يمكن لغلاف شفاف يُلصق على الجدران أن يعكس معظم أشعة الشمس، وأن يحافظ بالتالي على برودة الغرف، دون الحاجة إلى مكيفات الهواء التي تستهلك الكثير من الطاقة.

إيلاف من برلين: كشف علماء أميركيون اللثام عن حل لمشكلة التبريد في فصل الصيف، مؤكدين بأن رقاقة شفافة من مادة خاصة يمكن أن تحافظ على درجة حرارة مناسبة داخل الغرف، ويمكن استخدامها في البناء وتغليف السيارات، وكذلك في المناطق التي تحتاج إلى حماية من أشعة الشمس القوية.

وكتب رونغوي يانغ وزميله زياوبو ينغ، من جامعة كاليفورنيا، على الصفحة الإلكترونية من مجلة "ساينس"، انهما توصلا إلى مادة جديدة بسمك عشر المليمتر قادرة على عكس أشعة الشمس، وهذا يعني انها تعيد عكس حرارة الشمس إلى الفضاء المحيط بها.&

وتحدث الباحثان عن مستقبل عملية التبريد في صيف كاليفورنيا، وقالا إن هذه المادة ستحل محل أنظمة التكييف العاملة على الكهرباء.

ومعروف ان أهالي كاليفورينا يغلفون سقوف بيوتهم بما يسمى"السطوح الباردة"، وهي مادة صناعية تضمن عكس70% من ضوء الشمس الساقط عليها، إلا انها غير مرنة مثل الرقاقة الجديدة، ثم انها بيضاء وتفرض لونها على صاحب البيت، كما أن تطويعها لتغليف الجدران صعب، ناهيك عن الكلفة العالية في بنائها وتغليف البيوت بها.

مرنة وصلبة

في أجواء ولاية اريزونا الأميركية الحارة والرطبة صيفًا، ثبت أن الرقاقة الشفافة عكست نسبة 96% من ضوء الشمس، وهي حرارة تتبعثر مجددًا في الهواء. وهذا ليس كل شيء، لأن الرقاقة لم تسرب الحرارة إلى الداخل، وحافظت على درجة برودة مناسبة للصيف في البيوت دون الحاجة إلى أنظمة تكييف. فيما لا يزيد سمك الرقاقة التي تمت تجربتها عن جزء واحد من 12 جزئًا من الملليميتر. وهذا يعني انها مرئية بحكم شفافيتها وتتخذ لون السقف نفسه.

وأنتج العالمان ينغ ويانغ الرقاقة الشفافة من مادة "بوليميثالبينت"(PMP) التي تسمح بتخلل الضوء كما يسمح الزجاج بذلك. إلا أن العالمين منحا المادة مرونتها وصلابتها من خلال دمج طبقة من كريات غاية في الصغر بينها. ولا يزيد قطر الكرية عن جزء من ألف جزء من المليمتر. واستخدم الباحثان طبقة غاية من الرقة من الفضة في أسفل الرقاقة مهمتها عكس اشعة الشمس.&

ولا يزيد سمك الطبقة الفضية عن200 ميكروميتر(الميكروميتر عبارة عن جزء من مليون جزء من المتر)، لكنها قادرة على عكس ضوء الشمس بشكل شبه تام (96%) إلى الهواء المحيط بها، كما وثبت أيضاً انها تحافظ على برودة الغرف أفضل بكثير من "السطوح الباردة".

للبيوت القديمة أيضًا

ويقدر العالمان الحاجة إلى سنة أو سنتين لتطوير المادة بشكل يجعلها شبه منيعة أمام عوامل الطقس الأخرى، مثل المطر والهواء والرطوبة. لكن سهولة انتاجها وخفة وزنها وانخفاض كلفة إنتاجها تضمن تسويقها إلى كل بلدان العالم الحارة.

والمادة عالية المرونة، بحيث يمكن أن تلصق في الزوايا والمناطق الأخرى التي يتعذر فيها استخدام "السطوح الباردة"، كما ويمكن لصقها في الأبنية القديمة التي لم تستخدم المواد العازلة في بنائها، كي تعمل بمثابة نظام تكييف "طبيعي"، وبالتالي ستكون ملائمة تمامًا لعكس الشمس عن البيوت في المناطق المعزولة من أفريقيا، والتي لم تصلها بعد شبكة الكهرباء.

واعتمد العالمان في "تهوية" الرقاقة على ما يسمى في البناء "النافذة الجوية". لأن أطوال ألياف مادة الرقاقة التي تقاس بالميكروميتر تسمح بمرور الهواء، لكنها تمنع مرور أشعة الشمس، وخصوصًا الاشعة فوق الحمراء.

واضح هنا أن الرقاقة تعمل على أفضل وجه في الجو الحار المشمس، وتقل كفاءتها عند غياب الشمس أو بوجود المطر. لكنّ العالمين يتحدثان عن صلاحتها للمناطق الحارة الجافة التي تقل فيها الأمطار، وتتحسن فيها درجة الحرارة مساء.

وحسب ينغ ويانغ، فإن الطاقة التبريدية للرقاقة الشفافة هي 92 واط/ المتر المربع. وهذا يعني أن تغليف 20 متراً مربعاً من سقف البيت يضمن درجة حرارة مناسبة تبلغ 20 درجة في داخل الغرفة.

عوامل الطبيعة&

البروفسور الألماني هارتفيك كونسل، من "معهد فراونهوفر لفيزياء البناء" في ميونخ، أشار إلى ضرورة التغلب على العديد من المشاكل في هذا الاختراع، لا سيما لجهة تطوير المادة كي تصمد أمام عوامل الطبيعة، إذ يمكن للغبار الذي قد يغطي الشريحة (وهو شائع في المناطق الحارة) ان يقلل كفاءتها. ويمكن للمطر أن يغسل الشريحة، لكن المناطق الحارة قليلة الأمطار كما هو معروف. كما حذر كونسل من امكانية نمو العث والفطريات عليها في المناطق الرطبة، وهذه مضاعفات ينبغي تطوير الرقاقة لتتمكن من التغلب عليها بسهولة.&

وشكك كونسل بإمكانية استخدام مثل هذه الرقاقة في أجواء أوروبا، وقال انها ربما تصلح في أوروبا لتغليف السيارات، وبالتالي التخلي عن انظمة التكييف. وامتدح الشريحة بالقول إنها ملائمة جداً لأجواء اريزونا الحارة، حيث لا يكلف المهندسون انفسهم مهمة عزل البيوت حراريًا عند بنائها.
&