إيلاف من بغداد: أثارت نائبة عراقية ضجّة كبيرة حينما دعت إلى تشريع قانون يشجّع الرجال على الزواج بأكثر من إمرأة، وطالبت زميلاتها النائبات والنساء عامة برفع شعار "نقبل بعضنا شريكات لحماية بعضنا"، فيما رفضت نائبة أخرى ما اقترحته زميلتها، معتبرة دعوتها "متاجرة بالعراقيات"، بينما تباينت آراء عراقيات وعراقيين حول الموضوع، ووصلت عند البعض إلى حد السخرية.

فقد استغلت النائبة جميلة العبيدي الاحتفالات بعيد المرأة لتعلن دعوتها إلى تشجيع تعدد الزوجات، مبررة ذلك بالعديد من المشاكل التي تضرب المجتمع العراقي، وخاصة مع زيادة أعداد الأرامل والمطلقات.&

فيما ردت عليها زميلتها النائبة ريزان دلير برفض هذه الدعوة، مؤكدة أنه يجب على النائبات المطالبات بتعدد الزوجات عدم الاستعجال بإطلاق مطالب وتصريحات كتلك"، معتبرة الدعوة إلى تشريع قوانين كهذه "متاجرة بالنساء العراقيات، سيما وأنها تأتي على أساس الحوافز المالية".

أما خارج مبنى البرلمان فقد اشتعلت الآراء ما بين مؤيد للدعوة، ورافض لها، من النساء والرجال على حد سواء.

ساخرون: إبدأي بنفسك
"إيلاف" استطلعت آراء العشرات من النساء حول الموضوع، فراح البعض منهن يرفض دعوة النائبة لكونها غير صادقة وغير قابلة للتنفيذ، واكتفى بعضهن الآخر بالقول إن الحكومة لا يمكنها أن تنفذ مثل هذه الاقتراحات، لأن الأحزاب الإسلامية، سواء الشيعية أو السنية، تؤمن بزواج المتعة والمسيار.&

فيما سخر البعض من مطالب النائبة، وطالبوها بتنفيذ ذلك على نفسها أولًا، وتزويج زوجها بامرأة أخرى، فيما قال أحد الرجال: (شوف الحقد على الداعيات لإحياء السنن المباركة).

ودعت النائبة جميلة العبيدي، أمس الأحد، إلى تشريع قانون يشجّع الرجال على الزواج بأكثر من إمرأة واحدة، من خلال صرف حوافز مالية، فيما طالبت زميلاتها النائبات، والنساء عامة، إلى رفع شعار "نقبل بعضنا شريكات لحماية بعضنا".

وقالت العبيدي في مؤتمر صحافي: إننا "نذكر النائبات بأننا غفلنا عمّا هو أعظم لنا من حق نسيناه أو لم نفهم حقيقته استجابة لأنانيتنا، ألا وهو تعدد الزوجات، الذي حاصرنا الرجل به، على الرغم من زيادة ظاهرة الأرامل والعوانس والمطلقات اللواتي تجاوز عددهن الأربعة ملايين".

لتجاوز الأنانية
أضافت العبيدي، أن "هذه الظاهرة الخطيرة التي أصبحت تهدد بنات جنسنا، وأصبحت عرضة لمن يساومهن، وحسب ما تقتضيه المصالح، وأولها السياسيين، بالولاء والتأييد، وخصوصًا في وقت الانتخابات مقابل المال". وأوضحت أن "المراة لو أخذت حقها الطبيعي بالزواج، ما كانت لتتعرّض لمثل تلك المساومات"، داعية النساء والبرلمانيات إلى "إنصاف حالنا مع بعضنا، وتشجيع الزواج بأكثر من واحدة، ونبذ ثقافة المرأة الواحدة على حساب أخواتنا".

