تحقيق وتبادل اتهامات أطرافها التحالف الدولي ضد داعش والعراق والولايات المتحدة حول المسؤولية عن مجزرة شهدتها مدينة الموصل قتل فيها بين 130 و200 مدني نتيجة غارات جوية، ما دفع رئيس البرلمان إلى الدعوة إلى جلسة طارئة.. بينما أعلن مرصد حقوقي عن مقتل 3846& مدنيًا وتدمير 10 آلاف وحدة سكنية في أيمن الموصل.

إيلاف: أقرّ التحالف الدولي ضد داعش بتوجيه ضربة جوية إلى منطقة سكنية في حي الموصل الجديدة، لكنه ألقى بالمسؤولية على القوات العراقية، التي قال إنها هي التي طلبت توجيه هذه الضربة الجوية.&

وقالت القيادة المركزية لقوات الولايات المتحدة، التي تقود التحالف، في بيان الليلة الماضية، إن "التقييم الأولي لنتائج الغارات الجوية التي تم تنفيذها من 16 إلى 23 مارس الحالي أظهر أن التحالف وجّه بطلب من قوات الأمن العراقية ضربات إلى إرهابيي داعش ومعداته العسكرية في المنطقة التي سقط فيها بقصف جوي حسب التقارير، ضحايا من السكان المدنيين يوم 17 مارس".

الموصل ودمار الحرب على&داعش في كل مكان

وأشارت القيادة إلى أنها "أخذت على محمل الجد الاتهامات الموجّهة إلى التحالف بقتل المدنيين في هذه المنطقة الواقعة في غرب مدينة الموصل، ما دفع إلى فتح تحقيق من أجل التوصل إلى الحقائق المتعلقة بهذه الضربة، ومدى صحة الإدّعاءات حول سقوط ضحايا مدنيين". وعلى الفور أعلن التحالف الدولي أنه فتح تحقيقًا في التقارير التي تحدثت عن مجازر جماعية للسكان المدنيين في الموصل جراء غارات طائراته في الأسبوع الماضي.

يأتي هذا التطور بعدما أعلنت مصادر عسكرية وسياسية وإدارية في العراق، إضافة إلى شهود عيان، عن مقتل ما بين 120 و200 شخص على الأقل جراء غارات جوية على منطقة سكنية في حي الموصل الجديدة في غرب المدينة.&

علاوي: عمليات التحرير حادت عن هدف تحرير الإنسان
وعبّر نائب رئيس الجمهورية، زعيم "ائتلاف" العراقية، أياد علاوي، عن الأسف لسقوط مدنيين ضحايا للدروع البشرية والقصف الجوي والبري.

وأشار على صفحته في شبكة التواصل الاجتماعي "فايسبوك"، التي تابعتها "إيلاف"، الى أنه للأسف الشديد "فإن مسار عملية تحرير الجانب الأيمن من الموصل، وبعد شهر من المعارك الضارية، قد حاد عن الالتزام بقاعدة (تحرير الإنسان أولًا)، فالعمليات العسكرية وممارسات الإرهابيين حوّلت المدنيين العزل إلى أسرى ودروع بشرية وحطب للنيران الجوية والبرية، وبعدما كانوا ضحايا سياسات لا مسؤولة أوقعتهم فريسة سهلة للمجاميع الإرهابية الضالة بالأمس يعودون اليوم فريسة لخطط مرتجلة تستعجل النصر على مآسيهم وأوجاعهم ودمائهم".

وشدد على ضرورة مراعاة العمليات العسكرية عراقية المدنيين المحاصرين وإنسانيتهم، وكذلك الاتفاقات والقوانين الدولية والإنسانية الراعية لحقوق المدنيين في زمن الحروب.. وقال إن الظروف التي يتعرّض لها مئات الآلاف من المدنيين في ساحل مدينة الموصل الأيمن من حصار وتجويع وأسر وحرمان من أبسط مقومات الحياة، وآخرها هدم المباني فوق رؤوس المئات من المدنيين الهاربين من ويلات القصف تجسد الصورة البشعة واللاإنسانية للحروب التي يجب مراجعتها من دون تأخير.&

وزير الدفاع العراق لتحقيق فوري.. ورئيس البرلمان يدعو إلى طارئة
من جانبه، أمر وزير الدفاع عرفان محمود الحيالي بفتح تحقيق فوري بحادثة القصف الجوي التي حدثت. وقال بيان صحافي للوزارة، إطلعت عليه "إيلاف"، إن "وزير الدفاع عرفان محمود الحيالي أمر بفتح تحقيق فوري بحادثة القصف الجوي التي حدثت في حي الموصل الجديدة في الساحل الأيمن".

