القاهرة: في خضم أجواء الحداد والحزن التي يعيشها المسيحيون في مصر على خلفية التفجيرين الإرهابيين اللذين تم شنهما يوم الأحد الماضي على كنيستي طنطا والإسكندرية، ما أسفر عن مقتل وإصابة العشرات، شهدت النوبة في جنوب مصر أجواء احتفالية ذات طبيعة خاصة بعد إتمام شاب مسلم زواجه من حبيبته المسيحية الديانة.

ونقلت بي بي سي عن العريس المسلم ويدعى أكرم قوله " كان يحاول الجميع إقناعي بضرورة الزواج من فتاة تتبع ديانتي الإسلامية، لكن ذلك الأمر كان مستحيلا بالنسبة لي، فلم يكن بوسعي الابتعاد عن الفتاة التي أحببتها رغم اعتناقها المسيحية".

ثم نوهت البي بي سي لما تتسم به مثل هذه الزيجات من طبيعة خاصة، موضحة أن العريس بادر بإشهار زيجته في المسجد، بينما ظلت زوجته، سالي، تقرأ صلواتها في المنزل.

وعاود أكرم ليقول " نحن أول ناس نتزوج من فتيات لا يعتنقن الإسلام هنا. وهذا أمر صعب للغاية، خصوصا بالنسبة لأبي وأمي. وبعد سبع سنوات من محاولات إبعادنا عن بعضنا البعض، لكننا كنا نتمكن من ترتيب بعض المقابلات القصيرة. وقد اتفقنا على إتمام الزيجة ليلا لكي لا نشعر أيّا من العائلتين بأي مشاعر خزي أو خجل".

وبالنسبة لزوجين نوبيين مثل سالي وأكرم، فإن زواج مسلم من مسيحية ليس حراما شرعا، لكنه يظل من المحظورات من الناحية الاجتماعية، ما جعلهما يقرران الاحتفال بالزيجة نهاراً، كلا على حدة، لحين قدوم الليل ليحتفلا به معا بعيدا عن أعين الناس.

ويتذكر أكرم تفاصيل بداية تعرفه إلى سالي، بقوله " تقابلنا أول مرة قبل 7 أعوام في أسوان، وحينها بدأت تنجذب لي بسبب النكات التي أقولها، ومن ثم بدأت أشعر أنا الآخر بانجذاب إليها وكنت أتوق دوما لرؤيتها. صحيح أن المسألة لم تكن سهلة، لكننا أتممنا الزواج في الأخير، وقد وجهت الدعوة بنفسي لبعض الأقارب والجيران".

ولم تغفل بي بي سي الإشارة إلى أن زيجة مثل هذه تعتبر مغامرة محفوفة بالمخاطر في أماكن أخرى في مصر، خاصة مع تزايد عدد الهجمات التي تستهدف المسيحيين في كافة أنحاء البلاد منذ ثورة يناير عام 2011، فالإحصاءات تشير إلى وقوع 54 حادث اعتداء ضد الأقليات الدينية في مصر خلال العام الماضي بمفرده.

وأضاف أكرم " المسيحية موجودة هنا منذ أكثر من 800 عام. ومسألة الزواج من فتاة غير مسلمة لا تشكل لي جلبة كبرى، وأنا من ناحيتي أتطلع لأن يغير الناس أفكارهم وأن يتقبلوا بعضهم البعض، فبمقدورنا كمسلمين ومسيحيين أن نعيش في سلام".

ولفتت سالي من جانبها إلى أن اتمام زيجتها من أكرم لم يتحقق إلا بعد سنوات طويلة من المحادثات الهادئة معه ومناقشات أكثر حدة مع أفراد أسرتها، وأضافت " أحببت أكرم لكني كنت أتصور أنه لن يُسمَح لنا بالزواج، فوالدي ظل متشبثاً بموقفه الرافض لفترة طويلة، لكنه وافق بعد مباركة وموافقة الإمام والقس على الزيجة".

وبعد نقلها أجواء الاحتفالات البسيطة بتلك الزيجة، نقلت بي بي سي في الأخير عن سالي قولها " نعم أنا مستعدة الآن لتكوين أسرة. وأنا أريد إنجاب كثير من الأطفال. وأتمنى الآن أن يتقبل الجميع زواجنا كي تصبح الأوضاع أكثر سهولة بالنسبة لنا".

 

أعدت «إيلاف» المادة نقلا عن «بي بي سي»، المادة الأصل منشورة على الرابط التالي

http://www.bbc.com/news/magazine-39509224