وأشارت إلى أنه "من دواعي مسؤولياتنا أن نلتفت إلى علاج هذه الظاهرة الخطيرة، ولنطلق شعار (نقبل بعضنا شريكات من أجل صون كرامة المرأة)، داعية البرلمانيات إلى "سنّ قانون يحمي الحرائر العراقيات لعلاج هذه الظاهرة وحفظ كرامة المرأة بجعل حوافز مالية تشجّع الرجال وتساعدهم على الزواج من كل أرملة أو مطلقة".

خدمة للأرامل
وبيّنت أن "الحاجة المالية والاقتصادية هي أحد أهم الأسباب التي تعترض العزم على الزواج بأكثر من واحدة، مؤكدة على ضرورة "منح حوافز تساعد وتشجّع الشباب على إتمام نصف دينهم، بما يسمح بتوفير الحياة الكريمة للنساء".

وأكدت العبيدي أنها "مع قانون تعدد الزوجات، وهو شرعًا وحكمًا في ديننا أنزله الله سبحانه وتعالى"، مبينة أن "تعدد الزوجات ضروري في مجتمعنا العراقي لكثرة الأرامل والمطلقات، ما يستوجب وجود معين لهن". وختمت بالقول إنها "ستعمل على جمع تواقيع من نائبات ونواب للمضي في تشريع القانون"، متوقعة أن "يتفاعلن معنا لكونهن يفكرن بعقلانية".&

متاجرة بالعراقيات&
من جهتها ردت النائبة ريزان دلير في مؤتمر صحافي مع عدد من النائبات على الدعوة إلى تعدد الزوجات، قائلة "يجب على النائبات المطالبات بتعدد الزوجات عدم الاستعجال بإطلاق مطالب وتصريحات كهذه"، معتبرة الدعوة إلى تشريع قوانين كتلك "متاجرة بالنساء العراقيات، سيما وأنها تأتي على أساس الحوافز المالية".

أضافت أن "دعوات كتلك تأتي في وقت يحارب العراق تنظيم داعش، الذي سبى النساء، وأهان كرامتهن"، مشددة على أنه "علينا رفع كرامتهن، وليس التقليل من هيبتهن".&

وأكدت دلير أن "كرامة النساء العراقيات مصانة في القانون والدستور، ولسنا بحاجة إلى صيانة كرامتهن بهذا الأسلوب"، لافتة إلى أن "مطالب كهذه مرفوضة جملة وتفصيلًا، ونعتبرها شخصية، ولاتمثل نساء العراق".&

وشددت على ضرورة "الانتباه إلى الحرب على داعش، والعمل على إعادة الاستقرار إلى المناطق، وعودة النازحين بدلًا من تلك الدعوات".&

واحدة تتحكم بمصيرهن
إلى ذلك تساءلت الكاتبة نهى الصفار عن معنى ما قالته النائبة صاحبة الدعوة "نشجّع الزواج بأكثر من واحدة ونبذ ثقافة المرأة الواحدة على حساب أخواتنا"، وقالت: "أعتقد أن هذا المفهوم التعريفي يعني ببساطة أن (واحدة) مثلك أصبحت تتحكم في مصير ملايين العراقيات الجميلات، الرقيقات، المثقفات.. أمهات وزوجات الشهداء.. حفيدات أجمل حضارة عرفتها الإنسانية.. حضارة (أفلتتك) سهوًا من صدع في جدارها المرهف".

وسخرت الصفار من النائبة قائلة: "بمناسبة هذه الدعوة من السيدة النائبة أتوقف فقط عند بعض التعريفات البسيطة لـكلمة (نائبة) - فالنائبة تعني لغويًا: مصيبة شديدة، - الْحُمَّى النائبة: الْحُمَّى الَّتِي تَأْتِي كُلَّ يَوْمٍ، - نوائب الدَّهر: ما ينزل بالناس من مصائب ومضرّات، هذا هو انتقام عشيرة اللغة العربية.. فأين هو انتقام نون النسوة؟.

