تعتمد الحكومة اللبنانية في مؤتمر بروكسل مقاربة جديدة في ما خص موضوع النازحين السوريين في لبنان، من خلال المطالبة بحلول إنمائية، تشمل بنى تحتية ومساعدات، وليس فقط مطالبة المجتمع الدولي بالدعم المالي.

إيلاف من بيروت: يؤكد المعنيون أن سياسة الحكومة اللبنانيّة في ما خص التحضيرات اللبنانية الرسمية للمشاركة في مؤتمر بروكسل تعتمد على مقاربة جديدة لمعالجة تداعيات أزمة النزوح السوري، وهذه المقاربة لم تعد تقتصر على مطالبة المجتمع الدولي بتقديم الدعم المالي لتغطية تكاليف غذاء وإيواء اللاجئين السوريين، إنما هي ترصد حلولًا إنمائية للتخفيف من أعباء النزوح عن المجتمع اللبناني المضيف، وفي رأس أوليّة هذه الحلول تأتي مسألة المطالبة بمساعدة الدولة اللبنانيّة على تطوير بناها التحتية، بعدما باتت عاجزة عن استيعاب وخدمة اللبنانيين والسوريين اللاجئين، حيث إنّ ورقة لبنان تتضمن خططًا ومشاريع لتطوير البنى التحتية، سيتم عرضها على مؤتمر بروكسل، وتحتاج من الأسرة الدولية تقديم مساعدات وقروض ميسرة للبنان، حتى يتمكن من تمويلها وتنفيذها.

ويبدو أنّ سياسة الحكومة اللبنانية تجاه ملف النزوح ترتكز في بُعدها الآخر إلى مسؤولية المجتمع الدولي تجاه الدولة اللبنانيّة ووجوب مساعدتها على رفع أعباء النزوح وتداعياته البنيوية والاقتصادية والاجتماعية والأمنيّة عنها، باعتبار أنّ لبنان هو أحد أهم دول الاعتدال في المنطقة، وصموده واستقراره حاجة وطنية وإقليمية ودولية في إطار المعركة مع التطرّف و"الإرهاب"، لاسيّما أنّ نموذج الاعتدال اللبناني نجح حتى الآن في مواجهته مع التطرّف أمنيًا وسياسيًا وعلى الصعد الوطنية كافة، لكنّ استمرار نجاحه في هذه المواجهة أضحى مرهونًا بمدى الالتزام الدولي في مساندته ومساعدته على تحمّل الأعباء الملقاة على عاتقه نتيجة أزمة النزوح السوري.

نوعان
في هذا الصدد يقول الخبير الاقتصادي الدكتور إيلي يشوعي في حديثه لـ"إيلاف" إن هناك نوعين من النازحين السوريين إلى لبنان، النازح الذي يملك القدرة على استئجار المنازل والمقتدر، والنوع الآخر المعدم والفقير، ومع الأسف غالبية النازحين هي من الفئة الثانية، وبالتالي هذا يطرح مشكلة إنسانية واجتماعية واقتصادية على لبنان، والحكومة اللبنانيّة يجب أن توضع لها الحلول في مؤتمر بروكسل.

يضيف يشوعي: "أعتقد أن المسؤولية اليوم تشبه قضية الفلسطينيين، يجب ألا تكون مسؤولية دولة واحدة، بل من خلال تضامن عربي ودولي تجاه هذه القضية الإنسانيّة، ولبنان بسبب الطبقة السياسيّة التي حكمته غرق بالديون، من دون أي نتيجة.

عن الحديث عن أعداد للنازحين التي تفوق الإحصاءات الرسمية، يقول يشوعي: "يجب أن يكون هناك تضامن عربي ودولي ومساعدات مالية، ليس عبر الحكومة اللبنانية، بل من خلال السفارات، وأعتقد أن على الحكومة اللبنانيّة أن تطلب من الدول العربية الغنية، وكذلك من الأمم المتحدة ومن المجتمع الدولي من خلال سفاراتها في بيروت، أن تقوم هذه الأخيرة بتقديم كل أنواع المساعدات، حتى البيوت الجاهزة، والبنى التحتية، كي نستطيع إيواء كل اللاجئين، ويكون هناك نوع من الالتزام من المجتمع الدولي والبلدان العربية، بأن كل هؤلاء النازحين سيعودون يومًا إلى قراهم ومنازلهم في سوريا عندما تنتهي الأزمة هناك.

أما في حال لم تلتزم الدول العربية من خلال سفاراتها وكذلك المجتمع الدولي فمن أين سيأتي لبنان بالأموال اللازمة، وهو يرزح تحت حمل الدين الثقيل؟، يجيب يشوعي: "لبنان لا يستطيع ولا يقدر كخزينة مرهقة أتعبوها بالديون، من سياسات البنك المركزي إلى السياسات المالية، إلى سياسات الخدمة العامة، والإنفاق الاستثماري، والمحاصصة الخ، والنهب المنظَّم، أغرق الخزينة اللبنانية بالديون، ولم تعد لديها أية قدرة على مساعدة أي كان، حتى اللبنانيين، كيف بالأحرى غير اللبنانيين، واليوم يتكّل اللاجئون على أقاربهم في لبنان، لكن هذا لا يمكن أن يستمر، خصوصًا أن الوضع الاقتصادي في لبنان متراجع، وفرص العمل لهؤلاء من الصعب أن يجدوها".

يتابع يشوعي: "لا حل إلا بالمساعدات الخارجية عبر السفارات، لا من خلال هذه الحكومة، وإلا سيتعرّض الأمن الاجتماعي في لبنان لخطر أكيد".

رأي سياسي
النائب ناجي غاريّوس (تكتل التغيير والاصلاح) يؤكد في حديثه لـ"إيلاف" أن النازحين قد يكونون من جنسيات مختلفة، ومع وجود مشاكل في سوريا، فهذا يشكل خطرًا إضافيًا على لبنان، وعددهم، مع وجود تطمينات من الأمن العام، أكبر مما يُعلن.

يضيف: "ما قلناه في اليوم الأول لدخول السوريين إننا لا نقبل أي تدخل سوري في لبنان، ولذلك لوحقنا وأدخلنا السجون.

أما هل يشبه النزوح السوري اليوم نزوح الفلسطينيين في أربعينات القرن الماضي؟، فيجيب غاريوس : "مع التهجير الفلسطيني في 1948 قالوا إن الفلسطينيين سيأتون موقتًا، غير أن الدولة اللبنانية حينها وضعت الفلسطينيين حول المدن الكبيرة في لبنان، من طرابلس إلى بيروت وصيدا وصور والبقاع.

اليوم بعد مرور سنوات كثيرة لم تحل قضيتهم، وأثّرت القضية الفلسطينية في&لبنان، ونأمل من خلال مؤتمر بروكسل أن تحل قضية اللاجئين السوريين سريعًا في لبنان.