كراكاس: إندلعت اشتباكات مع قوات الأمن السبت في كراكاس مجدّداً خلال تظاهرة شارك فيها الآلاف من معارضي الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو هي الرابعة في غضون أسبوع في بلد يشهد أزمة سياسية واقتصادية.

ففي منطقة لا كامبينيا، منع عناصر الشرطة والحرس الوطني نحو أربعة آلاف متظاهر من التقدّم، واستخدموا الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه والرصاص المطاطي لاحتوائهم، حسبما أفاد مراسلو وكالة فرانس برس.

وأقدم بعض المتظاهرين على الرد مطلقين حجارة، وكانت وجوههم مغطاة. ولم ترد معلومات رسمية عن وقوع إصابات، لكنّ مراسلي فرانس برس شاهدوا اثنين من رجال الشرطة وقد طاولتهما قنابل مولوتوف. واندلعت الاشتباكات عندما حاول المتظاهرون التوجه إلى وسط العاصمة، حيث مقرّ مؤسسات يسيطر عليها التيار التشافي (تيمنا باسم الرئيس السابق هوغو تشافيز).

استمرت الاشتباكات ساعتين تقريبًا قبل أن يتوجه المعارضون إلى أجزاء أخرى من المدينة. كذلك اندلعت احتجاجات في مدن أخرى عدة، بما فيها سان كريستوبال (غرب) حيث أشارت تقارير إلى أن مسلحين ملثمين أطلقوا متفجرات متسببين بفرار المتظاهرين. 

وفي وسط العاصمة، خرج أنصار مادورو أيضًا بمسيرة في إطار حدث تحت مسمى "الحفل الثقافي والرياضي والترفيهي الكبير". 
من جانب المعارضة، كان الغضب مسيطرًا غداة قيام السلطات الجمعة بمنع أحد القادة المعارضين، أنريكي كابريليس، المرشح السابق للانتخابات الرئاسية في العام 2013، من تولّي أي منصب حكومي لمدة 15 عامًا، ما سيمنعه من الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة في 2018.

وأعلنت الهيئة العامة المسؤولة عن التدقيق في عمل الموظفين، انها فرضت على كابريليس "عقوبة تمنعه من الترشح لمناصب عامة لمدة 15 عاما". وأوضحت انها فرضت هذه العقوبة بسبب "مخالفات إدارية" خلال إدارة كابريليس بصفته حاكم ولاية ميراندا الشمالية وهو المنصب الذي يشغله حاليا.

ورد كابريليس (44 عامًا) الذي حل بعد مادورو بفارق ضئيل في الانتخابات الرئاسية في 2013، على القرار في مؤتمر صحافي الجمعة. وقال "هذه ليست معركتي وحدي، إنها معركة جميع الفنزويليين (...) سندافع عن دستورنا وبلدنا (...) الشخص الوحيد غير القادر حاليًا على إتمام ولايته في هذا البلد هو نيكولاس مادورو". واضاف كابريليس "اذا كانت الديكتاتورية تئن، فربما لان دورنا بات قريبا واننا نتقدم".

النضال يبدأ الآن
اتُخذ هذا الإجراء في أجواء من التوتر الشديد في فنزويلا. وقالت المتظاهرة فانيسا غارسيا الطالبة البالغة 37 عاما لفرانس برس "الناس ضاقوا ذرعا من هذا الكمّ من الفساد والجوع والبؤس". وقالت إيكسا هيرنانديز العاملة في مجال العقارات (55 عاما) لفرانس برس "يظنون أنهم سيُسكتون كابريليس من خلال اعتباره غير مؤهل (لتولي مناصب عامة). النضال يبدأ الآن".

وكتب كابريليس على تويتر "سنرى من سيضحك في النهاية! سنتواجه في شوارع فنزويلا نيكولاس مادورو. لن تكون هناك فترة استراحة"، مشيرًا الى انه سيطعن بالعقوبة المتخذة بحقه.

وانتقد الرئيس مادورو الخميس كابريليس بشدة. وقال إنه "اصبح جزءا من تاريخ السياسة الفنزويلية وانتهى سياسيا"، لكنه لم يشر الى عقوبات محتملة ضده.

ويرفض مادورو البالغ الرابعة والخمسين من عمره، والذي تراجعت شعبيته الى حد كبير ويتعرض لضغوط دولية كبيرة، اجراء انتخابات مبكرة تلبية لمطلب المعارضة، وينوي البقاء في الحكم حتى الانتخابات المقبلة، المقررة في ديسمبر 2018.

وقالت احدى المتظاهرات اديل رينكونز (61 عاما) لفرانس برس "ما قاموا به بحق كابريليس هو فعل نظام طاغية. إنهم يفعلون ما يريدون. ان كابريليس يخيفهم". والخميس، تظاهر نحو عشرة آلاف شخص ضد السلطات في كراكاس ومحيطها، وشهدت التظاهرة مواجهات عنيفة بين الشرطة ومحتجين.

وقتل شاب في التاسعة عشرة من عمره وجرح 19 شخصا آخرين واعتقل ثلاثون. وتشهد فنزويلا التي انهارت اقتصاديا مع انخفاض اسعار النفط الذي يعد المصدر الرئيس لمواردها، انقساما ناجما من أزمة سياسية عميقة منذ فوز يمين الوسط المعارض في الانتخابات التشريعية في اواخر 2015.

تفاقمت الازمة في الايام الاخيرة عندما قررت المحكمة العليا المعروفة بتأييدها للرئيس مادورو، تولي سلطات البرلمان لفترة قصيرة ما اثار استياء دوليا دفعها الى التراجع بعد 48 ساعة من اصدارها القرار. ونددت المعارضة المنضوية في إطار "طاولة الوحدة الديموقراطية" بقرار المحكمة، معتبرة انه محاولة انقلاب وتريد ممارسة الضغوط من خلال تعبئة الناس الذين تخنقهم الازمة الاقتصادية.

باستثناء البرلمان، يسيطر تيار تشافيز على كل مؤسسات الدولة في فنزويلا بينما نجحت المحكمة العليا منذ يناير 2016 في الغاء كل قرارات السلطة التنفيذية. ويستطيع كابريليس أن يقدم في غضون 15 يوماً، طعنا أمام الهيئة التي اتخذت العقوبة بحقه أو في غضون ستة أشهر أمام المحكمة العليا. وتتهم المعارضة هاتين الهيئتين بأنهما في خدمة السلطة.

وفي حال أخفق طلبا الطعن، يتوجب على كابريليس ترك منصبه كحاكم لولاية ميراندا. وفي فنزويلا التي تشهد تظاهرات ضخمة أسفرت في 2014 عن 43 قتيلا وفق الاحصاءات الرسمية، يحمل المأزق السياسي على التخوف من أي تأزم للوضع في الشارع. وقد شهدت فنزويلا ثلاث محاولات انقلاب منذ 1992.

وسيجتمع وزراء خارجية بلدان ألبا (التحالف البوليفاري لشعوب اميركا) الذي اسسه هوغو تشافيز وفيدل كاسترو في 2005، الاثنين في هافانا، من أجل دعم مادورو، كما اعلنت وزارة الخارجية الكوبية مساء الخميس.