تعهدت روسيا بتعزيز الدفاعات السورية المضادة للطائرات بعد أن قصفت الولايات المتحدة بالصواريخ قاعدة الشعيرات قرب حمص ما أدى إلى تدميرها، بحسب تقارير.

وكانت الولايات المتحدة أعلنت أنها أطلقت صواريخ كروز على القاعدة الجوية السورية ردا على هجوم يُعتقد أنه كيمياوي استهدف بلدة خان شيخون في محافظة إدلب شمال غربي سوريا يوم الثلاثاء وأسفر عن مقتل عشرات المدنيين.

ونددت روسيا، التي تدعم حكومة الرئيس بشار الأسد، بالضربة الجوية الأمريكية.

وأعلنت موسكو تعليق اتفاق مع القوات الأمريكية يهدف إلى تلافي الحوادث الجوية في الأجواء السورية.

وهذا هوأول عمل عسكري أمريكي مباشر ضد الحكومة السورية وأسفر بحسب تقارير عن مقتل ستة أشخاص على الأقل.

ولقي نحو 80 مدنيا حتفهم بينهم العديد من الأطفال في الهجوم الذي وقع في بلدة خان شيخون بإدلب ويُعتقد بأنه نُفذ باستخدام غاز أعصاب. ونفت الحكومة السورية استخدام غاز الأعصاب.

غضب روسي إزاء الغارة الجوية الأمريكية على سوريا
BBC
ترامب: "الأسد قتل رجالا ونساء وأطفالا لا حول لهم ولا قوة"

تحليل من جوناثون ماركوس، مراسل الدفاع والشؤون الدبلوماسية في بي بي سي

-اعتادت سوريا أن تستخدم نظاما للدفاع الجوي فعالا للغاية يعتمد على رادارات وصواريخ من الحقبة السوفيتية السابقة، لكنه ضعف بشكل كبير في أعقاب الحرب الأهلية وخسارة الحكومة أراض لصالح المعارضة المسلحة.

ومثال على ذلك هو السهولة التي نفذت بها حكومة إسرائيل هجمات جوية ضد قوافل تحمل أسلحة تابعة لحزب الله ومخازن أسلحة في سوريا.

ويوجد لها روسيا بعض من أحدث الأنظمة الصاروخية أرض جو في قاعدتها في سوريا ورادارات ذات مدى هائل، ولكنها لأسباب غير معروفة فشلت أيضا في ردع الهجمات الإسرائيلية.

ووجود روسيا يحول دون تنفيذ هجمات جوية بطائرات أمريكية مأهولة، ولذا سيظل استخدام صواريخ توماهوك العابرة هو الخيار الأفضل لواشنطن.

وأكدت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون)، إطلاق 59 صاروخا من طراز توماهوك من سفينتين في البحر المتوسط في الساعة 4:40 بتوقيت سوريا (01:40 بتوقيت غرينتش).

وأكد الرئيس دونالد ترامب أنه أمر بشن هذه الضربة العسكرية على قاعدة الشعيرات التي انطلق منها الهجوم على بلدة خان شيخون والذي أسفر عن مقتل عشرات المدنيين.

واستهدفت الصواريخ طائرات وملاجئ طائرات ومناطق تخزين ومخابئ امدادات ذخائر وأنظمة دفاع جوي في القاعدة السورية، وفقا للبنتاغون.

وذكرت البنتاغون أن القاعدة استخدمت لتخزين أسلحة كيماوية، وإنه جرى اتخاذ "جميع الاحتياطات" لتفادي إيقاع ضحايا. وقالت إن الجيش الروسي أبلغ مسبقا بالضربة الجوية الأمريكية.

غضب روسي إزاء الغارة الجوية الأمريكية على سوريا
BBC
النائب بالبرلمان السوري عن حمص فراس الشهابي انتقد بشدة الهجوم الصاروخي الأمريكي على القاعدة السورية

وقال ترامب إن الرئيس السوري بشار الأسد استخدم غاز أعصاب لقتل كثير من الأشخاص.

وشدد ترامب في تصريح من مقر إقامته في منتجع "مارلاغو" في ولاية فلوريدا على أنه من مصلحة الأمن القومي الأمريكي منع انتشار الأسلحة الكيماوية واستخدامها، داعيا الدول المتحضرة إلى العمل على إنهاء نزيف الدماء في سوريا.

روايات شهود

وقال موظف سوري متقاعد يُدعى مطيع زيفا، وهو يعيش على بعد نحو 800 متر من القاعدة، إنه توجه برفقة أبناءه لمشاهدة القاعدة بعد الهجوم ووجد أنها "دُمرت بالكامل".

وقال لبي بي سي عبر الهاتف: "لقد شاهدنا الكثير من القنابل. كثير جدا منها. لقد كانت ليلة صعبة. لقد دُمر منزلي، وتقريبا جميع النوافذ تحطمت وتصدعت بعض الجدران."

وأضاف بأن بعض المنازل الموجودة بجانب القاعدة "دُمرت تماما" ايضا.

