واشنطن: نجحت الحكومة الاميركية الجديدة برئاسة دونالد ترامب المناهضة للتبادل الحر والتي تتعامل بحذر مع ملف تبدل المناخ، في الهيمنة على اجتماع مجموعة العشرين في المانيا بحيث لم يتطرق في بيانه الختامي الى موضوعي الحمائية واتفاق باريس المناخي.

وتمكنت الولايات المتحدة من سحب كلمة "حمائية" من البيان الختامي واثارت موضوع اعادة التفاوض حول منظمة التجارة العالمية.

وقالت مصادر عدة ان وزير الخزانة الاميركية الجديد ستيفن منوتشين كان قليل الكلام خلال المناقشات التي اكدت وجود تباينات كبيرة بعد اجتماع استمر يومين.

منذ اعوام، تواظب مجموعة العشرين على تكرار ادانتها للحمائية، لكن منوتشين رفض تضمين البيان هذا الامر ودأب الاعضاء على ايجاد صيغة مرضية للجميع حول التجارة العالمية.

وفي النهاية لجأ الوزراء الى عبارة مطاطة لا دلالة لها "نعمل على تعزيز مساهمة التجارة في اقتصاداتنا".

وعلق وزير المال الفرنسي ميشال سابان "نحن لا نتفق مع الولايات المتحدة" مشددا على ان هذا الخيار لا يعكس تراجعا بل تعثرا.

من جهته، اعتبر منوتشين في المؤتمر الصحافي الختامي ان "الصيغة التاريخية (لاجتماعات المجموعة السابقة) لم تكن ملائمة".

ابعد من الكلمات 

وفي ما يتجاوز الخلاف على الكلمات، اظهر اجتماع بادن بادن نية اميركية لاعادة النظر في مبدأ التعددية في مسيرة الاقتصاد العالمي بما يعنيه من تنظيم للعلاقات بين دولة وكل الدول الاخرى وليس بين بلد واخر، وذلك انطلاقا من ان هذه التعددية لم تكن فاعلة لحماية المواطنين الاميركيين من التأثيرات الضارة للعولمة.

وفي هذا السياق، اعلن منوتشين ان الولايات المتحدة لا تستبعد اعادة التفاوض على اتفاقات منظمة التجارة العالمية التي شهدت اخفاقات عدة وباتت تنافسها اتفاقات تجارية اقليمية، علما بان ادارة دونالد ترامب تعتزم ايضا اعادة النظر في تلك الاقليمية.

وقال منوتشين "نعتقد ان بعض جوانب (اتفاقات) منظمة التجارة العالمية غير مطبقة، وسنحاول الدفع نحو تطبيقها لمصلحة العمال الاميركيين"، مضيفا "هذه الاتفاقات قديمة واذا كانت تتطلب اعادة التفاوض فسنفكر في ذلك ايضا".

من جهته، لفت سابان الى ان "مشروع النص الاميركي (خلال المناقشات) لم يتضمن الاشارة الى العمليات المتعددة الطرف"، ما يؤشر الى الموقف الاميركي.

رغم ذلك، شدد العديد من الوزراء وبينهم الالماني فولفغانغ شويبله على ان المجموعة احرزت بعض التقدم سواء على صعيد اسعار الصرف او الضريبة او مكافحة تمويل الارهاب، ما جعل جزءا من اجتماع بادن بادن استمرارا للقاءات السابقة.

وقال شويبله "لم يتم عزل الاميركيين. ان دور رئاسة (مجموعة العشرين) يكمن في الجمع وليس في العزل".

اما سابان فاختصر الموقف بقوله "خلاف بين بلد واحد وكل الدول الاخرى"، في حين اعتبرت مديرة صندوق النقد الدولي كريستين لاغارد ان الادارة الاميركية الجديدة لا تزال في طور "التكيف والتعلم".

كذلك، واجهت المجموعة مأزقا في ملف المناخ عبر عدم الاشارة الى اتفاق باريس 2015 الذي ورد في البيانات السابقة.

وفي هذا الصدد، تطرق منوتشين الى مشكلة معيار اكثر من كونها مشكلة ارادة سياسية، وقال "هذا ليس مجالي. سيكون للادارة (الاميركية) رأيها في الموضوع".

وفي حين خلص شويبله الى ان "مجموعة العشرين تعززت اكثر من كونها ضعفت"، بدا المفوض الاوروبي للشؤون الاقتصادية بيار موسكوفيسي اكثر واقعية بحديثه عن "اجتماع معقد مع خلاصات موقتة كان يمكن ان تكون افضل".

ومع فشل وزراء المال في التوصل الى اتفاق حول التجارة والمناخ، فان مسؤولية ايجاد حل او تكريس الانقسام تعود الى رؤساء الدول والحكومات الذين سيجتمعون في هامبورغ في تموز/يوليو في حضور دونالد ترامب.