سببت "الفوضى" التي يعاني منها البيت الأبيض حالة رعب في الأوساط السياسية في واشنطن، ومكنت أخيرًا عضوًا في مجلس الشيوخ من التجرؤ وطرح فكرة عزل الرئيس، الذي لم يمر على توليه المنصب شهر، في خطوة غير مسبوقة في تاريخ البلاد.

إيلاف من واشنطن: دفعت مواجهات خاضها ترامب خلال الأسابيع الماضية مع القضاء والإعلام، الذي وصفه بأنه "عدو الشعب"، الجمعة، إلى إجبار بعض مناصريه الكبار إلى انتقاده، مثل ميتش ماكونيل رئيس الغالبية الجمهورية في الكونغرس، الذي أبدى الخميس اعتراضه على بعض ما ينشره ترامب عبر "تويتر".

طالب إيرل بليمنيور، النائب في الكونغرس، خلال كلمة له ألقاها في الأسبوع الجاري، بمراجعة التعديل الخامس والعشرين في الدستور، الذي يناقش عزل الرئيس، إذا كان غير لائق نفسيًا وعقليًا، مبديًا قلقه من اعتلال صحة الرئيس ترامب العقلية.

لا يبدو أن هذا القلق ينتاب أعضاء الكونغرس من الديمقراطيين، بل امتد إلى بعض زملائهم من الجمهوريين، الذين نقل السناتور إل فرانك، في مقابلة مع قناة "سي إن إن" في الأسبوع الجاري، عنهم "أنهم قلقون من صحة الرئيس العقلية".

تشكيك صحي
ونقل موقع "ذا هيل" الإخباري الجمعة عن النائب الديمقراطي بليمنيور قوله إن طلبه بمراجعة التعديل الخامس والعشرين في الدستور "يأتي باعتبار أن الرئيس الحالي يتصرف بشكل غير طبيعي، ما يوحي بأنه يعاني من مشكلات في صحته العقلية، فهو يكذب بشكل مستمر، وينكر وقائع ثابتة، مثل زعمه بأنه حصل على أعلى عدد من أصوات المجمعات الانتخابية منذ عهد الرئيس ريغان، مع أن سلفه أوباما حصل على عدد أكبر منه".

واعتبر السناتور بيرني ساندرز في تغريدة أمس عبر حسابه على تويتر أن ترامب يعاني من الكذب المرضي. وكان الآلاف من الأطباء النفسيين أصدروا بيانًا مشتركًا بعد انتخاب ترامب في نوفمبر الماضي حذروا فيه "الشعب الأميركي من أن ترامب يعاني من مشكلات عقلية خطيرة".

تأتي دعوة "العزل" في وقت بدا ترامب يخسر معاركه واحدة تلو أخرى، ولعل أبرزها تعطيل القضاء لمرسومه الخاص بمنع دخول مواطني سبع دول، وأجبر تجاوز الرئيس لخطوط تعتبر حمراء، مثل الهجوم على القضاء، في دفع بعض كبار قيادات الحزب الجمهوري بمعارضته، أو على الأقل التبرؤ من أفعاله.

إزعاج الصحافة
بدا الانقسام داخل إدارة الرئيس واضحًا، فالكثيرون يحاولون إحراجه من خلال تسريب أخبار تضره بالدرجة الأولى، فوسائل الإعلام التي كانت تحتاج مصدرين لتأكيد أي خبر قبل نشره، صارت تستند إلى عشرين مصدرًا وأكثر في بعض الحالات، لنقل ما يجري داخل الجناح الغربي في البيت الأبيض. وهو ما دفع ترامب في مطلع الأسبوع إلى وصف "المسربين" بالمجرمين.

وكانت أكثر التسريبات التي هزت الإدارة تلك المتعلقة باتصالات مستشار الأمن القومي السابق مايكل فيلين بالسفير الروسي التي أجبرت ترامب على إقالته الاثنين الماضي.

انعطافة سياسية
ووفقًا لما كشفته صحيفة بولتييو، نقلًا عن مصادر داخل الإدارة الأميركية الجمعة، إن الرئيس ترامب يتعمد تهميش وعدم مشاورة مسؤولين كبار في إدارته، مثل وزراء الخارجية والدفاع والأمن الوطني ورئيس الاستخبارات المركزية سي آي إيه، عند اتخاذ قرارت مهمة، مثل مرسومه الخاص بالهجرة.

فوزير الخارجية أصيب بحال من الذهول حينما أعلن ترامب الخميس عن تخليه عن حل الدولتين أساسًا لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وهي السياسة التي تلتزم بها واشنطن منذ سنوات طويلة.
&