الرباط: علمت "إيلاف المغرب" ان اللقاء الذي جمع وزير الداخلية المغربي عبد الوافي لفتيت، اليوم الاثنين بمدينة الحسيمة، مع أعضاء الهيئات المنتخبة وممثلي المصالح الخارجية والمجتمع المدني بالإقليم، شهد نقاشا صريحا بين الفعاليات الحاضرة والمسؤول الحكومي حول الاحتقان الذي تعيشه المنطقة منذ وفاة بائع السمك محسن فكري، في أكتوبر الماضي. 

وأكد لفتيت ، الذي تعد زيارته للمدينة المهمة الرسمية الأولى منذ تعيينه وزيرا للداخلية في حكومة سعد الدين العثماني، أن اللقاء يأتي تنفيذا للتعليمات "الملكية الصارمة من أجل تنفيذ أمثل للمشاريع المدرجة ضمن هذا المخطط الذي يرتبط بالعديد من القطاعات الحيوية وفق رؤية شمولية متعددة الأبعاد"، مضيفا ان مختلف المتدخلين يقومون بمجهودات كبيرة من أجل الالتزام بالآجال المحددة للإنجاز.

وسجل الفتيت أنه جرى "إعطاء انطلاقة الأشغال في عدد من المشاريع المهمة، في حين سيتم الشروع في باقي المشاريع منتصف هذه السنة أو نهايتها على أبعد تقدير فور الانتهاء من بعض التدابير الأولية المرتبطة بكل مشروع على حدة".

وشدد لفتيت، في بيان لوزارته بخصوص الموضوع، على القول إن الدولة "عازمة كل العزم على مواصلة مقاربتها التنموية بتسخير كل إمكانياتها المادية واللوجستيكية والبشرية لتنفيذ جميع تلك المشاريع في الآجال المعلن عنها وتدارك التأخير المسجل في بعض المشاريع لسبب أو لآخر". 

وأشار وزير الداخلية الى أن الهدف من المشاريع المبرمجة هو "التجاوب مع نبض السكان ومطالبهم ذات الطابع الاجتماعي المحض، لاسيما وأن أغلبها يرتبط بالحياة اليومية للمواطنات والمواطنين، سواء بالمجال الحضري أو القروي"، كما نبه لفتيت، إلى أن بعض العناصر والجهات تعمل على "استغلال مختلف التحركات الاحتجاجية التي شهدتها المنطقة لخلق حالة من الاحتقان الاجتماعي والسياسي"، وأضاف أن هذه "الأهداف المشبوهة لم يتم الاكتفاء بالتخطيط لها على مستوى الميدان، بل يتم التأطير لها سياسيا عبر الترويج لعدد من الشعارات السياسية المتطرفة ولخطاب الكراهية ضد المؤسسات، في مسعى خائب لكسب سند شعبي مفقود، أمام ساكنة مفعمة بالوطنية، مافتئت تعبر عن تشبثها بأهداب العرش العلوي المجيد على مر تاريخ الدولة المغربية"، وذلك في إشارة منه إلى بعض المتعصبين للنزعة القبيلة الذين رفعوا أعلام ما يسمى "جمهورية الريف".

ودعا وزير الداخلية إلى ضرورة "تظافر جهود جميع الفاعلين المحليين، وعلى رأسهم ممثلي المصالح الخارجية للقطاعات الحكومية الذين يبقى من واجبهم حسن الإنصات وقضاء حاجيات المواطنين والرفع من جودة الخدمات العمومية، بتنسيق مع عامل الإقليم"، كما حمل لفتيت المسؤولية أيضا ل"الأحزاب السياسية الممثلة بالإقليم التي يخول لها دستور المملكة مهمة تأطير المواطنات والمواطنين وتعزيز انخراطهم في الحياة الوطنية، وإعداد أطر كفؤة تتولى المسؤوليات الانتخابية".

ودعا الفتيت المنتخبين إلى "الاضطلاع بدورهم كاملا، باعتبارهم الأكثر قربا من الساكنة"، وذلك في محاولة منه لتحميل الأحزاب السياسية والمنتخبين مسؤولية الاحتقان الذي يعيشه الإقليم. 

