واشنطن: رحّبت روسيا بانتخاب دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة بكونه الزعيم القادر على المساعدة في ترميم العلاقة السيئة بين واشنطن وموسكو.

لكن ترامب ومن خلال الضربة المفاجئة في سوريا الجمعة ضد حليف الكرملين الرئيس بشار الأسد وجّه تحديا الى روسيا في هذا البلد حيث تتمتع بنفوذ كبير منذ العام 2015.

ومنذ بدء روسيا بحملة جوية لدعم قوات الأسد في نهاية سبتمبر 2015، تمكّن الرئيس فلاديمير بوتين من قلب المعادلة في الحرب المستمرة هناك منذ ست سنوات، وجعل موسكو اللاعب الرئيس في رسم مستقبل سوريا.

ومع تراجع واشنطن تحت ادارة الرئيس السابق باراك أوباما، تقدم بوتين ليملأ الفراغ ويؤكد على النفوذ الروسي في الشرق الأوسط.

والآن وجّه ترامب ضربة مباشرة بعد ايام من الغضب حول الهجوم الكيميائي في سوريا، متجاهلا ادعاءات موسكو بأن النظام لا يتحمل مسؤولية الهجوم.&

ويبدو ان قابلية الرئيس الأميركي الجديد للهجوم قد فاجأت الكرملين، وباتت تشكل تهديدا للتفوق المسلّم به لموسكو في سوريا.&

رد الفعل الفوري على الضربة كان ادانة قوية ل "اعتداء ضد دولة ذات سيادة"، في الوقت الذي كان المسؤولون يحاولون استيعاب الأنباء.

واتهم الكرملين ترامب بأنه نكث بتعهداته بالتركيز على محاربة الدولة الاسلامية، وأكد ان هذه الخطوة سوف "تسبب ضررا بالغا على العلاقات الأميركية الروسية التي كانت سابقا في حالة بائسة".

الدفاعات الروسية؟

وأثار تمكن الولايات المتحدة من توجيه ضربتها بدون ان يتم اعتراض الصواريخ اسئلة فورية حول القدرات الدفاعية لروسيا في سوريا.&

فقد شحنت روسيا منظومة أس-400 للدفاع الجوي الى قاعدة حميميم بعد ان أسقطت تركيا مقاتلة روسية في أكتوبر 2015.&

وقال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف إن الولايات المتحدة أبلغت موسكو بتنفيذ الضربة مسبقا، لكنه رفض الاجابة فيما اذا كان قد تم اجلاء جنود روس من القاعدة الجوية المستهدفة او ان كانت موسكو قد اتخذت قرارا عقلانيا بعدم محاولة اسقاط الصواريخ الأميركية.

وأكد الجيش الروسي ان دفاعاته الجوية قادرة على ان تحمي قواته المنتشرة في سوريا، وأشار الى انه سيتم اتخاذ "اجراءات" لدعم الأنظمة الدفاعية السورية.

لكن بعض الخبراء يعتبرون ان الضربة الأميركية أظهرت انه من المرجح ان موسكو غير راغبة وايضا غير قادرة على الوقوف بوجه تصميم واشنطن على شن هجوم.&

وقال المحلل العسكري الروسي المستقل بافل فيلغنهاور لفرانس برس "ساعدت روسيا السوريين على تطوير دفاعاتهم الجوية، لكن يبدو ان الاميركيين قادرون على تخطيها بسهولة".

وأضاف فيلغنهاور ان موسكو تأمل في أن تكون هذه الضربة الأميركية الوحيدة، دون ان تقوم برد يزيد من التصعيد، على امل أن تتمكن من إبقاء الأمور تحت السيطرة.

وتابع "بالطبع سيدينون بشدة المعتدي الأميركي وسيتذمرون، لكنهم لن يقوموا بأي فعل متطرف".

زيارة تيلرسون

وجاءت الضربة الأميركية في سوريا في وقت كانت فيه موسكو وواشنطن تستعدان لأسبوع أساسي في العلاقات بين البلدين.

ومن المقرر أن يقوم ريكس تيلرسون بأول زيارة له كوزير خارجية الى موسكو في الأسبوع المقبل.

وتراجعت آمال روسيا بتحسن سريع في العلاقات مع واشنطن في الوقت الذي باتت فيه العلاقات مع موسكو سامة بالنسبة الى ترامب، وذلك بعد الاتهامات بأن الكرملين قام بعمليات قرصنة للتأثير في الانتخابات ومساعدة ترامب على الفوز بالرئاسة.

وكان في نية موسكو استغلال هذه الزيارة لتعزيز دعواتها الى الولايات المتحدة من أجل توحيد القوى لمحاربة تنظيم الدولة الاسلامية.

الا انه يبدو ان هذه المحادثات سوف تهيمن عليها تداعيات الضربة الأميركية والانقسامات الحادة حول سوريا.

لكن المحلل أندريه باكليتسكي يعتبر ان عدم الغاء موسكو لزيارة تيلرسون يظهر ان الكرملين ما زال يأمل بتبديد هذه العاصفة ومواصلة ترميم العلاقات.

وقال باكليتسكي من مركز أبحاث "بي آي أر" في موسكو "هناك شعور بأن كل الاطراف يبدو انها تحاول تقييم ما حدث وما الذي يعنيه، لكن ليس بكون هذا بداية مواجهة كبرى".&

ومن الآن فصاعدا يبدو ان موسكو ستبدي الكثير من الحذر تجاه الولايات المتحدة حول سوريا بعد تهميش دور واشنطن هناك.&

وأضاف باكليتسكي ان "التورط الأميركي في الحرب في سوريا يلوح منذ أمد طويل مثل سيف ديموقليس المصلت". &

وأوضح "الآن بات واضحا ان الولايات المتحدة قادرة على استخدام القوة في المنطقة وهذا يعني انه يجب الاستماع أكثر الى رأي واشنطن".&