تأييد الدعوة&
أما يسرا صالح، موظفة، فقد أكدت أنها مع الدعوة قلبًا وقالبًا، وقالت: أعتقد أن الدعوة فيها الكثير من الصحة، وأنا أؤيدها قلبًا وقالبًا خاصة أن العزوف عن الزواج أصبح كبيرًا بسبب البطالة، وبالإمكان منح هؤلاء الشباب حافزًا ماديًا، ولكن بشروط، وهناك في المقابل الكثير من الرجال الذين أحوالهم المادية جيدة، ويفكرون في الزواج من ثانية، ولا تسمح لهم القوانين.
&
وأضافت: "في الدول التي تتعرّض لظروف سيئة تلجأ الحكومات إلى اقتراحات من شأنها أن تخفف من الأزمات والمشاكل الاجتماعية، وأنا أرى أن الزواج من أهم المشاكل التي يعاني منها العراق، لذلك أنا أشجّع اقتراح النائبة".

تابعت: "مهما كانت دعوة هذه النائبة صادقة بأنها ستصطدم بالواقع الذي تتحكم به الأحزاب الإسلامية الشيعية منها والسنية، التي تؤمن وتشجّع على زواج المتعة والمسيار، إضافة إلى الزواج العرفي الشائع جدًا في هذه الأيام، وأنا لا أتصور أن الحكومة تنفق درهمًا واحدًا على مشروع كهذا لأنها تخصص الأموال للفساد".

دعاية انتخابية
من جانبها طالبت الناشطة المدنية عطارد أحمد النائبة صاحبة الدعوة إلى تزويج زوجها بثانية، وقالت: "لست مع هذه الدعوة، ليست لأنها ستحل مشاكل المطلقات والأرامل في العراق، وما أكثرهن، ولكن الغالبية العظمى من الرجال لا يفهمون معنى الزواج الذي دعت إليه النائبة، فإن كانت الدولة ستعطيه حوافز مالية، فسوف يتخلى الرجل عن قيمة الزواج، ويعتبر الزوجة هذه مجرد جارية له".

أضافت: "المقترحات التي تأتي من النائبات غير صحيحة، ولا يمكن أن نثق بها، لأنها على الغالب من أجل الدعاية الانتخابية، وأنا أطالب السيدة النائبة أن تكون قدوة لنا، فتعمل على تزويج زوجها بامرأة مطلقة أو أرملة، وسأكون أولى المروّجات لدعوتها".

وتابعت: "المجتمع العراقي يحتاج خططًا استراتيجية كبيرة، تقوم بها الدولة، فهناك في إيران مثلًا قوانين لتزويج الأرامل مقابل حوافز مادية وبيت للسكن، ولكن باحترام شديد للمرأة، وإذا أرادت الحكومة العراقية أن تتبنى المشروع فتحتاج استراتيجية حقيقية وليس مجرد كلام".

حل لمشكلة حقيقية
إلى ذلك أكد الصحافي ضرغام محمد علي أن "الدعوة إلى تعدد الزوجات تعالج جوانب إنسانية، ككرامة أرامل الشهداء"، وقال: &"نصبت المشانق لبرلمانية طالبت بتشريع قانون يساعد ماديًا من يسعى إلى الزواج بثانية، خصوصًا من الأرامل، وأضحت النائبة خلال ساعات قليلة عدوة للمتزوجات، وصديقة وداعمة للشباب والرجال، حتى ممن لا يفكر منهم بالزواج بثانية، لكن من باب إعادة حق شرعي سلبته المدنية".
&
وأضاف: "الهجوم على عنوان التصريح، وليس على مضمونه، الذي يعالج جوانب إنسانية عدة، منها كرامة أرامل الشهداء التي يحاول إهدارها عشرات آلاف الدنيئين من أصحاب الإرب والغرض القذر بالدوس على جراحهن لاستدراجهن".
&