أما رئيس البرلمان العراقي سليم الجبوري فقد دعا إلى جلسة برلمانية طارئة الثلاثاء المقبل لمناقشة "فاجعة حي الموصل الجديدة"، وطالب في تصريح صحافي تلقته "إيلاف" الجهات المسؤولة عن الملف الأمني بتقديم تقارير سريعة وعاجلة إلى مجلس النواب تتضمن مجريات ما يحدث في الساحل الأيمن من مدينة الموصل وأسباب سقوط مئات المدنيين الأبرياء خلال المعارك.

وأشار الجبوري إلى أن "مجلس النواب سيناقش قضية الساحل الأيمن في جلسته المقبلة، لذا على الجهات الأمنية تقديم تقاريرها حول الموضوع، قبل موعد الجلسة، لكي تكون الصورة واضحة أمام ممثلي الشعب".

كما ناشد منظمات حقوق الإنسان الدولية والمحلية متابعة قضية سقوط المدنيين في الساحل الأيمن وإعداد تقارير خاصة بذلك من أجل الإطلاع على الحقيقة ومعرفة من المسؤول.

وأمس أفادت مصادر أمنية بأن القوات العراقية أوقفت المعارك في الساحل الأيمن للموصل بسبب المعدل المرتفع للقتلى والمصابين من المدنيين. وتقصف مقاتلات القوة الجوية العراقية والتحالف الدولي الذي تقوده واشنطن مواقع تنظيم داعش لإسناد تقدم القوات العراقية، لكن لم يعرف حتى الآن من هي الجهة المسؤولة عن الضربات الأخيرة.&

وقال بشار الكيكي، رئيس مجلس محافظة نينوى، إن جهود إخراج الجثث من تحت الأنقاض مستمرة، فيما أكد محافظ المدينة نوفل حمادي أن "أكثر من 130 مدنيًا قتلوا جراء القصف الجوي الذي قامت به طائرات التحالف الدولي لمواقع داعش في حي الموصل الجديدة.
&&
وشنت القوات العراقية عملية عسكرية كبرى ضد داعش في 17 أكتوبر الماضي لاستعادة مدينة الموصل أكبر معاقله أسفرت عن استعادة الجانب الشرقي من المدينة، فيما تخوض منذ 19 فبراير معارك في الجانب الغربي الأيمن الأكثر اكتظاظًا، والذي وصلت إلى منتصفه.
&
وأعلنت السلطات العراقية اليوم عن فرار أكثر من 200 ألف شخص من الجانب الغربي لمدينة الموصل منذ انطلاق العمليات العسكرية في الشهر الماضي لاستعادته من قبضة داعش. وكشفت دائرة المعلومات والبحوث في وزارة الهجرة والمهجرين في بيان عن "ارتفاع أعداد النازحين من مناطق الساحل الأيمن للموصل إلى 201275 شخصًا منذ انطلاق عمليات تحرير الجانب الأيمن للمدينة في 19 فبراير". &

3846 قتيلاً في أيمن الموصل
واليوم، قال المرصد العراقي لحقوق الإنسان إن 3846 مدنيًا قتلوا في الساحل الأيمن من الموصل وحده، موضحًا أن هؤلاء هم الذين تم الإبلاغ عن حالاتهم، فيما لا تزال جثث أعداد كبيرة منهم تحت الأنقاض.

أضاف المرصد في تقرير إطلعت على نصه "إيلاف" أن شبكة رصده تمكنت من التحصل على إبلاغات عشرات مئات النازحين الهاربين من مناطق النزاع حول فقدان ذويهم وجيرانهم وأصدقائهم نتيجة العمليات العسكرية التي طالت الأحياء السكنية ومنازل المدنيين العزل والإعدامات التي قام بها تنظيم داعش.

وقال نازح، وقد أبلغ عن مقتل أحمل سهيل، وهو أحد أقاربه، إن "الطائرات التي لم نعرف هويتها كانت تقصف بشدة المناطق السكنية، بينما لم تكن هناك إلا بضعة عناصر من تنظيم داعش، في الوقت عينه توجد خمس عوائل على المنزل الذي سقط علينا في منطقة موصل الجديدة".

