«إيلاف» من لندن:&إتهمت منظمة "هيومان رايتس ووتش" اليوم مقاتلين من تنظيم داعش يحتجزون نساء وفتيات عربيات سنيات ويغتصبونهن ضمن المناطق الخاضعة لسيطرتهم بشكل تعسفي ويسيئون معاملتهن ويعذبونهن ويتزوجونهن قسرًا، ودعت السلطات المحلية والمجتمع الدولي الى بذل جميع الجهود&لتقديم الدعم اللازم لهذه الفئة من الضحايا.&

واضافت المنظمة الحقوقية الانسانية في تقرير لها الاثنين، تابعته «إيلاف»، أنه رغم وجود شهادات عن حالات عنف قائم على الجنس في المناطق الخاضعة لسيطرة داعش، تُعتبر هذه أولى حالات ضد نساء من العرب السنة في العراق تتمكن هيومن رايتس ووتش من توثيقها.&

وقابل الباحثون 6 نساء في كركوك شمال شرق البلاد كنّ قد فررن من بلدة الحويجة، 125 كم جنوب الموصل، والتي لا تزال تحت سيطرة داعش فوثقت انتهاكات مماثلة واسعة النطاق ارتكبها مقاتلو داعش ضد نساء إيزيديات.&

إغتصابات بالجملة

وقالت لمى فقيه، نائبة مديرة قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش، "يُعرف القليل عن الاعتداءات الجنسية ضد النساء العربيات السُنيّات اللواتي يعشن تحت حكم داعش. نأمل بذل السلطات المحلية والمجتمع الدولي كل ما في وسعهم لتقديم الدعم اللازم لهذه الفئة من الضحايا".&

وفي يناير 2017، قابلت المنظمة 4 نساء قلن إن داعش اعتقلهن في 2016 لفترات تتراوح بين 3 أيام وشهر، وقالت امرأة خامسة إن أحد مقاتلي داعش، ابن عمها، أجبرها على الزواج منه، ثم اغتصبها، فيما قالت سادسة إن مقاتلي داعش دمروا منزلها كعقاب على هرب زوجها منهم وحاولوا الزواج منها قسراً، واوضحت 5 من 6 نساء إن مقاتلي داعش ضربوهن.

واكدت امرأة إنها حاولت الفرار من الحويجة مع أطفالها الثلاثة ومجموعة كبيرة من العائلات الأخرى في أبريل عام 2016. أمسك مقاتلو داعش بالمجموعة واحتجزوا 50 امرأة منهم في منزل مهجور .. وقالت المرأة إن مقاتلاً اغتصبها بشكل يومي طيلة الشهر التالي أمام أطفالها واكدت إن عدة نساء أخريات محتجزات تعرضن على الأرجح للاغتصاب.

الاغتصاب بصمت

وقال خبراء من 4 منظمات دولية، منها منظمتان طبيتان، تعمل مع ضحايا الاعتداءات الجنسية شمال العراق، لـ "هيومن رايتس ووتش"،&إنه من الصعب تقييم مدى انتشار العنف القائم على الجنس الذي مارسه داعش ضد النساء الفارات من أراضٍ واقعة تحت سيطرته. وأضافوا أن الضحايا وأسرهن يُفضلن الصمت لتجنب الوصم وتشويه سمعة المرأة أو الفتاة.

اطفال نتاج الاغتصاب

ومن جهتها، قالت عاملة إغاثة أجنبية إنها شهدت حالات زواج قسري وإغتصاب متعددة، لكنها تعتقد أن عددًا قليلاً جدًا من الضحايا النازحات اللواتي عملت معهن تحدثن عن ذلك علنًا. وأضافت أن بعض النساء يحاولن إخفاء الحادث عن عائلاتهن، خوفاً من التعرض للعار أو للعقاب من الأهل أو المجتمع.&

واشارت الى ان الأطفال نتاج الاغتصاب أو الزواج القسري قد يواجهون الوصم بدورهم. وأضافت أن تقديم الدعم النفسي والعلاج الطبي طويل المدى لهن يجب أن يكون مشغلاً أساسيًا.&

وقال عامل إغاثة آخر في منظمة دولية تقدم خدمات في 3 مخيمات للنازحين من المناطق التي يسيطر عليها داعش، إن طاقمهم وثق 50 حالة لنساء وفتيات تعرضن لعنف نفسي وجسدي على يد داعش، ويحصلن على دعم من المنظمة حاليًا.

غياب جهود لمعالجة الوصم

وهناك عدة منظمات محلية ودولية تقدم الدعم لضحايا العنف القائم على الجنس،&بينما&قال موظفون طبيون ومقدّمو خدمات في كركوك إنه لم تُبذل جهود كافية لمعالجة الوصم الذي يتسبب فيه العنف الجنسي، ولا يوجد وعي بالخدمات المناسبة والدعم الصحي النفسي أو العقلي، وأن الاحتياجات تفوق الخدمات المقدمة.

