يتخوف العديد من المحللين والدبلوماسيين من أن يؤدي فوز مرشح المحافظين إبراهيم رئيسي بالانتخابات الرئاسية الإيرانية خلال الشهر المقبل إلى إضعاف سياسة الانفتاح التي أنجزها الرئيس الحالي حسن روحاني.

إيلاف - متابعة: يبدو أن رئيسي بات في أفضل موقع لتمثيل معسكر المحافظين في وجه الرئيس المعتدل روحاني، الذي يسعى إلى الفوز بولاية ثانية. ولم تصدر حتى الآن مواقف واضحة للمرشح رئيسي من السياسة الخارجية، مكتفيًا بتعليقات عامة غير دقيقة.

ضربة للغرب
وقال الجمعة في أول تعليق له على مسائل دولية إنه يؤيد "التواصل مع كل الدول (...) شرط وجود احترام متبادل"، ما عدا مع إسرائيل التي لا تعترف إيران بوجودها.

ويعتبر بعض المحللين أن رئيسي مقرب جدًا من المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي، وهذا يعني أن سياسته سيطغى عليها الارتياب إزاء الغرب. إلا أنه من غير المتوقع أن يعيد النظر في الاتفاق النووي التاريخي مع القوى الكبرى، الذي وقع عام 2015، بمباركة من خامنئي.

وقال المحلل الإيراني في مجموعة الأزمات الدولية علي فائز عن رئيسي: "ليست لديه خبرة في السياسة الخارجية، لذلك من المتوقع خلال الفترة الأولى على الأقل أن يواصل سياسة دعم الاتفاق النووي، ولوم الولايات المتحدة على أي خلل في تنفيذه".

محافظ طامح جدًا
ينتمي رئيسي بشكل كامل إلى المعسكر المحافظ في إيران، وهو عمل كمدّع عام لسنوات طويلة في عدد من مناطق البلاد، ويعمل اليوم مدّعيًا في الأمور المتعلقة بمخالفات يرتكبها رجال الدين.

ومن غير المرجّح أن يعمد إلى تليين القيود الاجتماعية أو أن يطلق سراح الشخصيات التي عارضت إعادة انتخاب الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد عام 2009، والذين لا يزالون قيد الإقامة الجبرية منذ نحو ست سنوات، ويصفهم المحافظون بأنهم "زعماء الفتنة".

وقال رئيسي في تصريح له يعود إلى العام 2014: "على الذين يتعاطفون مع زعماء الفتنة أن يفهموا أن الأمة الإيرانية العظيمة لن تصفح أبدًا عمّا قاموا به". ما يؤكد قربه من المرشد الأعلى أن الأخير عيّنه عام 2016 سادن العتبة الرضوية المقدسة، وهي مؤسسة مقرها في مشهد، حيث يوجد ضريح الإمام الرضا ثامن الأئمة المعصومين. ويزور ضريح الإمام الرضا سنويًا نحو عشرين مليون شخص، وباتت العتبة الرضوية المقدسة مؤسسة تملك العديد من شركات البناء ومصانع وأراض زراعية وممتلكات في أنحاء البلاد كافة.

بدأت وسائل الإعلام تلقبه بآية الله منذ فترة، وهي رتبة دينية شيعية عالية، كما إنه عضو رئاسة مجلس الخبراء المكلف تسمية المرشد الأعلى، وإقالته، في حال دعت الحاجة. ويعتبر البعض أن رئيسي يطمح إلى خلافة خامنئي.

لماذا ترشح رئيسي؟
ويتساءل المحللون لماذا قدم رئيسي ترشيحه لرئاسة البلاد إذا كان يطمح إلى تسلم منصب المرشد الأعلى يومًا؟. وقال دبلوماسي غربي في هذا الصدد رافضًا الكشف عن اسمه: "في حال خسر الانتخابات سيتلقى ضربة قوية، ما يشكل مجازفة كبيرة من قبله، كما إن جميع الرؤساء في مراحل معيّنة تعرّضوا لانتقادات من قبل المرشد الأعلى".

إلا أن رئاسة البلاد يمكن أيضًا أن تعطيه دفعًا لتسلم المنصب الأعلى، كما حصل مع علي خامنئي، الذي أصبح المرشد الأعلى عام 1989 بعد توليه الرئاسة. 

وقال حامد رضا طرقي العضو في الحزب المحافظ "الائتلاف الإسلامي" إن "رئيسي يعيش حياة متواضعة، ويهتم بالفقراء والطبقات المحرومة، بخلاف روحاني، الذي يبدو ارستقراطيًا مقارنة به". إلا أن معارضي رئيسي ينتقدون انعدام خبرته في الحكم. وقال الإصلاحي سعيد ليلاظ: "حتى محمود أحمدي نجاد كانت لديه خبرة أكثر منه عند تسلمه السلطة".

سيرة ونبذة
ولد "السيد" رئيسي (56 عامًا) في مدينة مشهد المقدسة في شمال شرق البلاد، وهو يرتدي العمامة السوداء لأنه يتحدر من سلالة الرسول والإمام الحسين حسب التقليد الشيعي. وعندما قدم ترشيحه للانتخابات الرئاسية الايرانية المقررة في التاسع عشر من مايو المقبل اكد انه "مرشح كل الايرانيين وكل الذين يريدون العظمة لايران".

على الصعيد الداخلي قال إنه سيعمل للحدّ من نسبة البطالة المتفشية في البلاد، والتي وصلت الى 12.4%، اي يعاني منها نحو 3.3 ملايين شخص. على المستوى الدولي اعلن موقفا معتدلا مؤكدا انه يسعى الى "التواصل مع كل الدول شرط الاحترام المتبادل" ما عدا مع اسرائيل التي لا تعترف ايران بوجودها.

باشر دراساته الفقهية في عمر مبكر في مشهد قبل ان ينتقل عام 1975 الى مدينة قم المقدسة في شمال البلاد. وبعد انتصار الثورة الايرانية عام 1979 دخل سلك القضاء وبات عام 1981 مدعيا عاما في مدينة كرج (50 كلم من طهران) ثم مدعيا عاما في مدينة همدان في غرب البلاد.

بين العامين 1985 و1988 تسلم منصب مساعد مدعي عام المحكمة الثورية في طهران. وخلال هذه الفترة تعرض المعارضون لحملة قمع شديدة، وأعدم المئات، لا بل الالاف منهم، في الوقت الذي كانت البلاد في حرب ضارية مع العراق. عام 2003 عين الرجل الثاني في السلطة القضائية، قبل ان يصبح بين عامي 2013 و2015 المدعي العام للبلاد.

وفي عام 2006 انتخب عضوا في مجلس الخبراء المكلف اختيار المرشد الاعلى للجمهورية واقالته في حال دعت الحاجة إلى ذلك. وبات عضوا في المكتب الرئاسي لهذا المجلس المهم. في عام 2012 عينه المرشد خامنئي مدعيا عاما للمحكمة الخاصة بملاحقة المخالفات التي يرتكبها رجال الدين.