الرباط: في مبادرة جديدة لرأب الصدع بين الأطراف المتصارعة حول قياد حزب الاستقلال المغربي في المرحلة المقبلة، أطلق عبد الواحد الفاسي، زعيم تيار "بلا هوادة" في الحزب، نداء من أجل "الوحدة و رص صفوف الأسرة الاستقلالية، وتجاوز حالة الانقسام التي لا مبرر لها منطقيا"، وذلك في صرخة من ابن مؤسس الحزب الراحل علال الفاسي. 

وأكد الفاسي، في النداء الذي تلقت "إيلاف المغرب" نسخة منه، أن نداءه يمثل دعوة لمواجهة ومقاومة "الأساليب الشعبوية المرفوضة، نداء من أجل الإيمان القوي بحزب الاستقلال أكثر قوة ومتانة، وأكثر وحدة وصلابة"، معتبرا أن حزب الاستقلال "لا يمكن أن يظل جامدا، لأن دوره الأساسي هو إعادة الثقة للمواطنين، وإعادة الثقة والحماس لشباب هذه الأمة العظيمة في تاريخها، وحاضرها، ومستقبلها".

ودعا القيادي في "الاستقلال" لبناء "رؤية جديدة مشتركة لمستقبل أفضل لحزبنا ووطننا"، مشددا على حاجة الحزب ل"عمل ميداني متواصل عوض الكلمات الرنانة، أو الدنيئة، التي تتسبب في أعمال مطبوعة بالعدوانية والطيش، مما يسبب في مضاعفات خطيرة علينا جميعا، وتشويه سمعة وصورة إرث تاريخي اسمه حزب الاستقلال"، وذلك في إشارة منه إلى أحداث العنف التي شهدها مقر حزب الاستقلال من طرف عناصر محسوبة على القيادي خليهن ولد الرشيد.

عبد الواحد الفاسي رفقة حميد شباط وعباس الفاسي

واعتبر الفاسي، الذي انهزم في سباق الوصول للأمانة لحزب الاستقلال في المؤتمر السابق ضد حميد شباط، أن المرحلة التي يعيشها الحزب "دقيقة جدا، ومن مسؤولياتنا جميعا"، كما طالب الاستقلاليين "بقراءة التحديات التي تواجهنا بمنطق العقل، وليس بمنطق الانتقام، لبناء إستراتيجية عمل واقعية لإصلاح مؤسساتنا وتنظيماتنا، وفق خارطة طريق واضحة تلزمنا جميعا، ونتعهد باحترامها والعمل على تنزيل أهدافها".

وزاد الفاسي في ندائه قائلا: "إن هذه المعطيات المقترحة، تفرض فينا حسن اختيار مجموع الفريق القيادي المؤتمن على قيم ومبادئ حزبنا، من خلال فتح الباب لجميع الطموحات وفق ضوابط ومعايير معقولة ومنطقية تحصينا لحزبنا من جهة، ومن جهة أخرى لتمكين مناضلات ومناضلينا من حرية الاختيار، ووضع الثقة فيمن يستحقها بدون ضغوطات من أي جهة كانت"، وأضاف مستشهدا بقول الزعيم علال الفاسي في بيت شعري: 

إنــا ســــــــــــــواء لـــــيـــــس فـــــينـــــــــا واحــــــــــــــد ** إلا و يـــجـــــــــدر أن يـكــــــــــــــون من الأول.

واسترسل موضحا في النداء ذاته "يلزمنا أخلاقيا بألا نجعل من التدافع لإبراز طموحات الترشيح أداة التفرقة التي يكون فيها الخاسر الأكبر هو حزب الاستقلال، كما يجعلنا ندعو إلى تجاوز منطق الصراع من أجل أشخاص، واعتماد منطق التنافس في إطار حوار الأفكار بأسلوب الإقناع، حتى نتمكن جميعا من تحقيق فكر جماعي إيجابي، يؤسس لخيارات مستقبلية أفضل"، كما دعا الحزب للاستفادة من التجارب الحزبية، حيث قال "عشنا تجارب لأحزاب مغربية تفجرت فيها صراعات مدوية حولتها لمجرد قشور متناثرة بقدرة قادر، و بمساهمات واضحة من داخلها"، وذلك في إشارة منه إلى وضع حزب الاتحاد الإشتراكي في السنوات الأخيرة، من دون أن يسميه.
وفي رسالة مشفرة من زعيم تيار بلا هوادة لقيادة حزب الاستقلال في المرحلتين الأخيرتين، قال الفاسي "إن حزبنا الذي عرفناه، وعرفه الشعب المغربي على امتداد أكثر من 80 سنة ليس هو نفسه اليوم، لأننا قبلنا بتقديم تنازلات منذ سنوات أضرت بنا جميعا، ونتحمل مسؤوليتها جميعا وبكل وضوح"، مؤكدا أن ما يحتاجه حزب الاستقلال اليوم هو "وقفة حقيقية مع الذات، لممارسة نقد ذاتي مسؤول وحقيقي، بنكران للذات لنستطيع تحقيق نتيجة إيجابية نتوافق حولها جميعا، لأن الخلاف الذي يبدو حادا ليس جوهريا و لا عميقا، لأنه لا ينبني على توجهات فكرية أو مبدئية".

واستشهد الفاسي في ندائه بجزء من كلام الراحل محمد بوستة، الموجه للشباب الاستقلالي، حيث قال " ان المستقبل مستقبلكم فاعملوا على صيانته من الآن، بالإصغاء إلى الجماهير"، وأضاف مشددا "علينا أن نكون في مستوى دقة المرحلة، مستحضرين الأمانة التي تطوقنا، مستحضرين أجيالا من المناضلات والمناضلين، وزعماء وقادة الحزب الذين قادوا معارك من أجل الحرية والاستقلال".