القدس: يتوقع محللون أن يضعف تقرير مراقب الدولة الإسرائيلي الذي وجّه انتقادات شديدة لرئيس الوزراء على خلفية إدارة حرب العام 2014 على غزة، صورة بنيامين نتانياهو باعتباره "حامي أمن إسرائيل".

وشن تقرير مراقب الدولة الذي نشر الثلاثاء، هجوما على أسلوب إدارة نتانياهو طوال فترة الحرب التي أسفرت عن مقتل 68 جنديا إسرائيليا، ما دفع المعارضة إلى المطالبة باستقالته.

وانتقد نتانياهو التقرير، متهما مراقب الدولة الذي أصدره بمهاجمة الجيش، إلا أنه ألغى خطابا مرتقبا مساء الأربعاء، وقال مكتبه إنه لم يكن بحال جيدة.

ويأتي التقرير فيما يسعى نتانياهو، السياسي الذي يصعب كسر شوكته، في عامه الثامن على التوالي كرئيس للحكومة إلى الحد من الأضرار المحتملة بفعل سلسلة تحقيقات حول الفساد.

وفي حين لا يرجح المحللون أن يؤدي التقرير إلى استقالته، إلا أن صورته مهددة باعتباره الأفضل للذود عن أمن إسرائيل.

واتهم مراقب الدولة يوسف شابيرا في التقرير نتانياهو ووزير دفاعه حينها موشيه يعلون بعدم الاستعداد بشكل كاف لمواجهة التهديد الذي تمثله الانفاق التي حفرتها حركة حماس التي تسيطر على قطاع غزة.

وقال إن الرجلين لم يتقاسما المعلومات بشكل كامل حول الأنفاق مع أعضاء الحكومة الأمنية المصغرة، بل تحدثا بدلا من ذلك باستخدام مصطلحات "عامة ومتفرقة".

واعتبر أنهما فشلا في تزويد الوزراء بـ"معلومات ضرورية وأساسية"، تساعد في اتخاذ "قرارات على بينة من الوقائع".

لكن رغم ذلك، فإن التقرير لم يخرج بتوصيات سياسية.

أسفرت الحرب عن سقوط 2251 قتيلا من الفلسطينيين بينهم 551 طفلا، وتشريد مئة ألف شخص، بحسب الامم المتحدة. وفي الجانب الإسرائيلي، قتل 74 شخصا بينهم 68 جنديا.

وكانت الأنفاق أحد الأسلحة الأكثر فاعلية للفصائل الفلسطينية خلال الحرب التي استمرت 50 يوما.

وفي إحدى الهجمات المنطلقة من الانفاق، قتل خمسة جنود اسرائيليين عندما تسلل مقاتل من حركة حماس من نفق قرب كيبوتس ناحل عوز داخل إسرائيل في 29 يوليو 2014.

دعوة إلى الاستقالة

في أعقاب صدور التقرير، دعا زعيم المعارضة إسحق هرتسوغ نتانياهو إلى الاستقالة.

واعتبر كبير المراسلين السياسيين في صحيفة "جيروزالم بوست" جيل هوفمان، إن ذلك غير مرجح على الفور، لكن التقرير سيضر بهيبة رئيس الوزراء.

وقال هوفمان إن نتانياهو فاز في الانتخابات الماضية عام 2015 إذ كان ينظر إليه على أنه الزعيم الأكثر كفاءة في حماية أمن إسرائيل.

وأوضح لوكالة فرانس برس أن "نتانياهو أقنع الإسرائيليين أنه الوحيد القادر على جعلهم يشعرون بالأمان".

وأضاف "إذا كان هناك شخصية أمنية مرشحة الى الانتخابات المقبلة، يمكنه التلويح بالتقرير والقول +ليس بهذه السرعة+".

ويواجه رئيس الوزراء الإسرائيلي أيضا اتهامات بالفساد زادت من التكهنات بتنظيم انتخابات مبكرة.

وأشار هوفمان إلى أن "مزاعم الفساد تزيده ضعفا، وهذا يصب الزيت على النار".

الرابح الأكبر في هذه المرحلة هو شريك نتانياهو في الائتلاف الحكومي وزير التعليم زعيم حزب البيت اليهودي القومي المتطرف نفتالي بينيت، الذي لطالما اتهم رئيس الحكومة بعدم تقاسم المعلومات خلال الحرب.

وأوضح يوسي ميكيلبرغ من معهد "شاتام هاوس" للأبحاث في لندن أن "التقرير يعطي مصداقية لبينيت (بالقول) إنه كان يطرح الأسئلة الصحيحة. إلا أنه لم يتلق الإجابات المناسبة".

لكن بينيت، الذي ينظر إليه على أنه أكثر منافس يميني لنتانياهو، ما زال ملتزما الصمت، رغم أن زميلته في حزب البيت اليهودي أياليت شاكيد رحبت بنتائج التقرير.

لكن ايتامار يآر، النائب السابق لرئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي، دافع عن نتانياهو وعن مخاوف الجيش حيال بينيت.

وقال لفرانس برس إن لدى زعيم البيت اليهودي سمعة بالتسريب، ما يجعل من نتانياهو والقادة العسكريين حذرين من تبادل المعلومات معه خشية نشرها على الملأ.

"كفى"

في العام 2007، وجه تقرير أولي لحرب لبنان في العام 2006 انتقادات شديدة لرئيس الوزراء آنذاك إيهود أولمرت ووزير دفاعه عمير بيريتس.

ودعا نتانياهو، الذي كان زعيم المعارضة حينها، أولمرت إلى الاستقالة وشجع على التظاهر، فنزل عشرات الآلاف إلى الشوارع.

قال نتانياهو وقتذاك إن "أولئك الذين فشلوا في الحرب، لا يمكن أن يكونوا هم أنفسهم من يصححون الإخفاقات".

صمد أولمرت وقتها، إلا أنه استقال بعد عام واحد على خلفية اتهامات بالفساد، في ما اعتبره هوفمان موازيا للأحداث الجارية.

قال ليران أوفيك من المعهد الوطني الإسرائيلي لدراسات الأمن القومي إنه في حين كان ينظر إلى حرب العام 2006 بالفشل، فإن حرب غزة عام 2014 ناجحة نسبيا في عيون الإسرائيليين.

وتوقع ميكيلبرغ أن يستمر نتانياهو في رفض نتائج التقرير والاتهامات بالفساد، قائلا إن "السؤال الآن هو متى سيكون هناك حشد كبير في إسرائيل يقول كفى".