ولم يفوت وزير الداخلية المغربي فرصة حضور جمعيات المجتمع المدني للقاء، حيث دعاها لممارسة دورها في تأطير المطالب الاجتماعية لساكنة المنطقة "انطلاقا مما يخوله لها القانون من صلاحيات مهمة، والحفاظ في نفس الوقت على المكتسبات التي تم تحقيقها على جميع المستويات السياسية الاجتماعية والاقتصادية، وعدم ترك المجال مفتوحا للعناصر المشبوهة الساعية للمس سلبا بهذه المكتسبات".

وفي أشبه ما يكون برد من نبيل الأندلسي، النائب البرلماني عن حزب العدالة والتنمية، على وزير الداخلية، أكدت مصادر "إيلاف المغرب" التي حضرت الاجتماع، أن الأندلسي، شدد في كلمة بالمناسبة على أن الاحتقان الاجتماعي الذي تعيش على إيقاعه المنطقة "ليس وليد استشهاد محسن فكري"، معتبرا أن الحادث كان "النقطة التي أفاضت الكأس". 

وأكد الأندلسي، حسب ذات المصادر، أن "الفساد الإداري يمثل أحد الأسباب الرئيسية التي أشعلت الاحتجاجات"، بالإضافة إلى "واقع البطالة التي يعيشها الإقليم"، موضحا أن العاملين في قطاع الصيد يعانون ، وأن القطاع بالمدينة أصبح "مشلولا".

وفي رسالة مباشرة من برلمانيي حزب العدالة والتنمية لوزير الداخلية الجديد، المعروف بعلاقته غير الودية مع حزبه، سجل الأندلسي أن "وزارة الداخلية ساهمت في الاحتقان الذي تعيشه المنطقة من خلال مساندتها ودعمها لحزب الأصالة والمعاصرة الذي يهيمن على مختلف الجماعات ( البلديات) بالإقليم من دون امتداد شعبي"، حيث أفادت المصادر ذاتها أن الفتيت لم يرد على الأندلسي بخصوص الاتهامات التي وجهها لوزارته، كما أن مصادر الصحيفة، سجلت مغادرة إلياس العماري، أمين عام حزب الأصالة والمعاصرة ورئيس جهة طنجة- تطوان- الحسيمة، قاعة الاجتماع بعد سماعه كلام الأندلسي.

وسجلت مداخلات الحاضرين من ممثلي الفعاليات المدنية، أن تأثير الأزمة الاقتصادية في أوروبا على ساكنة المنطقة كان واضحاً، بعدما تراجعت تحويلات المهاجرين من أبناء المنطقة لعائلاتهم وذويهم، كما طالب النشطاء بمعالجة "الاعتقالات العشوائية في المنطقة ، وتسريح باقي المعتقلين الذين يقدر عددهم ب10 أشخاص"، حيث سجلت الفعاليات المدنية ، في اللقاء ذاته، أن أحد المعتقلين الذين ما زالوا رهن الاعتقال ،من ذوي الاحتياجات الخاصة، ويعاني إعاقة ذهنية، معتبرين أن هذه الحالة تكشف "عشوائية الاعتقالات التي جرت بالإقليم".

من جهته، كشف إلياس العماري، رئيس جهة طنجة- تطوان -الحسيمة، أن مصالح الجهة "تعمل على دارسة إنشاء طريق يربط بين الحسيمة وتطوان"، مذكرا بأهم "البرامج والمشاريع التنموية التي ستعرفها المنطقة"، ونوه العماري، في مداخلة وصفتها مصادر "إيلاف المغرب" بالمقتضبة، بتفاعل وزير الداخلية وتوضيحه لمسألة العسكرة التي طالب برفعها نشطاء الريف، مؤكدا أهمية أن يعرف السكان بأن الريف لم يعد معسكرا.

يشار إلى أن مدينة الحسيمة وعدد من المدن المجاورة لها بالريف (شمال المغرب)ما زالت تعيش على إيقاع احتجاجات شعبية متواصلة منذ وفاة بائع السمك محسن فكري، الذي قضى طحنا داخل شاحنة لجمع الأزبال في أكتوبر الماضي، ولم تنجح اللقاءات التواصلية والاجراءات التي اتخذتها السلطات طيلة هذه الفترة بالمنطقة في ثني السكان على الاحتجاجات، حيث كانت مسيرة "الأكفان" الحاشدة التي نظمت بالحسيمة الأحد، آخر تظاهرة من الفعاليات المطالبة برفع "التهميش" الذي يقول أبناء المنطقة إنه يطالهم.