عبدالاله مجيد من لندن: لاحظ مراقبون أن من سمات الشهر الأول لادارة ترامب تهميش وزارة الخارجية بوصفها الصوت الأول للسياسة الخارجية الاميركية، وذلك من خلال تقليل الاتصالات بنظيراتها والحد من رحلات المسؤولين وإبعاد وزير الخارجية ريكس تيلرسون عن الواجهة.

ويتولى تعيينات الخدمة الخارجية ورسم السياسة وإعداد البرامج في وزارة الخارجية الآن البيت الأبيض الذين ينظر بحذر الى مؤسسة السياسة الخارجية ويلاقي صعوبة في تحديد الأولويات وصنع السياسة بإيقاع سريع. &

وابرز مظهر لتهميش دور وزارة الخارجية غياب الايجازات الصحفية اليومية منذ شهر رغم انها ممارسة تقليدية لم تتوقف منذ زمن جون فوستر دلاس في خمسينات القرن الماضي.

وكانت هذه الايجازات المتلفزة وما يقترن بها من اسئلة وأجوبة تُتابَع في انحاء العالم.

كما لوحظ غياب تيلرسون بشكل لافت عن اجتماعات البيت الأبيض مع القادة الأجانب. إذ كانت وزارة الخارجية مُمثلة بنائب وزير الخارجية وكالة توم شانون خلال محادثات ترامب مع رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو ورئيس الوزراء الياباني شينزو آبي. كما ان تيلرسون لم ينضم الى اجتماع ترامب مع رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو رغم لقائهما على عشاء عمل قبل مغادرة وزير الخارجية الى بون لحضور اجتماع مجموعة العشرين.

وقال مسؤولون سابقون في وزارة الخارجية من ادارات جمهورية وديمقراطية ان أداء تيلرسون حتى الآن يعكس الفوضى في البيت الأبيض مشيرين الى ان الادارة وجهت رسائل متناقضة بشأن قضايا اساسية مثل السياسة الاميركية تجاه الصين والالتزام بحلف الأطلسي حتى قبل استقالة مستشار الأمن القومي مايكل فلين.

ويبدو ان تراجع دور وزارة الخارجية عائد الى عدم خبرة تيلرسون في العمل الدبلوماسي من جهة وعوامل أخرى من جهة أخرى بينها التطير من اسئلة الصحافيين وكثرة الشواغر في العديد من الوظائف الحساسة للوزارة.

ولكن العامل الأكبر هو تشابك خطوط الاتصالات والصراع على النفوذ في البيت الأبيض وميل ترامب الى اناطة جوانب من السياسة الخارجية بمطبخ من مستشاريه القريبين.

كبير المستشارين ستيفن بانون يحضر اجتماعات مجلس الأمن القومي وتحدث مؤخرا مع السفير الالماني في واشنطن رغم ان هذه من مهمات وزارة الخارجية، وأُعطي جاريد كوشنر، صهر ترامب ، دوراً هو عادة من اختصاص وزارة الخارجية.

وحين يسأل الصحافيون مسؤولي وزارة الخارجية عن تطورات السياسة الخارجيةفانهم في احيان كثيرة يُحالون الى البيت الأبيض.

ونقلت صحيفة واشنطن بوست عن الدبلوماسي السابق آرون ديفيد ميلر الذي عمل مستشارا لشؤون الشرق الأوسط في ادارات ديمقراطية وجمهورية، قوله "ان تيلرسون لا يُهمش عن عمد بل يجد نفسه عالقاً في ادارة تتعدد مراكز القوى المتصارعة داخلها، ورئيس غير راغب أو غير قادر على ان يحدد من يريده ان يقوم بالدور القيادي في تنفيذ سياسته الخارجية". &

وجرت دبلوماسية تيلرسون حتى الآن بعيداً عن الانظار. &وحين اجتمع تيلرسون مع مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الاوروبي فيدريكا موغريني مؤخرا لم يصدر شيء من وزارة الخارجية في حين ان موغريني قدماً عرضاً مستفيضاً عن اللقاء للصحافيين.

ويصح الشيء نفسه على غالبية لقاءات تيلرسون مع نظرائه الاجانب واتصالاته الهاتفية بعشرات الدبلوماسيين.

وقال الدبوماسي المخضرم والمتحدث السابق باسم ادارات جمهورية وديمقراطية ريتشارد بوشر "ان من الصعب الحديث للصحافة حين لا تعرف ما تقوله لها". &واضاف ان وزارة الخارجية تلاقي صعوبة في اقناع دول العالم بأن اسس السياسة الاميركية لم تتغير.

وقال مراقبون ان حكومات غير ديمقراطية كانت في بعض الأحيان أكثر شفافية من وزارة الخارجية.

وشدد ريتشارد ستينغل وكيل وزارة الخارجية في ادارة اوباما على ان من واجب الادارة ان تقدم وجهة نظر الحكومة بشأن اي احاديث تُجرى مع دول اخرى في اشارة الى ان الاميركيين علموا بمحادثات وزير خارجيتهم مع نظيريه الروسي والمصري من تصريحات مسؤولين في هذين البلدين للصحافة المحلية.

وظل وزير الخارجية الجديد في ادارة ترامب يعمل في الظل منذ ان باشر مهام عمله في 1 فبراير/شباط. &وأُحرج احراجاً شديداً في العلن بعد اسبوع على بداية عمله حين رفض ترامب مرشحه لمنصب نائب وزير الخارجية ، الجمهوري اليوت ابرامز بدعوى انه ليس موالياً بما فيه الكفاية للرئيس.

ورغم ان الرئيس دائما من يرسم السياسة الخارجية فان الأفضل لأسباب تكتيكية ان يُترك شرح السياسات لوزارة الخارجية والوزير بدلا من الرئيس.

وكان وزراء الخارجية يُعتبرون الوجه البارز للسياسة الخارجية الاميركية وهو دور لم يمارسه تيلرسون حتى الآن.

أعدت "ايلاف" هذا التقرير بتصرف عن "واشنطن بوست". &الأصل منشور على الرابط التالي:

https://www.washingtonpost.com/world/national-security/in-first-month-of-trump-presidency-state-department-has-been-sidelined/2017/02/22/cc170cd2-f924-11e6-be05-1a3817ac21a5_story.html?hpid=hp_hp-top-table-main_state-830pm%3Ahomepage%2Fstory&utm_term=.718882e950ff
&