باريس: تطلق فرنسا والإمارات العربية ومنظمة الامم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (يونسكو) الاثنين في اللوفر تحالفًا دوليًا لحمالة التراث الثقافي المهدد بالارهاب والحروب على امل بدء جمع اموال لصندوق بقيمة مئة مليون دولار.

ولدت فكرة هذه المبادرة قبل سنتين تماما في 18 مارس 2015، خلال زيارة للرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند الى اللوفر. وهي تقضي بكشف عمليات تخريب المواقع الاثرية من قبل تنظيم داعش الجهادي والنظام السوري.

للصدفة، بينما كان الرئيس الفرنسي يتحدث، كانت مجموعة "جهادية" مسلحة تهاجم متحف باردو في تونس، ما ادى الى سقوط حوالى عشرين قتيلا. ومن خطاب في اليونسكو الى قمة مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى ودعوة على هامش اجتماع الجمعية العامة للامم المتحدة في مؤتمر في ابوظبي، وضعت الفكرة على طريق التنفيذ.

فقد قرر مؤتمر ابوظبي الذي عقد في ديسمبر، انشاء صندوق و"شبكة دولية للملاذات" من متاحف وطنية او دول اخرى يمكن وضع القطع الاثرية المهددة فيها. وقبل شهرين من انتهاء الولاية الرئاسية لهولاند، تؤكد الرئاسة "نريد تثبيت هذا الالتزام فعليا" عبر جمع "نصف" المئة مليون دولار المقررة للفترة بين 2017 و2019 "على الاقل" اعتبارا من الاثنين.

وستؤكد فرنسا من جهتها مساهمتها بثلاثين مليون دولار يدفع 15 مليونا منها اعتبارا من ابريل، والباقي في 2018. اما المانحون الآخرون فسيكشفون حجم مساهماتهم خلال المؤتمر.

ستموّل هذه المبالغ تحركات وقائية او عاجلة لمكافحة التهريب غير المشروع للممتلكات الثقافية وبدء عمليات ترميم. ومن الصفات الخاصة لهذا الصندوق الذي اودع جاك لانغ ومحمد المبارك ممثلا الرئيس الفرنسي والامارات وثائقه الاثنين في جنيف، انه سيجمع بشكل وثيق الجهات المانحة من القطاعين العام والخاص مثل الصندوق العالمي لمكافحة الايدز والسل والملاريا.

ظل العلم الاسود
رشحت باريس الاميركي توم كابلان الذي ينشط في الاعمال الخيرية، وتعرض القطع التي يملكها "مجموعة لايدن القرن الذهبي الهولندي" في متحف اللوفر، لتولي رئاسة مجلس ادارة الصندوق.

الهدف هو اطلاق اول المشاريع بحلول نهاية النصف الاول من العام الجاري في المناطق التي تمت استعادتها من تنظيم داعش، في العراق اولا. وسيعرض وزيرا الثقافة العراقي والمالي توقعاتهما الاثنين في اللوفر.

تقول مصادر في باريس ان "داعش تتراجع، لكن بقدر ما ينكفئ العلم الاسود، يتكشف حجم الدمار"، مشددة على ان هذه المبادرة هي "استمارية لوسائل اخرى لمكافحة الارهاب". وتؤكد المصادر "نواجه امامنا حقلا واسعا لعمليات الترميم واعادة الاعمار التي ستساهم ايضا في الاحياء الاقتصادي لهذه الدول".

دعي الى اللوفر حوالى مئة شخصية من خبراء وممثلي مؤسسات عريقة مثل متحف بيرغام في برلين او المؤسستين الاميركيتين اندرو ميلون ومعهد سميثونيان.

في مارس 2001، سبب تدمير طالبان لتمثالي بوذا في باميان في افغانستان، صدمة كبرى لدى الرأي العام. وقد تلته عمليات تدمير اخرى لآثار لا يمكن ترميمها. وكان تنظيم داعش والقاعدة وغيرهما من الحركات المتطرفة دمرا بالمعاول والجرافات والمتفجرات مدنا اثرية مثل تدمر ونينوى وحترا واضرحة تمبكتو ومتحف الموصل ومواقع اخرى.