باكستان: أعلنت القوات الباكستانية الجمعة أنها قتلت أكثر من 100 "ارهابي" غداة هجوم انتحاري اسفر عن سقوط 88 قتيلا على الاقل بينهم عدد كبير من الاطفال في مزار صوفي بجنوب البلاد، في أكثر الهجمات التي تشهدها باكستان دموية منذ 2014.

ووقع الهجوم الذي تبناه تنظيم داعش في مزار لال شهبز قلندر الصوفي في مدينة سيهون التي تبعد حوالى مئتي كيلومتر شمال شرق مدينة كراتشي الساحلية جنوب البلاد.

وقال مسؤول حكومي لوكالة فرانس برس طالبا عدم كشف هويته ان "قوات الامن الاتحادية والمحلية والشرطة بدات فجرا عملية في جميع انحاء البلاد واوقفت عددا كبيرا من المشتبه بهم في مدن عدة". واضاف ان العملية ستستمر في الايام المقبلة.

وأكد أن الشرطة أغلقت محيط المزار الجمعة. 

وذكر مسؤولون في قطاع الصحة أن عدد القتلى ارتفع إلى 88 شخصا من بينهم 20 طفلا، ما يجعل منه أكثر الهجمات التي تشهدها باكستان دموية منذ الهجوم على مدرسة في بيشاور في 2014. 

وكانت الحصيلة السابقة تشير الى مقتل سبعين شخصا على الاقل.

وزار رئيس الوزراء نواز شريف وقائد الجيش الجنرال قمر جاويد باجوا بلدة سيهون، حيث توعد شريف بالقضاء على المسلحين "بكامل قوة الولاية". 

وأعلن الجيش الباكستاني لاحقا أن العمليات لا تزال مستمرة ضد المسلحين في أنحاء البلاد. وقال أن "اكثر من 100 إرهابي قتلوا منذ الليلة الماضية" مضيفا أنه تم اعتقال اخرين. 

وصرح ناطق باسم الجيش آصف غفور ان الهجمات الاخيرة نفذت انطلاقا من مخابىء للمتمردين في افغانستان، واعلن انه طلب من الحكومة الافغانية التحرك في هذا الشأن. كما اعلن الجيش "اغلاق" الحدود الطويلة وغير المضبوطة التي تفصل بين البلدين.

ويتبادل البلدان باستمرار الاتهامات بايواء متمردين متطرفين يرتكبون فظائع.

توتر شديد 

وتشهد باكستان حالة من التوتر الشديد، جاء فيها الهجوم على المزار الصوفي بعد سلسلة هجمات انتحارية في بداية الاسبوع شنتها حركة طالبان باكستان في عدد من مدن البلاد.

وسببت هذه الحوادث قلقا كبيرا لدى السكان الذين كانوا قد بدأوا بالعودة الى شعور نسبي بالامان بعد سنوات من اعمال العنف.

وقالت صحيفة "ذي اكسبرس تريبيون" في افتتاحيتها الجمعة "يوم آخر قنبلة اخرى". وكتبت ان "وهم باكستان دولة آمنة وسلمية انفجر بدماء على الجدران وفي الطرق والتجمعات العامة في البلاد".

وصرح المحلل الباكستاني امير رانا ان "على وكالات الامن اعادة النظر في نشاطاتها لمكافحة الارهاب". واضاف ان اجهزة الامن تواجه صعوبة في التنسيق بينها والاستفادة من المعلومات المتوفرة لديها لذلك تبدو عاجزة عن "كسر البنية التحتية الارهابية داخل المدن".

وعبر الخبير امتياز غل عن الرأي نفسه. وقال ان "التحديات الامنية الجديدة تتطلب جهازا مدنيا عسكريا اكثر تماسكا بكثير". واضاف ان "الجيش يمكن ان يشن عمليات جراحية للسيطرة على اراض والمحافظة عليها، لكن التطهير والتعزيز والتنمية لن تتحقق الا اذا تحرك المدنيون بتلاحم".

مثل يوم القيامة

في سيهون، وصل اوائل خبراء الطب الشرعي الجمعة الى مكان التفجير المطوق من قبل الشرطة.

وما زالت بقع الدماء والانقاض والاحذية وغيرها تغطي ارض المزار. 

وذكر مصدر في الشرطة ان الهجوم نفذه انتحاري فجر نفسه وسط مئات المصلين. وكان المكان مكتظا مساء الخميس يوم الصلاة المقدس لاتباع هذه الطريقة الصوفية التي تعتبرها بعض الجماعات الاسلامية المتطرفة كافرة.

وقال حق نواز خان سولانجي ان "بعض الجثث كانت رؤوسها او اطرافها مقطوعة والجرحى كانوا يصرخون الما ويستغيثون". واضاف "كأنه يوم القيامة... الجثث غرقت في برك من الدماء".

لكن حارس المزار قرر عدم الاستسلام وكما يفعل كل يوم، قام بقرع الجرس في الموقع عند الساعة 03,30 (22,30 ت غ الخميس). وقال لوكالة فرانس برس انه يرفض "الركوع اذعانا للارهابيين".

واعلن الحداد ثلاثة ايام في اقليم السند.

ودان عدد من الباكستانيين على شبكات التواصل الاجتماعي نقص البنى التحتية الطبية القادرة على استقبال مئات الجرحى.

ويقع اقرب مستشفى من مكان الهجوم على بعد حوالى 130 كيلومترا. وقد تم نقل عدد كبير من الضحايا بمروحيات الى كراتشي ومدن اخرى في السند.