تشكل حمامات الكبريت القريبة من مدينة الموصل، التي تشهد حربًا،&منتجعًا للجنود الذين يقاتلون "الجهاديين"، إضافة إلى مدنيين فارّين، بعدما كان يرتادها عناصر تنظيم داعش.&

إيلاف - متابعة: يشتهر هذا المكان بمياه معدنية مرتفعة الحرارة تخرج من ينابيع تحت الأرض. يقول سعد محمد جابر (32 عامًا): من وحدة مدفعية تابعة للشرطة الاتحادية "نقاتل على خط المواجهة ونأتي إلى هنا لقضاء إجازة".

استراحة محارب
أضاف الشاب بينما كان يتجول بجواربه البيضاء المبللة واضعًا قبعة الشرطة: "نأتي إلى هنا للراحة. نأخذ حمامًا قبل العودة إلى المعركة". ويقع حمام العليل على بعد نصف ساعة جنوب خطوط المواجهة مع "الجهاديين" في غرب الموصل.

وتشن القوات العراقية عملية بدعم التحالف الدولي لاستعادة السيطرة على غرب الموصل، آخر أبرز معاقل "الجهاديين" وثاني أكبر مدن البلاد. وتمكنت القوات الأمنية خلال المرحلة الأولى من عملية استعادة الموصل، التي بدأت منذ حوالى ستة أشهر من السيطرة على الجانب الشرقي من المدينة.

ويعرف حمام العليل، بالنسبة إلى العراقيين، للعلاج من الأمراض الجلدية. ورغم الأضرار التي لحقت بالمكان، إلا أنه ما زال موقعًا للترفيه. ويجلس الجنود واحدًا خلف الآخر، حول حوض مستدير من مياه الكبريت الدافئة، لتنظيف ظهورهم بالصابون.

محطة للنازحين
في الوقت نفسه، أصبح المكان منتجعًا لآلاف المدنيين الذين يواصلون الفرار من مدينة الموصل مع تقدم القوات الأمنية في الجانب الغربي منها. ويسكن بعض هؤلاء في خيم مكتظة وسط مخيم للنازحين على بعد دقائق قليلة جنوب حمام العليل، ليس فيه ما يكفي من مياه الشرب والطعام.

وفرّ أكثر من 200 ألف شخص من الجانب الغربي للموصل منذ انطلاق العملية في منتصف فبراير. وقال محمد عزيز الذي وصل إلى الحمامات سيرًا مع ابنه وأخيه وابن عمه: "هربت من حي اليرموك، لكن داعش اعتقلني".

أضاف عزيز بعد خروجه من الحمام: "أخذوا بطاقة هويتي، ضربوني على رأسي، وفتشوني، ثم قتلوا آخرين هربوا أمامي". تابع وهو يحتضن ابنه في الخامسة من العمر: "كانوا ضمن عائلات مجموعهم 19 شخصًا (...) قتلوا أطفالًا بعمر ابني".

وأوضح بينما تتساقط قطرات الماء من رأسه: "قلت لهم لديّ كفيل، وهذا ما أنقذ حياتي"، في إشارة إلى شخص يكفل عودة من يغادر المدينة. وأكد عزيز، الذي أمضى قرابة ثلاث سنوات من عمره محاصرًا داخل ما يسمى "الخلافة" إن الجهاديين "زنادقة يستحقون الموت".

تابع مبتسمًا: "هناك أشخاص من البصرة والديوانية وكربلاء وبغداد (...) إخوتي من أهل الجنوب " في إشارة إلى رفض التمييز بين السنة أهل الموصل وأهالي محافظات شيعية في وسط وجنوب البلاد. ورغم عدم وجود تمييز طائفي لقبول متطوعين في قوى الأمن، إلا أن غالبية العناصر الأمنية المشاركين في عملية الموصل هي من محافظات ذات غالبية شيعية.

عودة الروح
من جانبهم، يشعر العاملون في منتجع حمام العليل بسرور نظرًا إلى تزاحم الوافدين إلى المكان مجددًا. يقول حسين عبد الله، أحد العاملين في المنتجع، إن "الأموال كانت قليلة في ظل داعش (...) عدد قليل جدًا من الناس كانوا يقصدون&المكان". تابع "أما الآن، فإن الرواتب تدفع مرة أخرى، وقوات الأمن تأتي إلى هنا". &

وأشار إلى "زوار كانوا يترددون بانتظام أثناء حكم +الخلافة+". وأوضح أن "مقاتلي داعش كانوا يأتون دائمًا إلى هنا، يذهبون للقتال، ومن ثم يعودون". وقال عبد الله كانوا من "العراق وأوروبا والشيشان والصين".

وبادر ليث علي فرحان أحد عناصر الأمن قائلًا: "عندما استعدنا السيطرة على المنطقة، قمنا بتبديل المياه، لأنه كما تعرف، كان هؤلاء في غاية القذارة".