وقالت طبيبة نفسية في منظمة دولية تقدم الدعم النفسي والاجتماعي في أحد أكبر مخيمات النازحين في إقليم كردستان العراق، إن هناك جهودًا قليلة جدًا لتوعية الرجال بكيفية دعم النساء ضحايا العنف القائم على الجنس. وأضافت أنه غالبا ما تُمنع المرأة من الحصول على المشورة والتدريب المهني من قبل أقاربها الذكور، حتى لو كانت ترغب في هذه الخدمات.

دعم ضئيل

وكل النساء اللواتي قابلناهن يتلقين علاجًا في مركز كركوك، الذي يوجد فيه 12 موظفًا يقدمون المشورة النفسية والسلوكية للنساء والأطفال. قال الدكتور عبد الكريم الخليفة، مدير المركز، في يناير إن المركز يعالج وقتها 30 مريضاً، منهم 15 طفلاً، يعانون من صدمات متصلة بتجاربهم التي عاشوها في ظل داعش.

&وقال إن مركزه عالج في عام 2016 حوالي 400 مريض هربوا من أراضٍ خاضعة لسيطرة داعش. أضاف أن مقاتلي داعش اغتصبوا مريضتين على الأقل من مرضاه الحاليين. قال إنه يعرف منظمة أخرى في كركوك توفر الخدمات لضحايا الاعتداء الجنسي، وإنه يوجد دعم ضئيل للغاية في ما يتعلق بتقديم الرعاية الصحية العقلية اللازمة للنازحين الذين عاشوا في ظل داعش.

واشار موظف طبي آخر في كركوك يقدم الدعم الاجتماعي للنساء والأطفال المتعرضين للصدمة بسبب ما خاضوه في ظل داعش، الى أن الخدمات التي تقدمها الحكومة الاتحادية تركز على العلاج الدوائي وليس على العلاج النفسي والاجتماعي والمشورة.

رعاية ما بعد الاغتصاب

وقال مدير برنامج في منظمة دولية تقدم خدمات في واحد من مخيمات النازحين الكبرى شمال العراق، إن المجموعة تمكنت من خلق فضاءات آمنة وإطلاق مشاريع مهنية للنساء. إلا أنها لم تتمكن حتى الآن من تقديم دعم نفسي واجتماعي طويل المدى وخدمات أخرى لضحايا العنف القائم على الجنس لأنها لا تجد موظفات يملكن المهارات اللغوية والخبرة والمؤهلات المهنية اللازمة بسهولة.&

واجهت حكومة إقليم كردستان ووكالات الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية الدولية الأخرى صعوبات في تقديم رعاية ما بعد الاغتصاب والدعم النفسي والاجتماعي للنساء الايزيديات ضحايا العنف، الفارات من داعش.

تحدٍ معقد وطويل

وتقول المنظمة إن توفير الرعاية الصحية النفسية والدعم النفسي-الاجتماعي الملائمين هو تحدٍ معقد وطويل الأجل. على حكومة إقليم كردستان والهيئات الأممية والأطراف الأخرى وضع نظام للتنسيق بناء على تقييم الاحتياجات وتقدير الأولويات الأكثر إلحاحًا. على المنظمات التعرف على المعوقات الرئيسية التي تحول دون تقديم الرعاية والخدمات، وجعلهما متاحين وطوعيين، وتحديد التكاليف المحتملة. جهود التنسيق هذه يجب أن تشمل "منظمة الصحة العالمية" وممثلات عن الناجيات.

وقالت منظمة الصحة العالمية إن خدمات الصحة العقلية والدعم النفسي تمثل المكونات الأساسية للرعاية الشاملة لضحايا العنف الجنسي. ذكرت أيضًا أن على المصابين بأمراض نفسية ومجتمعاتهم المحلية المساعدة على تطوير هذه الخدمات، وأن على المسؤولين عن توفيرها تعزيز الموارد المتاحة وتوفيرها للجميع دون تمييز.

واكدت فقيه: "تعاني النساء ضحايا العنف القائم على الجنس من عواقب الانتهاكات الجنسية لفترة طويلة بعد فرارهن من داعش، وان تقديم الرعاية لهن وتأهيلهن يتطلبان استجابة متعددة الأوجه، والسلطات مطالبة بتقديم الدعمين الطبي والنفسي اللازمين، والعمل على القضاء على الوصم المرتبط بالعنف الجنسي في المجتمع الأوسع".

مقابلة الضحايا تمت بموافقتهن

واشارت منظمة هيومان رايتس ووتش الى أن مقابلاتها مع الضحايا النساء جرت بعد الموافقة الكاملة والواعية بالعربية ومن دون ترجمة. قمنا بإجراءات من أجل ضمان خصوصية الضحايا وأجرينا المقابلات في أماكن تؤمن أكبر قدر ممكن من الخصوصية. وفي جميع الحالات اتخذت المنظمة اجراءات لعدم إصابة الناجيات بالصدمة مجدداً، وأوقفت المقابلات عندما سببت الضيق بغية حماية الضحايا والشهود، تم تغيير أو حجب أسماء الأفراد ومعلومات أخرى تكشف هويتهم.

&