باريس: بعد أول مناظرة تلفزيونية، بات أمام المرشحين للانتخابات الرئاسية الفرنسية شهر واحد لاقناع المترددين والمشككين، في حملة تشوبها قضايا فساد بينما تتوقع استطلاعات الرأي تصدر اليمين المتطرف نتائج الدورة الاولى.

وجمعت المناظرة، التي استغرقت 3 ساعات ونصف، بين زعيمة حزب الجبهة الوطنية اليميني المتطرف مارين لوبن، والمرشح المستقل إيمانويل ماكرون، ومرشح حزب الجمهوريين من يمين الوسط فرانسوا فيون، ومرشح الحزب الاشتراكي بونوا هامون، ومرشح اليسار المتشدد جان لوك ميلانشون.

وتشير استطلاعات الرأي الى ان اربعين بالمئة من الناخبين في الدورة الاولى التي ستجرى في 23 يونيو لا يزالون مترددين لكنهم يبدون اهتماما كبيرا بالاقتراع.&

وتابع حوالى عشرة ملايين منهم اي 48 بالمئة من المشاهدين الاثنين اول مناظرة جرت بين المرشحين الخمسة الرئيسين واستمرت ثلاث ساعات ونصف الساعة، وهو امر غير مسبوق قبل الدورة الاولى.&

وقالت قناة التلفزيون الأولى الخاصة التي نظمت المناظرة انها افضل نسبة مشاهدة هذه السنة لكل القنوات وكل البرامج وكل الاوقات.

وتركز المناظرة على البرامج اكثر منها على القضايا، وخصوصا للمرشحين اللذين يعتبران الاوفر حظا في الدورة الاولى&مارين لوبن وايمانويل ماكرون.

واصطدمت لوبن مع ماكرون بانتقادات حادة خلال المناظرة بسبب "البوركيني". وقالت لوبن إن التعددية الثقافية يجب أن تنتهي، لكن ماكرون اتهمها بصنع أعداء من المسلمين في فرنسا.&

وأعربت لوبن عن تأييدها الحظر الذي فرضته بعض البلديات الفرنسية على ارتداء البوركيني على الشواطئ، في حين عارض ماكرون وميلانشون ذلك الحظر.

تنوع في القضايا"

واجهت لوبن انتقادات ماكرون ومنافسيها الثلاثة الآخرين.

وفي احد النقاشات الاكثر حدة، قال فرنسوا فيون ان "قاتل القدرة الشرائية الحقيقي هو السيدة لوبن مع الخروج من منطقة اليورو". ورد ماكرون المؤيد "لفرنسا قوية في اوروبا قوية"، &بالقول ان "كل الذين كانوا يريدون بريكست هربوا ولم يرغبوا في ان يكونوا في السلطة".

اما ماكرون (39 عاما) فقد اتهم لوبن (49 عاما) بانها تسعى الى "تقسيم المجتمع".

رأت الصحف في افتتاحياتها ان المناظرة شهدت تنوعا في القضايا التي عرضت: من المستقبل الاقتصادي لفرنسا الى الهجرة والامن واوروبا. وعرض كل من المرشحين الخمسة بدوره برنامجه.

وكتب الخبير السياسي باسكال بيرينو في صحيفة لوموند ان "حملة 2017 لا يمكن ضبطها وتسير على وقع +القضايا+ الحقيقية او الافتراضية، وعاجزة حاليا على ايجاد رهان (...) تتبلور الخيارات حوله".

والدعاوى القضائية التي تشهدها الحملة منذ اشهر طرحت بالكاد في المناظرة. لكن هذه المسألة عادت بقوة الى الساحة صباح الثلاثاء مع اتهامات بالمحسوبية ضد وزير الداخلية الاشتراكي برونو لورو الذي عين في ديسمبر الماضي.

وكشف برنامج تلفزيوني الاثنين ان لورو وظف ابنتيه مساعدتين برلمانيتين في الجمعية الوطنية عندما كانتا طالبتين في المدرسة الثانوية ثم في الجامعة.

واقر الوزير الاشتراكي في تحقيق اجراه برنامج "كوتيديان" على شبكة التلفزيون الفرنسية "تي ام سي" بتعيين ابنتيه بموجب عقود موقتة "خلال فصل الصيف خصوصا او اثناء العطل المدرسية لكن ولا مرة بشكل دائم" عندما كان نائبا عن سين-سان-دوني في دائرة شمال شرق باريس.

وخلال المناظرة دعت لوبن المرأة الوحيدة في السباق الرئاسي، الفرنسيين الى الخروج من الاتحاد الاوروبي الذي "ينغّص عيشنا ويغلق علينا"، منددة ايضا ب"العولمة المتوحشة".

وتشكل هذه المناظرة بين المرشحين الخمسة الانطلاقة الفعلية للمعركة الانتخابية التي هيمن عليها توجيه اتهام قضائي الى المرشح المحافظ فرنسوا فيون في قضية وظائف وهمية، ما جعله يتراجع الى المرتبة الثالثة بين المرشحين الاوفر حظا للفوز في الاقتراع.

وفي بلد ضربته هجمات جهادية غير مسبوقة في 2015 و2016، أجّج الهجوم السبت على دورية عسكرية في مطار اورلي من قبل مرتكب جنح قال انه مستعد "للاستشهاد في سبيل الله"، المخاوف الامنية. كما غذت الجدل حول الامن حوادث مثل اطلاق النار في مدرسة ثانوية في جنوب شرق فرنسا الاسبوع الماضي.

على الصعيد الاقتصادي تحدثت لوبن عن خطتها الخروج من منطقة اليورو.&

"تغيير حقيقي"

والمحت النقاشات في هذه المناظرة الاولى بين مرشحي الرئاسة، الى الدعاوى القضائية التي تستهدف مباشرة فيون ولوبن.

وبدا فيون (63 عاما) مرتاحا في النقاشات مؤكدا انه "المرشح الوحيد الذي يقترح تغييرا حقيقيا" رغم متاعبه القضائية واتهامه رسميا في منتصف آذار/مارس "باختلاس اموال عامة".

وتستهدف ابنة مؤسس حزب الجبهة الوطنية جان ماري لوبن ايضا دعاوى مرتبطة بوظائف وهمية في البرلمان الاوروبي وتمويل غير مشروع للحملة، لكن ذلك لا يؤثر في &شعبيتها. وقد رفضت المثول امام القضاء معتبرة ذلك "مناورة سياسية".

ودعا ميلانشون مساء الاثنين الناخبين الى "مكافأة النزيهين" والى التمييز بين الذين تستهدفهم دعاوى قضائية وغيرهم.

وما زالت نتائج هذه الانتخابات غامضة بعد الانتخابات التمهيدية لليمين واليسار التي هزم فيها المرشحان اللذان كانت استطلاعات الرأي ترجح فوزهما -- رئيس الوزراء اليميني الاسبق آلاف جوبيه ورئيس الوزراء الاشتراكي السابق مانويل فالس.
&