وقالت ممرضة في مستشفى الشعيرات وتُدعى عمار الخضر إنها استيقظت على أصوات "انفجارات ضخمة نحو الساعة 03:30 أو 03:45" بالتوقيت المحلي.

وأوضحت أن بعض الأطفال وأشخاصا آخرين أصيبوا جراء تطاير أجزاء من الزجاج المُحطم، لكن لم يقع ضحايا من المدنيين.

وأضافت بأن القتلى والأشخاص الذين أصيبوا بإصابات بالغة كانوا جميعا جنودا وجرى نقلهم إلى المستشفى التي تعمل بها.

وذكرت وسائل إعلام سورية رسمية أن تسعة أشخاص قد لقوا حتفهم في الضربة الجوية من بينهم أربعة أطفال.

ولم يتسن لبي بي سي التأكد من هذه المعلومات.

وقال الجيش السوري إن أضرارا كبيرة لحقت بالقاعدة جراء الهجوم.

غضب روسي إزاء الغارة الجوية الأمريكية على سوريا
BBC
موظفو الإغاثة يقولون إن العديد من الأطفال كانوا من بين الضحايا في الهجوم الذي وقع الثلاثاء الماضي في إدلب ويُعتقد أنه كيمياوي

تحول أمريكي

وقادت الولايات المتحدة تحالفا دوليا لشن هجمات جوية ضد الجماعات المسلحة في سوريا منذ عام 2014، لكن هذه هي المرة الأولى التي تستهدف فيها قوات الحكومة السورية.

ورفض الرئيس الأمريكي ترامب سابقا التدخل العسكري الأمريكي في سوريا، ودعا في المقابل إلى التركيز أكثر عى المصالح الداخلية لبلاده.

وأشار وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون إلى تحول مفاجئ في سياسة بلاده إزاء سوريا يوم الخميس، مؤكدا على أنه لا يجب أن يكون هناك دور للرئيس بشار الأسد في مستقبل سوريا.

رد روسيا

واعتبر دميتري بيسكوف المتحدث باسم الرئيس الروسي فلاديميبر بوتين الضربة الجوية الأمريكية "عدوانا على دولة ذات سيادة."

وقال الجيش الروسي إن العديد من الصواريخ العابرة ضلت أهدافها.

ولكن تحالف المعارضة السورية الرئيسي رحب بقصف القادة الجوية، وكذلك فعلت السعودية.

ودعت الخارجية المصرية كل من الولايات المتحدة وروسيا إلى "التحرك الفعال على أساس مقررات الشرعية الدولية... لاحتواء أوجه الصراع والتوصل إلى حل شامل ونهائي للأزمة السورية".

وأضافت الخارجية في بيان لها أنها تتابع تداعيات ما سمته "أزمة خان شيخون" التي راح ضحيتها أبرياء بتأثير غازات سامة، وما ترتب على ذلك من تطورات وصفها البيان بـ "الخطيرة".

ولم يصف البيان الموقف الرسمي المصري من تأييد أو رفض الضربات الصاروخية الأمريكية التي استهدفت قاعدة الشعيرات العسكرية السورية.

غضب روسي إزاء الغارة الجوية الأمريكية على سوريا
AFP
بعض سكان خان شيخون شوهدوا وهم يغادرون البلدة، بحسب وكالة فرانس برس

وقال رئيس الحكومة الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إن الرئيس ترامب وجه رسالة قوية، وتمنى أن يكون لها صدى في طهران.

ووصف الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان الضربة الأمريكية على قاعدة الشعيرات بأنها رد إيجابي على "جريمة حرب"، وأنها "خطوة مهمة لضمان حماية المدنيين من الهجمات بالأسلحة الكيمياوية والأسلحة التقليدية، ومعاقبة الضالعين فيها".

أما وزير الدفاع البريطاني، مايكل فالون، فقال إن بلاده أخطرت بالضربة الجوية الأمريكية في سوريا، وإنه "يدعم ما قامت به الولايات المتحدة".

وعبر رئيس الوزراء الياباني، شينزو آبي، عن دعمه للضربة العسكرية الأمريكية في سوريا، ولحرص "الولايات المتحدة على منع انتشار الأسلحة الكيمياوية واستعمالها".

أما الصين فدعت "جميع الأطراف إلى الحيلولة دون تفاقم الاوضاع في سوريا" بعد الغارة الجوية الأمريكية.

وقالت المستشارة الألمانية، أنغيلا ميركل، والرئيس الفرنسي، فرانسوا هولاند، في بيان مشترك إن الرئيس السوري يتحمل وحده مسؤولية الضربة الأمريكية على قاعدة الشعيرات الجوية، بعد مجرزة الأسلحة الكيمياوية في خان شيخون.

وقال وزير الخارجية الألماني، سيغمار غابريال، إنه "يتفهم" الغارة الأمريكية على مواقع عسكرية لنظام الرئيس، بشار الأسد، لأنها رد على "جريمة حرب بشعة".