نازح آخر أبلغ عن مقتل طلال جاسم محمد أثناء القصف، قال إن "تنظيم داعش إحتجز ثماني عوائل في منزل واحد في حي الجوسق، وقام عناصره باعتلاء السطح وضرب القوات الأمنية العراقية، وبعد دقائق إستهدف طيران التحالف الدولي المنزل، وقتل ما لا يقل عن 40 شخصًا".

الموصل .. مدنيون ضحايا التحالف الدولي ضد داعش

وأكد عامل إغاثة في الدفاع المدني أن "الآليات والمعدات المتوافرة لاستخراج الجثث غير كافية، ولن نستطيع إخراج كل الجثث في غضون الأيام القليلة المقبلة". وأوضح أن "عشرات المئات من الجثث ما زالت تحت الأنقاض، وفي بعض المناطق التي تقع في أطراف مدينة الموصل الجديدة يستهدفنا قناص تنظيم داعش، الذي ما زال في المناطق المحاذية لها".

وقال الخبير العسكري العراقي هشام الهاشمي إن "إستخدام القنابل والمدفعية والصواريخ غير الذكية بغير ضرورة وبشكل مُبالغ فيه ضد إرهابيي داعش في الساحل الأيمن لن يُحقق النصر العاجل، بل يجعل التنظيم يكسب ورقةً رابحة".&

ودعا المرصد العراقي لحقوق الإنسان القوات الأمنية العراقية إلى ضرورة الإعتماد على مصادر دقيقة في تحديد الأهداف التي يستخدمها تنظيم داعش، والتأكد مما إذا ما كانت هناك عوائل مُحتجزة كدروع بشرية من قبل التنظيم. وقال إن على القوات المسلحة العراقية والتحالف الدولي الإلتزام باتخاذ جميع التدابير الممكنة لضمان حماية المدنيين في الساحل الأيمن من مدينة الموصل، ومنع أي انتهاكات خطيرة يمكن أن تقع بحق المدنيين العزل أثناء العمليات العسكرية لاستعادة ما تبقى من مناطق الساحل الأيمن من الموصل. &&
&
تدمير 10 آلاف وحدة سكنية
وتمكنت شبكة الرصد في مدينة الموصل من إعداد إحصائية حول الدمار الذي حل في مناطق الساحل الأيمن من المدينة، حيث أشارت إلى تدمير 10 آلاف وحدة سكنية بسبب القصف غير الدقيق وقذائف هاون تنظيم داعش وسياراته المفخخة. وأوضح أنه من أصل أكثر من 415 ألف نازح قُدم العلاج من قبل المنظمات الحكومية والدولية إلى 22579 نازحًا. قال مصدر طبي في مدينة الموصل إن "الدواء والمستلزمات الطبية المقدمة إلى النازحين في مدينة الموصل غير كافية، وهناك نقص كبير في تقديم المساعدات العاجلة إلى النازحين".

وطالب المرصد العراقي لحقوق الإنسان قادة الجيش العراقي، وجميع من يساندهم في معركة استعادة الساحل الأيمن من مدينة الموصل، بالإلتزام بالقانون الدولي الإنساني واتخاذ الخطوات اللازمة للحدّ من خطورة تنظيم "داعش" على سلامة المدنيين. ودعا التحالف الدولي والجهات الإستخبارية المسؤولة عن تحديد أهداف عناصر داعش إلى تحديدها بدقة تامة لمنع تعرّض المدنيين للخطر وإعطاء سلامة المدنيين الأولوية في الطلعات الجوية التي يشنها ضد التنظيم.&

من جانبها، عبّرت الأمم المتحدة عن قلقها العميق إزاء وقوع عدد كبير من الضحايا المدنيين في الموصل الجديدة، وهي منطقة مكتظة بالسكان.. وقالت ليز غراند منسقة الشؤون الإنسانية في العراق في بيان: "لقد فوجئنا بهذه الخسارة الفظيعة في الأرواح، ونود أن نعبّر عن تعازينا العميقة للعديد من الأسر التي تأثرت بهذه المأساة".

وأضافت غراند: "لا شيء في هذا الصراع أكثر أهمية من حماية المدنيين وأطراف النزاع - جميع الأطراف - ملزمة ببذل قصارى جهدها لحماية المدنيين، وهذا يعني أن المقاتلين لا يستطيعون استخدام الناس كدروع بشرية، ولا يمكن أن يعرّض للخطر الأرواح من خلال الاستخدام القصف العشوائي".

وحذرت غراند بالقول: "نحن نخشى على الأسر التي تم القبض عليها في الصراع"، مشددة على بذل كل جهد ممكن لتجنب وقوع ضحايا بين المدنيين.
&