«إيلاف» من الجزائر: برّأت الجزائر &للمرة الاولى إيران من حملة «التشيع» التي تشهدها البلاد في السنوات الأخيرة، بعد اتهامات سابقة غير رسمية وجهت في أكثر من مرة إلى الملحق الثقافي بسفارة إيران بالجزائر أمير موسوي بالوقوف وراء هذه الحملة التي تستهدف المرجعية الدينية لبلد غالبية مواطنيه من السنة.

وشهدت الجزائر في السنوات الأخيرة حملات تشيع لافتة في عدة مناطق، خاصة الشرقية منها، ما دعا العديد من النشطاء إلى التصدي& لهذا الغزو المذهبي، وذهب البعض منهم إلى المطالبة بطرد موسوي من الجزائر، لأنه هو من يحرك – حسبهم- حملات التبشير بالشيعة.

تبرئة

غير أن وزير الشؤون الدينية والأوقاف محمد عيسى وضع&للمرة الاولى حدًا لكل التهم التي توجه إلى إيران، وقال في تصريحات للصحافة " ايران ليست من تدعم التبشير بالتشيع في الجزائر"

وأضاف أن هذا التبشير " ينبع من عواصم أوروبية، لا أريد تسمية أسماء، لكن يعرف الجزائريون أنهم يأتون بفتيات يدعين بأنهن غيّرن مذهبهن ثم يشتمون عائشة أم المؤمنين وأبو بكر الصديق& وعمر بن الخطاب رضوان الله عليهم"

واعتبر أن هذا السلوك "يجعل ضغينة غير الشيعة تزداد".

غير أن الكاتب الصحافي محمد شارفي المهتم بقضايا الدين والفكر يعتقد أن تصريحات الوزير لا تخرج عن اللباقة الدبلوماسية، وتدارك لخطابات سابقة له بشأن الشيعة.

وقال شارفي لـ"إيلاف" إن "تصريح الوزير هو محاولة لتصحيح موقف سابق تحامل فيه على إيران، واحدث ضجة كبيرة حينها، وناله غضب من أعلى هرم السلطة التي تتوجه للتقارب أكثر مع طهران".

وأضاف " لقد وجد محمد عيسى عشية زيارة وزير الثقافة والإرشاد الديني الإيراني فرصة للاعتذار من خلال تبرئة إيران من التبشير الشيعي، رغم أن الجميع يدرك جيدًا أن إيران هي الراعية الرسمية لحملات التشيع التي تعرفها الدول العربية لأغراض سياسية واضحة، فقد أعلن صراحة عن هذه القناعات قادة سياسيون وعسكريون إيرانيون، لكن هذا لا ينفي وجود دوائر غربية تستثمر في الخلاف الشيعي السني"

وبالنسبة للوزير الجزائري، فإن حماية بلاده من هذه الحملات التبشيرية تكمن&في سن مشروع قانون جديد لمحاربة التطرف والانحراف الطائفي.

&وقال إن الدستور الجزائري "وبقدر ما يضمن حرية المعتقد الديني وممارسة& الشعائر الدينية، فإنه يمنع أيضا استغلال& الدين لأغراض أخرى".

وأوضح أن المجتمع الجزائري له "مرجعيته الدينية ولا يريد أن يكون طرفاً في التجاذبات المذهبية".

تحالف

وبحسب محمد شارفي، فإن تصريحات الوزير التي تعلن &للمرة الاولى من طرف مسؤول سياسي تجاه إيران " يحكمه معيار له علاقة مباشرة بالموقف من الربيع العربي الذي تعتبره الجزائر مؤامرة غربية لضرب استقرار الدول العربية وتقسيمها"

وأضاف شارفي في حديثه مع "إيلاف" أنه يعتقد أن "مهادنة إيران تدخل ضمن تقوية الحلف المعادي للدول الداعمة للربيع العربي".

وينتظر أن يقوم الرئيس الإيراني حسن روحاني خلال هذه السنة على الأغلب بزيارة إلى الجزائر، وهي الزيارة التي كانت مقررة الأيام الماضية، لكن طهران أجلتها في الأخير بسبب أجندة روحاني .

تعاون

&تزامن تصريح الوزير محمد عيسى مع الزيارة التي يقوم بها وزير الثقافة والإرشاد الإسلامي الإيراني رضا صالحي أميري إلى الجزائر، والذي التقى عدة مسؤولين منهم رئيس المجلس الشعبي الوطني (البرلمان) العربي ولد خليفة ووزير الثقافة عز الدين ميهوبي ورئيس المجلس الإسلامي الأعلى بوعبد الله& غلام الله الذي كشف عن عقد لقاءات بين علماء من البلدين.

&وقال غلام الله& إن هذه اللقاءات ستبحث "سبل الخروج من الأزمة التي يشهدها العالم الإسلامي".

أما أميري فقد أعلن عن توجيه "دعوة رسمية" إلى اغلام الله& لزيارة إيران برفقة وفد من العلماء الجزائريين.

وقال إن الهدف من اجتماع علماء البلدين هو "التصدي لما تقوم به الجماعات التكفيرية والمتعصبة".

وأضاف أن "التواصل الثقافي بين بلدين يملكان تراثاً عريقاً &كالجزائر وإيران سيكون له أثر كبير في المواجهة التي يشهدها العالم الإسلامي& ضد الإرهاب".

وأشار الوزير الإيراني إلى أن "الغرب لا يساعدنا للخروج من الأزمة، وبالتالي فعلى& البلدان الإسلامية أن تحل أزماتها بنفسها".

ويدرج الكاتب الصحافي محمد شارفي هذا التقارب الديني بين البلدين ضمن جهود الطرفين للاستثمار في ما يسمى " الدبلوماسية الدينية".

وقال شارفي لـ"إيلاف" " في الفترة الأخيرة روجت الجزائر كثيرًا لما تسميه الدبلوماسية الدينية التي تقول إنها استطاعت بفضلها أن تجعل الجزائر مرجعًا للوسطية الإسلامية، ويبدو&أن إيران تستعمل الدبلوماسية نفسها لتظهر أن ما تخوضه من صراعات في سوريا والعراق ولبنان لا علاقة له بالاصطفاف الطائفي على اعتبار أنها تشكل حلفًا مع دولة سنية ".