : من يقول ان بغداد جميلة؟ بل ان بغداد اغتصب جمالها عندما وضعت مسؤوليتها بيد من يستحق ان يكون مسؤولا عنها

&امانة بغداد تبرر

الى ذلك اكد المدير العام لدائرة الاعلام في امانة بغداد حكيم عبد الزهرة ان السبب في انخفاض مستوى الخدمات يعود الى قلة التخصيصات المالية ، وقال : ان امانة بغداد حريصة على تقديم افضل الخدمات للمواطن البغدادي ومنها رفع النفايات ولكن هناك صعوبات ادت الى الاخفاق في تقديم الخدمات بالصورة التي تسعى لها ومنها التخصيصات المالية حيث لم تتسلم الامانة خلال العام الماضي 2016 أي تخصيص مالي وتم الاعتماد على ما تحصل عليه الامانة من ضرائب ورسوم وغرامات وهي لا تكفي لتسديد كل ما تحتاجه من تخصيصات مالية .

واشار الى ان للمواطن البغدادي دورا ايضا يتوجب عليه اداؤه في مساعدة الملاكات الخدمية والالتزام باخراج النفايات بأوقات معينة، علما ان امانة بغداد قامت بتوزيع حاويات على الدور السكنية لخفض النفايات واخراجها عند مرور العجلات وعدم رميها على قارعة الطريق ليتم العبث بها وتشويه منظر العاصمة فضلا عن عدم التزام اصحاب المحال التجارية بالقيام بمعالجة علب الكارتون وكبسها وعدم رميها عشوائيا .

واضاف ان امانة بغداد تقوم من خلال اداراتها البلدية بثلاث فترات عمل لرفع النفايات ولكن عدم وجود تخصيص مالي دفعها الى تقليل عدد عمال النظافة والاستغناء عن ايجار عجلات رفع النفايات والاعتماد على الكابسات العائدة للادارات البلدية .

وتابع :اما بخصوص التجاوزات التي تحصل على الارصفة فان امانة بغداد مستمرة في حملاتها لرفع هذه التجاوزات بالتنسيق مع قيادة عمليات بغداد وفرض غرامات على اصحاب المحال المتجاوزين على الارصفة التي تقع امام محالهم ولكن المتجاوزين يعودون الى احتلال الارصفة وعرض بضاعتهم .

واكد ان معالجة هذه الظاهرة لا يمكن ان تنجح الا من خلال تعاون المواطن مع اجهزة امانة بغداد وعدم السماح لاصحاب المحال المتجاوزين باستغلال الارصفة فيما تسعى امانة بغداد الى ايجاد اماكن لاصحاب البسطات لعرض بضائعهم عليها ولكن بعض المتجاوزين يصر على استغلال الارصفة ضمن المناطق التجارية .&

&