عبد الرحمن الماجدي من أمستردام: أجمعت غالبية قرّاء "إيلاف" على أن الجوائز الأدبية العربية التي تتزاحم اليوم منحازة وغير عادلة.

فبعد أن كانت هذه الجوائز قليلة العدد والقيمة المالية، لكن ذات قيمة اعتبارية وإبداعية، أصيبت بانفجار كمي جعل الكثير من الأدباء العرب يهرول اليها طمعاً في المال والشهرة، بل راح حتى بعض منتقديها يركضون اليها بعد أن تلقوا دعوات للانضمام الى لجان تحكيمها ذات المكافآت العالية.

إجماع قرّاء "إيلاف" على انحياز هذه الجوائز مرده الى الانطباع تجاه السياسات العربية الحاكمة التي تنفق اليوم على الجوائز الأدبية ملايين الدولارات وانتقاء المرشحين لها من غير الادباء غير المشاكسين، كما يؤكد المنتقدون.

لكن هناك من يرى فائدة من هذه الجوائز في تقدير المنجز الابداعي للأديب من الداعمين، وإن كانوا حكاماً، وهو ما تراه أيضًا أقلية قرّاء "إيلاف"، التي ترى أن هذه الجوائز عادلة في تقييمها ومنحها.

انحياز هذه الجوائز يردّه القائلون به الى استبعاد مرشحين يستحقون بجدارة الترشيح لها مثل الاديب السوري الكردي سليم بركات، الذي أبدع في العربية، لغته التي يكتب بها، روايات ودواوين شعرية مهمة، وترشيح كتّاب وفق التوزيع الجغرافي والسياسي، وعلاقة بلد المرشح مع داعمي الجائزة. ويتساءل هؤلاء عن سبب توزيع أهم الجوائز الأدبية العربية في مساحة واحدة هي الخليج العربي الذي ينفق بسخاء على هذه الجوائز مثل جائزة السلطان قابوس سلطان عمان وتبلغ 780 ألف دولار، وجائزة شاعر الرسول 300 ألف دولار وجائزة كتارا في قطر وتبلغ 300 ألف دولار وجائزة البوكر 50 الف دولار في أبو ظبي، إضافة الى جائزة الشيخ زايد وجائزة الشارقة. إزاء هذا الكم من المكافآت، تراجعت الجوائز المحلية التي كانت تبرز أديباً كلّ عام في كل بلد، الأمر الذي كرر طرح سؤال هل إن القيمة المالية هي معيار للجائزة؟
فتأتي الاجابة سريعاً بالايجاب أمام تسابق وتزاحم بالأكتاف بين الادباء وخاصة كتّاب الرواية لهذه الجوائز.

الشاعر العراقي سعدي يوسف، الذي يعد من أبرز منتقدي هذه الجوائز، وخاصة جائزة البوكر العربية التي باتت قبلة معظم الروائيين العرب كل عام، يرى أن "بوكر" سيّئة الصيت التي يتهافتُ عليها المتهافتون العربُ، هي في أساسِها، جائزة بريطانيّة مغمورةٌ، تُمنَح لغـير الموهوبين ممّن يقيمون في المملكة المتحدة، وقلَّما تحظى بخبرٍ في صحافة المتروبوليس اللندنية. حتى لقد بلغ بؤسُها حدَّ أنها حاولت ترميم ما لا يُرَمّم ، ففتحت ترشيحاتِها لكتّابٍ من الولايات المتحدة الأميركية، فقد يفيد الترقيعُ".

ويضيف في تدوينات على موقعه الرقمي وصفحته على موقع فيسبوك، أن "البوكر البريطانية، جائزة محليّة، متواضعة، يكاد لا يسمع بها أحدٌ. تُمْنَحُ ، عادةً ، لكُتّابٍ لم يسمعْ بهم أحدٌ".المالُ في الجيب، والعِلْمُ في الغيب".

ويبين أن "العصابة التي تتحكّم& بهذه "البوكر" العربية، لا يفقه أعضاؤها، العربيةَ"،&على حد تعبيره، "والأعمال التي تريدُها هذه العصابةُ& هي أعمالٌ تافهةٌ".

ومثله يتساءل الروائي والجراح السوري المقيم في باريس، خليل النعيمي، هل تساهم الجوائز الأدبية في صناعة "نجم" بالمعنى الاستهلاكي وفق المفهوم الإعلامي؟ فيرد سريعًا بالقول: الجوائز تساهم في صناعة « اللَّجْم». ويضيف النعيمي في حوار مع موقع "فكر" أن الجوائز العربية ببريقها الإعلامي المفتعل، تلعب دوراً أساسياً في السلوك الاستهلاكي المسطِّح للعقول. نحن هنا لا نتحدث عن أشخاص، وإنما عن «ظاهرة ثقافية» خطيرة، اسمها : «الجوائز الأدبية» في العالم في العربي. هذه الظاهرة التي أخذت تتمدد، أخيراً، وتتَعَدّد، تُروِّج «لأشباح ثقافية»، وليس لمبدعين من طراز رفيع. وأكاد أقول إنها لا علاقة لها بالثقافة كما أفهمها أنا، ويفهمها الكثيرون من المهتمين بالإبداع. ولا تقُلْ لي : «هذا هو الموجود»! خطورة هذه « الظاهرة» هو تَعْميم الخوف. الخوف من الإهمال، من الإقصاء، من النسيان، من اللا اعتبار، من الاستبعاد عن المنَصّة، والحيلولة دون «المبدع» والأضواء. فالخوف في العالم العربي له أشكال كثيرة، وإنْ كان على رأسها: القمع".

الروائي الكويتي طالب الرفاعي الذي رأس سابقًا لجنة تحكيم جائزة البوكر، عاد وشارك كمرشح في إحدى دوراتها، ثم أطلق العام الماضي من الملتقى الثقافي الذي يديره وبالشراكة مع الجامعة الأميركية في الكويت "جائزة الملتقى" للقصة القصيرة العربية، وتبلغ قيمتها 20 ألف دولار.

لكن الروائي المغربي عبد الواحد استيتو يرى أن "لا ضير في مثل هذه الجوائز، بل مازالت محدودة وقليلة مقارنة مع كم الكتب والكتّاب في الوطن العربي، ويتساءل عن جدوى النظرة الطوباوية للكتابة لدى البعض، وكأن الكاتب لا يأكل الطعام ولا يمشي في الأسواق، وبالتالي هو ليس من حقه أن يكون له طموح مادي من وراء كتاباته، وإن كنا نتفق أنها ليست بالضرورة الهدف الأول من الكتابة.

ويبين في حديث مع جريدة القدس العربي أن هذه الجوائز هي بمثابة منحة إنتاجية، منحة تفرغ.. هي تمكّن الفائز بها من نسيان الهمّ اليومي لفترة والتفكير في الكتابة المبدعة، وهذا لا يتأتى من دون راحة مادية تكفلها أحيانًا بعض الجوائز الدسمة، خصوصاً أننا نعرف وضعية الكاتب والمبدع العربي عمومًا. فلماذا نكذب على أنفسنا وندّعي مثالية تبدو غير عقلانية بالمرة؟".

اختلاف آراء منتقدي ومؤيدي هذه الجوائز تجسّد في نتيجة استفتاء "إيلاف" للاسبوع الماضي الخاص بانحياز أو عدالة الجوائز الادبية العربية، حيث رأت الغالبية العظمى أنها منحازة وغير عادلة 92% (447) مخالفين الاقلية 8% (37) من القرّاء الذين&شاركوا في الاستفتاء، وبلغ عددهم&484.